امراض فصل الشتاء
في فصل الشتاء تكثر أمراض الجهاز التنفسي وتزدحم عيادات الأطباء والمشافي بالكبار والصغار يشكون من
السعال والعطاس والقشع وعسر التنفس، ويتغيب الكثيرون عن أعمالهم وتتعطل مصالح كثيرة! وقبل الخوض
في الحديث عن هذه الأمراض والاعتلالات التنفسية التي تصاحب ظروف البرد والمطر يجدر بنا أن نذكر أن
الجهاز التنفسي في الإنسان يتألف من جزأين تختلف أمراضهما نوعاً وضراوة:
الجزء العلوي:
ويتألف من الأنف والبلعوم والحنجرة والجزء العنقي من القصبة الهوائية وهو الجزء المكشوف والمعرض مباشرة
للهواء الجوي وتغزوه فيروسات الزكام والأنفلونزا وبعض الجراثيم البكتيرية مسببة التهابات الأنف والجيوب
والأذن واللوزتين والحنجرة.
الجزء السفلي:
ويتألف من الجزء الصدري للقصبة الهوائية والشعيبات الهوائية والحويصلات الهوائية الرئوية وتغزوها فيروسات
وجراثيم كثيرة مسببة الالتهابات الشعبية ونوبات الربو التحسسية ونزلات ذات الرئة وغيرها. هناك العديد من اعتلالات
الجهاز التنفسي في فصل الشتاء منها:
*الزكام:
يصيب الجزء العلوي من الجهاز التنفسي وتسببه مجموعة كبيرة من الفيروسات (الرواشح الأنفية) ويتظاهر بعطاس
يكون مصحوباً بانسداد أو سيلان (رشح) أنفي وتنتشر العدوى بالرذاذ. فعندما يسعل المريض أو يعطس فإن أي شخص
يستنشق ذلك الهواء سيكون عرضة للإصابة بالعدوى، لهذا السبب ينتشر الزكام بسرعة كبيرة في أماكن التجمعات
كالمدارس والمكاتب والحافلات. ولذا ينبغي للشخص المصاب أن يغطي فمه أو أنفه عندما تعتريه نوبة من السعال أو
العطاس. وقد تتكرر الإصابة بالزكام مرات عديدة خلال العام، ولا يتحصل المصاب به على مناعة واقية، حيث إن الفيروس
دائم التجديد والتحول، وتستمر عوارض الزكام أسبوعاً في غالب الأحوال بالعلاج أو دونه. وتكمن خطورة المرض في أنه
يجعل المصابين به أكثر عرضة لأنواع أخرى من العدوى، وتتفاقم هذه الخطورة مع كبار السن وأولئك الذين يعانون
اعتلالاً في الرئتين أو الأشخاص ذوي البنية الجسمانية الضعيفة الواهنة، وعموماً لا يتوفر علاج خاص للزكام، وربما
تحسن المريض بالراحة والإكثار من السوائل، وبخاصة العصائر الحمضية الغنية بفيتامين (ج) والأقراص الخافضة للحرارة.
*الأنفلونزا:
وتصيب الجزء العلوي من الجهاز التنفسي أيضاً، وتسببه مجموعة كبيرة من الفيروسات (الرواشح) وتكون أعراضها
أشد من الزكام وقد يصحبها ارتفاع حراري وصداع وآلام عضلية ومفصلية. وقد تمتد إلى أسبوعين ولا تؤدي الإصابة
إلى مناعة دائمة.
ومن المضاعفات الخطيرة للأنفلونزا:
أ- الالتهاب الرئوي الفيروسي (الأولي).
ب- الالتهاب الرئوي "الثانوي" وتسببه المكورات العنقودية.
ج- التهاب الدماغ والسحايا.
د- هجمة ربو شعبية حادة. والأنفلونزا كالزكام لا دواء لها سوى الراحة ولزوم الفراش وبعض العلاجات العرضية.
وقد استحدث مطعوم (لقاح) للوقاية من نوبات الأنفلونزا بإشراف منظمة الصحة العالمية، ويؤخذ مرة في العام مع بداية الشتاء
على شكل حقنة واحدة في العضل ويعطي مناعة لمدة سنة كاملة. والمطعوم مأمون إلى حد كبير وينصح به الأطباء
للأصناف التالية من المرضى:
- الكبار فوق سن الخامسة والستين.
- مرضى الربو القصبي والرشح الأنفي والتحسسي.
- مرضى القلاب (قصور عضلة القلب الناجم عن نقص التروية الدموية).
- مرضى القصور الكلوي.
- مرضى الالتهاب الانسدادي القصبي المزمن.
كما قد يتعاطاه الأصحاء لما له من فائدة في التوقي من نوبات الأنفلونزا أو التخفيف من حدتها على أقل تقدير.
*الربو القصبي:
يعاني قطاع كبير نسبياً من المجتمع الربو القصبي التحسسي حيث تتراوح نسبته في بعض المجتمعات بين 5 إلى 10%
وهو مرض وراثي ينحصر في بعض العائلات دون غيرها ويعاني المصاب به سعالاً وقشعا(بلغم) وعسر تنفس وأزيزاً
تحت تأثير قائمة طويلة من المحرضات (الغبار)،الروائح، النزلات والانفعالات وبعض الأدوية والأغذية ... إلخ.
وتشتد ضراوة المعاناة في فصل الشتاء بسبب استنشاق الهواء البارد المثقل بالجراثيم والفطريات، وقد تكون الهجمة الربوية
خطيرة وربما تؤدي إلى الهلاك. ويلزم هؤلاء مراجعة طبيب اختصاصي في الأمراض الصدرية والربو، والذي بدوره قد يشير
ببعض النصائح العلاجية والوقائية.
*متلازمة الالتهاب القصبي الانسدادي المزمن
حيث تشتد ضراوة أعراض المرضى بهذا الداء الناجم أصلاً عن التدخين، وذلك باستنشاق المريض للجراثيم الفيروسية
والبكتيرية من الجو. ويتظاهر المرضى باشتداد أعراض السعال والقشع وضيق التنفس، وقد يؤدي ذلك إلى عواقب
وخيمة من قصور التنفس أو القلب أو كليهما! وينصح هؤلاء بالإقلاع عن التدخين ومراجعة طبيب الاختصاص وتعاطي
لقاح الإنفلونزا كل عام قبيل الموسم.
*ذات الرئة:
هو التهاب حاد يصيب نسيج الرئة (الحويصلات الهوائية) تسببه جراثيم بكتيرية أهمها المكورات ذات الرئة العنقودية
وأحيانا الفيروسية، حيث يعاني المريض ارتفاعاً حرارياً مفاجئاً يكون مصحوباً بقشعريرة وآلام ذات الجنب وسعال جاف
يتحول مع الوقت إلى سعال رطب ومصحوب ببلغم صديدي يكون أحياناً ممزوجاً بدم.كما يعاني المريض الإعياء فلم يعد
قادراً على القيام بمجهود أو عمل يذكر وبمراجعة طبيب الاختصاص يتأكد التشخيص بصورة الصدر الشعاعية وقد يكون
من الضروري علاج المريض في المستشفى حيث يعطى المضادات الحيوية بالزرق الوريدي للحصول على نتيجة أسرع وأنجع.
عافانا الله وإياكم ووقانا شر كل الأمراض.