نوعا الرحم
الرحم التي أمر الله بها أن توصل نوعان:
الأول: رحم الدين، وهي رحم عامة تشمل جميع المسلمين، وتتفاوت صلتهم حسب
قربهم وبعدهم من الدين، وكذلك حسب قربهم وبعدهم الجغرافي.
ويدل على ذلك قوله تعالى:
{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ}،
فأثبت الله الأخوة الإيمانية لجميع المسلمين، وقوله:
{فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ}،
قال القرطبي: "وظاهر الآية أنها خطاب لجميع الكفار".
الثاني: رحم القرابة، القريبة والبعيدة، من جهتي الأبوين.
ولكل من هذين النوعين حقوق ونوع صلة.
قال القرطبي رحمه الله:
"وبالجملة فالرحم على وجهين: عامة وخاصة، فالعامة رحم الدين،
ويجب مواصلتها بملازمة الإيمان والمحبة لأهله ونصرتهم والنصيحة لهم،
وترك مضارتهم، والعدل بينهم، والنَّصفة في معاملتهم، والقيام بحقوقهم الواجبة،
كتمريض المرضى، وحقوق الموتى من غسلهم، والصلاة عليهم، ودفنهم،
وغير ذلك من الحقوق المترتبة لهم، وأما الرحم الخاصة وهي رحم القرابة
من طرفي الرجل أبيه وأمه، فتجب لهم الحقوق الخاصة وزيادة،
كالنفقة، وتفقد أحوالهم،
وترك التغافل عن تعاهدهم في أوقات ضروراتهم، وتتأكد في حقهم
حقوق الرحم العامة،حتى إذا تزاحمت الحقوق بدئ بالأقرب فالأقرب،
وقال بعض أهل العلم: إن الرحم التي تجب صلتها هي كل رحم مَحْرَم،
وعليه فلا تجب في بني الأعمام وبني الأخوال،
وقيل: بل هذا في كل رحم ممن ينطلق عليه ذلك من ذوي الأرحام
في المواريث مِحْرماً كان أم غير مَحْرم، فيخرج من هذا أن رحم
الأم التي لا يتوارث بها لا تجب
صلتهم ولا يحرم قطعهم، وهذا ليس بصحيح، والصواب أن كل
ما يشملهويعمه الرحم يجب صلته في كل حال قربة ودينية".
من هم الأرحام الذين تجب صلتهم؟
اختلف العلماء في من الأرحام الذين تجب صلتهم, فقيل هم المحارم الذين
تكون بينهم قرابة بحيث
لو كان أحدهما ذكراً والآخر أنثى لم يحل له نكاح الآخر وعلى هذا
القول فالأرحام هم الوالدان
ووالداهم وإن علو والأولاد وأولادهم وإن نزلوا, والإخوة وأولادهم
والأخوات وأولادهن, والأعمام والعمات والأخوال والخالات.