حقيقة أصوات المعذبين
وهذه أكذوبة لفَّقها أحد الملحدين ربما ليستهزئ بعقول المؤمنين! فالملحد يمكن أن يفعل أي شيء، فهو إنسان بلا دين ولا مبادئ ولا خوف من الله، لنستبين حقيقة الأمر....
هذا سؤال طرحه أحد الإخوة حول الأصوات التي قام بتسجيلها عالم روسي ملحد بعدما نزل إلى مئات الأمتار تحت الأرض، وادعى بأنها أصوات لأناس يتعذبون في النار! فما هي حقيقة هذا الأمر؟
يقول الخبر: إن أحد العلماء في سيبيريا نزل تحت الأرض محاولاً دراسة الصخور على عمق 14 كيلو متر، وتسجيل أصوات تحرك الصفائح الأرضية، وفجأة اخترقت آلة الحفر بعض الصخور وفتحت فجوة وخرجت حرارة شديدة ولهب بدرجة حرارة 1100 درجة مئوية، وهذه الحرارة أكبر بكثير من حرارة قشرة الأرض. وقد قام بتسجيل أصوات صرخات لأناس يتألمون وهم يعذَّبون. وقال الدكتور Azzacove ظننا أن الأصوات التي سجَّلناها جاءت من الأجهزة إلا أنه تبين أنها أصوات لملايين البشر يتألمون، وتبيَّن أننا نحفر في أبواب جهنم!!
وما كان من هذا العالم الملحد إلا أن قام بنشر الشريط الذي سجَّله، وقام بعض علمائنا بتصديقه، ولكن الغريب أن الملحد لم يعلن إسلامه! وقد تلقفت الخبر بعض المواقع المسيحية واعتبروا فيه إثباتاً على وجود جهنم تحت الأرض. كما تلقفته بعض المنتديات الإسلامية واعتبروا فيه دليلاً على صدق عذاب القبر. وقد نشرت الخبر جريدة Ammenusastia الفنلندية.
خبر نشرته صحيفة فنلندية عن اكتشاف جهنم في أعماق سيبيريا من قبل فريق من العلماء الروس برئاسة الدكتور Azzacove الذي يظهر في الصورة، ولكن لم يعترف أحد من العلماء بهذا الاكتشاف، بل نُشر على مواقع مسيحية كدليل على أن نار جهنم موجودة تحت الأرض، ويستخدمون هذا الاكتشاف لإثبات أن ما جاء في الكتاب المقدس المحرف يطابق العلم، وهذا غير صحيح، لأن هذا الاكتشاف العلمي مزيف وغير صحيح، ولا يعلم مكان جهنم إلا الله تعالى.
أحبتي في الله! المشكلة فينا أننا نفكّر بعواطفنا لا بعقولنا، فننساق وراء أي خبر، المهم أن يثير عواطفنا، وأقول إنني أجزم بأن هذا العالم الروسي يكذب، وأن الشريط الذي نشره ما هو إلا تسجيل قام بتلفيقه لكسب بعض الشهرة.
وأنا أقول هذا الكلام لأنه يوجد مثل هذا العالم الكثير، وربما نذكر قصة الدكتور رشاد خليفة الذي قام بتلفيق أرقام وادعى أن القرآن فيه معجزة الرقم تسعة عشر، ومع إيماننا بإعجاز القرآن العددي وأن هناك معجزة تقوم على الرقم تسعة عشر، إلا أن الأرقام التي قدمها رشاد ملفَّقة ومكذوبة وغير صحيحة، فقط ليكسب بعض الشهرة، وقد انكشف أمره عندما ادعى النبوة!
وربما نرى بعض العلماء الملحدين يحاولون تسويق الأفكار الغريبة لكسب الشهرة والمال، ومثل هذه الأعمال لا تجوز، وهي افتراء على الله وكتابه ورسوله، يقول تعالى: (قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ) [التوبة: 65]. لذلك وجب التنبيه من مثل هذه الشائعات التي لا تقدم أي خدمة للمسلمين، سوى استثارة عواطفهم.
يريد العالم الروسي الملحد أن يصور لنا أن جهنم موجودة في باطن الأرض، كما تصورها بعض الديانات، حيث يعتقدون أن الجنة في السماء والنار في باطن الأرض وفيها ثعابين وأن العصاة بعد موتهم ينتقلون إلى باطن الأرض ليعذّبوا في نار جهنم.
وسبب إنكارنا لمثل هذا الخبر هو ما يلي:
1- إن نار جهنم لا يمكن لأحد أن يعلم بمكان وجودها لأن يوم القيامة لم يأت بعد، وقد كشف الله لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حُجُب الغيب في ليلة المعراج وأراه النار وبعض من يُعذبون فيها، (والمعراج كان إلى السماء السابعة إلى سدرة المنتهى وليس إلى باطن الأرض) وهذا من علم الغيب لا يمكن للبشر أن يدركوه وبخاصة الملحدين!
