حتى يغير الإنسان الآخرين، فلا بد أن يبدأ بنفسه فيقيرها، ليكون صادقا في زعمه، مؤثرا في دعواه، ولذلك يقول الله تعالى: (ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن االله سميع عليم) [الأنفال/ 53].
من هذا المنطق فإنني أقترح خمس خطوات رئيسة يمكن للمرء بها تغيير نفسه، وقد أسميتها "المدارج الخمس"، وذلك لأنها خطوات متدرجة، يتدرج بها الإنسان في سيره لتغيير نفسه، وهذه المدارج أو الخطوات هي كالتالي:
1- كن جادا وقوم نفسك:
ذلك لأن أي تغيير لا يكون صاحبه جادا فيه فهو تغيير هش لا قيمة له. هذه الجدية ينبغي أن يتبعها تقويم لواقع النفس وذلك من عدة جوانب، لعل من أهمها:
أ*- قدرات الفرد ومهاراته.
ب*- رغبات الفرد وميوله وهواياته.
ت*- الإمكانات المتاحة للفرد (ماديا ومعنويا).
ث*- نقاط القوة ونقاط الضعف.
ج*- الفرص المتاحة والمخاطر المتوقعة.
2- تأمل المستقبل:
بعد تقويم واقع الذات، لا بد له بعد ذلك أن ينظر إلى الأمام، وأن يحدد ما ذا يود أن يكون في المستقبل، ولذا فإن عليه القيام بالأمرين التاليين:
أ*- تحديد الرؤية: الرؤية هي الحلم بالمستقبل أو الصورة التي يرسمها الإنسان لنفسه وما يود أن يكون عليه بعد سنوات عديدة، ولتكن عشر سنوات مثلا.
ب*- تشكيل الرسالة: الرسالة هي عبارة أو أكثر تعبر عن غاية الفرد، وماهيته، وما المجال الذي يود التميز به، والخدمة التي يرغب في تقديمها، والجمهور الذي سيتعامل معه.
3- خطط لنفسك:
بعد أن تتضح الرؤية ويتم تشكيل الرسالة، ويعرف الإنسان غايته وما يود الوصول إليه في المستقبل، فإنه يبدأ بالتخطيط للوصول إلى غايته تلك وتحقيق آماله وطموحاته، وهنا ينبغي تحديد التالي:
أ*- الأهداف المرحلية قصيرة المدى.
ب*- الوسائل الموصلة إلى هذه الأهداف.
ت*- الأنشطة مع برمجتها زمنيا.
ث*- السياسات الحافظة والضابطة للأهداف والبرامج.
4- ابدأ التغيير متوكلا على الله:
إذ أن آفة كثير من الناس أنهم يترددون كثيرا في تنفيذ ما يخططونه لأنفسهم، لذا ينبغي أن يعزم الإنسان على بدء تنفيذ الخطة، وأن يتوكل على الله ولا يتردد، كما قال الله تعالى: (فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين) [آل عمران/ 159]. وينبغي كذلك أن يهيىء المغير لنفسه ويوفر كل ما تستلزمه الخطة من إمكانات بشرية أو مادية أو معنوية.
5- قوم وعالج واستمر:
حيث أن واقع التنفيذ قد لا يتطابق مع الخطط المرسومة، لذلك ينبغي يراقب الإنسان أداءه، ويقوم واقعه بعد بدء التنفيذ، ثم يتعرف على الفجوة بين الواقع الحالي الأمل المنشود.
وبعد كل ذلك فإن على المغير لنفسه أن يصلح كل اعوجاج، وأن يعالج كل انحراف، مع الاستمرار ومواصلة السير حتى يتم التغيير المنشود.
وقبل هذا وذاك ينبغي للإنسان أن يكثر الدعاء والاستعانة بالله تعالى ليرزقه التوفيق والسداد، ولييسر له طريق التغيير، فالموفق من وفقه الله، والخاسر من خذله الله.