السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نحن مع لقاء شيق وممتع مع صحابية جمع الله لها بين سُؤدد الحسب وعز الإسلام مع صحابية صابرة مجاهدة مؤمنة بالله عزوجل كانت تحمل هم الإسلام ليلاً ونهاراً
إكتنفها المجد من كل جانب فأبوها زعيم قريش وسيدها المطاع وأمها أخت والدة حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم
وزوجها الأول أخو أبي سفيان زعيم بني أمية وزجها الثاني أخو خديجة سيدة نساء العرب في الجاهلية وأولى أمهات المؤمنين وابنها حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم
نشأت في بيت سيد قريش وزعيمها وقائدها ورائدها وصاحب السؤدد والمجد والشرف حكيم مكة ورأس الأمر فيها وكانت له سقاية الحاج
تأثرت رضي الله عنها بعوامل كثيرة جعلت من شخصيتها شخصية قوية فكانت رضي الله عنها فصيحة بليغة قارئة عالمة شجاعة فارسة تمتطي صهوة الخيل كأبرع الفرسان وتقاتل بالسيف والرمح كأمهر الشجعان
لما أشرق شمس الإسلام ونزل الوحي على الحبيب صلى الله عليه وسلم وبدأ الحبيب صلى الله عليه وسلم يدعو قومه وعشيرته وأهله إمتثالاً لقول الحق جل وعلا
فقذف الله نور الإسلام في قلبها فأسلمت وكان ابنها قد سبقها إلى الإسلام
ومنذ تلك اللحظة وهي تتعايش بقلبها وجوارحها مع هذا الدين العظيم فنراها تصوم النهار وتقوم بالليل ولسانها لا يفتر عن ذكر الله عز وجل وكانت دائمة التفكير كيف تنصر هذا الدين وماذا تستطيع أن تقدم لخدمة هذا الدين الرائع والعظيم
كانت من الذين هاجروا إلى يثرب مع أبنها ونزلت في رحاب الأنصار الذين وضعوهم في العيون وأغلقوا عليهم الجفون خوفاً عليهم من نسيم الهواء عاشت رضي الله عنها أجمل أيام حياتها في ظل تلك البيئة الإيمانية وبعيداً عن بطش المشركين وتعذيبهم
,,, صفحات مشرقة من جهادها في سبيل الله عزوجل ,,,
كانت رضي الله عنها لها مواقف في أرض الشرف والجهاد لن ينساها التاريخ وستظل تلك المواقف نوراً على الدرب ينير الطريق للأجيال القادمة لتعرف طريق العزة والفداء وكل ذلك وهي تخطو نحو الستين من عمرها الحافل بالعطاء
,,, جهادها في يوم أحد ,,,
ففي يوم أحد خرجت رضي الله عنها مع بعض النساء فكانت تنقل الماء وتسقى العطاش وتبري السهام وتداوي الجرحى وكانت تدعو لجند المسلمين بالنصر على الأعداء لتعلو راية الإسلام خفاقة عالية وكان في تلك الغزوة ابن اخيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخوها " أسد الله " وابنها " حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم "
,,, دفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم .... وصبر على مقتل أخيها رضي الله عنه ,,,
لما انهزم المسلمون وخالف الرماة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالثبات وانفض أكثر الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبق حوله سوى القلائل من أصحابه قامت رضي الله عنها وبيدها رمح تضرب به وجوه الناس الفارين المنهزمين والأعداء المشركين وتقول لهم : " انهزمت عن رسول الله !" فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم أشفق عليها فقال لابنها :" القاها فأرجعها لا ترى ما بشقيقها " فلقيها وقال :
ياأمه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن ترجعي .... فقالت رضي الله عنها :" ولِمَ ؟ فقد بلغني أنه مثل بأخي وذلك في الله عزوجل قليل فما أرضانا بما كان من ذلك فأخبر بذلك لأحتسبن ولأصبرن إن شاء الله تعالى " وعاد ابنها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " خل سبيلها " فأتت رضي الله عنها فنظرت إليه وصلت عليه واسترجعت واستغفرت ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم به ودفن
,,, كانت أول من قتلت مشركاً ,,,
ففي يوم الخندق اجتمعت كتائب الكفر لتقضي على الإسلام والمسلمين ولكن الله عزوجل غالبٌ أمره فسلط عليهم جُند الريح فكفأت قدورهم واقتلعت خيامهم وتبعثروا في الصحراء كتبعثر الفئران وكان لها رضي الله عنها موقفٌ عظيم
لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل نساءه في أُطُمٍ أي " كل حصن مبني من الحجارة " يقال له فارع
قال عروة : " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج لقتال عدوه رفع نساءه في أطم حسان رضي الله عنه لأنه كان من أحصن الآطام ..... فجاء يهودي فلصق بالأطم ليسمع قالت رضي الله عنها "فأخذت عموداً فنزلت إليه حتى فتحت الباب قليلاً فحملت عليه فضربته بالعمود فقتلته " طبقات ابن سعد والمستدرك
وفي رواية " فجاء إنسان من اليهود فرقى في الحصن حتى أطل عليهم قالت رضي الله عنها فقمت إليه فضربته حتى قطعت رأسه فأخذت رأسه فرميت به عليهم " الإصابة
بعد وفاة الحبيب صلى الله عليه وسلم ظلت رضي الله عنها على نهج رسول الله صلى الله عليه وسلم تسير على سنته عابدة صائمة خاشعة لله عزوجل إلى أن جاءت اللحظة التي تنام فيها على فراش الموت بعد عمر مديد حافل بالبذل والتضحية والفداء
ففاضت روحها إلى بارئها جل وعلا لتلحق بالحبيب صلى الله عليه وسلم في جنة الرحمن التي فيها ملا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر
توفيت رحمه الله سنة عشرين للهجرة ودفنت في البقيع ولها بضع وسبعون سنة
رضي الله عنها إنها
,,, صفة بنت عبد المطلب ,,,
فلقد كانت مثالاً فذاً للمرأة المسلمة ربت وحيدها " الزبير بن العوام رضي الله عنه " فأحكمت تربيت وأصيبت بشقيقها " حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه " فأحسنت الصبر عليه واختبرتها الشدائد فوجدت فيها المرأة الحازمة العاقلة الباسلة فرضي الله عنها وأرضاها وجعل جنة الفردوس
مثواها