2- إن الملحد يريد أن يصور لنا أن جهنم هي مكان محدود من الأرض لها جدران ويمكن أن نسمع من خلالها، انظروا إلى هذه الصورة البدائية وهي موجودة في بعض المعتقدات، ولكن الله تعالى يقول عن مرحلة ما بعد الموت: (وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) [المؤمنون: 100]. ولم نعلم أن أحداً غير النبي صلى الله عليه وسلم رأى أو سمع أصوات المعذبين في القبر، وهذه معجزة خاصة به، وليس لملحد أن يدعي أنه صاحب كرامات!
3- الحقيقة لم نعلم شيئاً عن هذا الملحد سوى أنه سجل الشريط واختفى، وما هي الحكمة من هذه "الكرامة" لهذا الملحد إذا لم ينتفع بها، ولماذا خصَّه الله بها دون سائر العباد؟ لو كانت هذه القصة صحيحة لكان الأولى بالملحد أن يعتنق الإسلام ولكنه لم يفعل!
4- هل يمكن لآلات التسجيل أن تلتقط الأصوات التي تصدر عن عذاب القبر، ولو كان كذلك لماذا لا تتكرر هذه التجربة؟ وسؤالنا: ما هي مصداقية مثل هذا العالم؟ وهل يمكن رؤية أناس يتعذبون في جهنم قبل يوم القيامة؟ وكيف انتقل هؤلاء الناس مباشرة إلى جهنم ونحن نعلم أن الله سيبعثهم من القبور (الأجداث)، يقول تعالى: (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ * قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ) [يس: 51-52].
5- ما هو الإثبات العلمي على صدق هذا الشريط وهل قام أحد علماء الصوتيات بفحصه لمعرفة أنه ملفق أم لا؟ وكيف يوافق بعض علمائنا على صحة ما في الشريط دون تبيان وتثبّت من حقيقة الأمر، ولمجرد سماع الشريط؟ إن مثل هذه الأمور تسيء للإعجاز العلمي ولا ينتفع بها إلا أعداء الدين فيجدوا فرصة كي يسخروا من عقولنا.
6- تصوَّروا يا أحبتي أن أحد الملحدين يقوم بإحداث ثقب في جدران جهنم، هل يعقل أن نصدق مثل هذا الكلام الساذج؟! صحيح أن عذاب القبر ثابت ومؤكد إلا أن جهنم مجهولة بالنسبة للبشر ولا يمكن معرفة مكانها، وما هذه إلا محاولة للاستخفاف بعقول المؤمنين.
7- إن بعض المواقع المسيحية وجدت في هذا الخبر إثباتاً على صدق الكتاب المقدس (المحرف)، لأن الوصف الذي قدمه عالم الجيولوجيا الروسي مطابق للوصف التوراتي لجهنم. حيث تقدم التوراة المحرفة وصفاً بدائياً لجهنم وهي أنها عبارة عن بحيرة أو حفرة في أعماق الأرض يهوي إليها العصاة ويعذبون فيها.
كثير من المواقع روَّجت لهذه الكذبة الملفَّقة، وحاولوا أن يقنعوا الناس باكتشاف جهنم في الأرض، ولكن لم يعترف أحد من علماء الغرب الموثوقين بهذه الكذبة. وحتى لو استمعنا إلى التسجيل المنشور على مواقع الإنترنت لأصوات "المعذبين في جهنم" نجد بسهولة أنه عبارة عن تسجيل مصطنع ومكرر لصرخات نساء ورجال، ويمكن لأي إنسان أن يصنع تسجيلات مشابهة على برامج الكمبيوتر. للاستماع إلى التسجيل اضغط هنا.
8- هناك الكثير من الأشخاص ومنهم أطباء يدعون أنهم رأوا جهنم، كما جاء في كتاب: الذهاب والعودة إلى جهنم To Hell and Back ووضع فيه مؤلفه شهادات لأناس رأوا جهنم ومنهم من رأى أشخاصاً يتعذبون فيها، ورأى شخصاً يعرفه وناداه ولكن لم يرد عليه، ولكنه خاف وقال "المسيح هو الله"، وكرر هذه العبارة حتى عاد إلى الدنيا... ويحوي الكتاب الكثير من الادعاءات لا دليل على صحتها. ويقول مؤلف الكتاب إنه اقتنع بالمسيحية بعد رؤيته هذه الادعاءات.
ونقول ما هو مدى صدق مثل هذه الكتاب أو الأشرطة، ما هو الدليل العلمي على صحتها، ولماذا لا نجد مثل هذه الأخبار إلا في المنتديات والمواقع غير الموثوقة... الجواب ببساطة هو أن هذه الأخبار مزيفة و غير صحيحة، ولذلك يجب أن نحذر منها.
طبعاً نحن لا ننكر عذاب القبر وأن آل فرعون يُعرضون على النار صباحاً ومساءً بعد موتهم، يقول تعالى: (وَحَاقَ بِآَلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ * النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ) [غافر: 45-46]. ولكن لا ينبغي أن نصدق أي معلومة إذا لم تُدعم بالدليل العلمي، لنبني إيماننا وعقيدتنا على الحقائق وليس على الأوهام. وقد صدق بعض علمائنا هذا الشريط ولكنه تراجع بعد ذلك بعدما تبين لهم كذب هذا التسجيل.
الله أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه