قالت له و هي خائفة تتلفت :
أخاف هذه الخلوة معك ،، الشيطان قد يكون ثالثنا.
قال لها و هو يرنو إليها بطرف يربت على خوفها :
فما بالك بإثنين يكون طُهْر الحب ثالثهما ؟ لا تخافي فإن الملائكة تحفنا من كل جانب.
فاطمأنت لحديثه ، و ركنتْ إلى حبها له الذي يحدثها بأنه محل ثقة و موطن أمان ..
تحادثا طويلا .....
ثم ....
مد يداً مرتجفة ،، و لامس حرير أناملها
فجفلتْ ،، و إنتفضتْ ...
ثم قالت بصوت متهدج :
هذا ليس من طُهر الحب ،، أليس كذلك ؟
قال و هو يزدرد ريقه و ينظر إليها نظرة محمومة : لمْستي لك بريئة ،، لأنك إن ذهبتِ عني و فارقتك ،، فإن سحر اللمسة سيلازمني ليهدهد روحي و يجعلني أحس و كأنك لا زلت معي ، فأصبرُ حتى لقاء آخر ....
قالت مقتنعةً بتبريره :
إذن ، خذ يدي بين يديك ،و دعني أحس بوجودك أيضا و أتجرعك عبر مسامي حتى لا أظمأ في غيابك ...
فأخذته العزة بالدعوة ،،
فتناول كلتا يديها المرتعشة بين يديه ،،
فأستكانت بعد برهة و هجد قلبها الوَجِل ..
ثم قبَلَ يديها ظاهراً و باطناً... قُبْلة سكرى طويلة ،
و دفن وجهه في راحة كفها يمنة و يسرة ،،
و مَرمَغ خديه فيهما ..
فقالت و هي تهيم في خدر اللحظة :
أما زال طهر الحب ثالثنا ؟؟
قال دون وعى و هو يواصل نهمه المفاجيء :
الحب ثالثنا يا سنا الروح.
قالت بعناد يشوبه الحذر و القلق :
أنا أسألك هل ما زال طهر الحب ثالثنا ؟
فسكت ،، يشخص ببصره إلى لا شيء متحاشياً نظراتها التي كانت تبحث عن الطهر في محياه ...
فسحبتْ يديها من بين يديه و تحسست جبينه المتفصد عرقاً ،، فألْفتْه كالمحموم ...
فقالت : ما بك ؟
قال :
دفء اللقيا أذاب متاريس مقاومتي و دكَّ قلاع صمودي فانهارت حصون صبري. أعذريني ..
قالت :
فلنذهب قبل أن يتحول الدفء إلى حمم تلفظ شواظاً ...
و قبل أن تكمل جملتها ،، كان قد أودع قبلة أخرى طويلة على جبينها ..
فأحس بأن روحه تسللتْ إلى جسدها ،،
و أحستْ بأنه قد إندلق داخلها كقطرات الندى الصباحي تتهاوى برفق و أناة على أوراق زهرة.
فقالت و هي تعرف سلفاً الإجابة : و لم هذه... ؟
قال و هو مغمض العينين : أودعك ...
فقالت بعد تنهيدة أخرجتْ أنفاسها كريح السموم تلسع وجهه : أخاف أن تكون الملائكة قد تخلتْ عن الإحتفاء بلقائنا هذا ....
فسكت ...
نادته ،،
فلم يجب
ناداها أيضا في ذات اللحظة ،،
فهو لم يسمع مناداتها له
لم تجب ،،
فهي في خضم مناداتها له ،، لم تسمع مناداته لها
تبادلا النداء ،،
هتافاً و نداءاً ،،
فيرتد النداء و الهتاف كالصدى المكتوم ....
ثم ....
قالت له :
كنا أنا و أنت و ثالثنا طهر الحب ،، فمن كان رابعنا ؟؟
قال و هو يطأطيء رأسه : لا أدري ..