هذا البيت من قصيدة رائعة للصاحب جمال الدين يحيى بن مطروح قالها بعد أن أطلق سراح ملك فرنسا ريد افرنس ( لويس ) الذي قاد الحملة الصليبية على مصر , وكان كما قال الصفدي : ( أجل ملوك الفرنج , وأعظمهم قدراً , وأكثرهم عساكر وأموالً وبلاداً ) , وكان يقال له الفرنسيس أيضاً وقد أسر في معركة المنصورة بعد أن سلم دمياط للمسلمين , وافتدى نفسه بأموال كثيرة من الأسر . قال اليونيني : ( وفي يوم الجمعة لثلاث بقين من ذي الحجة أحرقت الفرنج أخشابهم كلها وأفنوا مراكبهم , وعزموا على الهرب إلى دمياط , ودخلت سنة ثمان وأربعين وهم على ذلك، فلما كانت ليلة الأربعاء لثلاث مضين من المحرم رحلوا بفارسهم وراجلهم إلى دمياط ليمتنعوا بها وأخذت مراكبهم في الانحدار في النيل قبالتهم , فعدا المسلمون إلى برهم وركبوا أكتافهم واتبعوهم , وطلع الصباح من يوم الأربعاء المذكور وقد أحاط بهم المسلمون وأخذتهم سيوفهم واستنزلوا عليهم قتلاً وأسراً , ولم يسلم منهم إلا الشاذ , فبلغت عدة القتلى يومئذ ثلاثين ألفاً، وانحاز الملك ريدا فرنس والأكابر من أصحابه والملوك إلى تل هناك فوقفوا مستسلمين طالبين الأمان فأتاهم الطواشي محسن الصالحي فأمنهم فنزلوا على أمانه واحتيط عليهم ومضى بريدا
فرنس وبهم إلى المنصورة , وضرب في رجل ريدا فرنس القيد واعتقل في الدار التي كان نازلاً
بها فخر الدين إبراهيم ابن لقمان كاتب الإنشاء , ووكل به الطواشي جمال الدين صبيح
المعظمي ) . ثم إن ريدافرنس سولت له نفسه أن يرجع إلى غزو مصر فكتب له جمال الدين يحيى بن مطروح رحمه الله هذه القصيدة محذراً له من المجيئ إلى مصر مرة أخرى فقال :
قل للفرنسيس إذا جئته .................... مقال حق عن قؤول فصيح
آجرك الله على ما جرى .................... من قتل عباد يسوع المسيح
أتيت مصراً تبتغي ملكها .................... تحسب أن الزمر يا طبل ريح
فساقك الحين إلى أدهم .................... ضاق به عن ناظريك الفسيح
وكل أصحابك أوردتهم .................... بحسن تدبيرك بطن الضريح
خمسون ألفاً لا يرى منهم .................... إلا قتيل أو أسير جريح
وفقك الله لأمثالها .................... لعل عيسى منكم يستريح
إن كان باباكم بذا راضياً .................... فرب غش قد أتى من نصيح
وقل لهم أن أضمروا عودة .................... لأخذ ثأر أو لقصد صحيح
دار بن لقمان على حالها .................... والقيد باق والطواشى صبيح