قرأتُ من سنوات على النت قصيدة للشاعرة
شريفة السيد بعنوان (سيدة الحزن الجميل )منها :
أنا يـا سيـدي امـرأةٌ تعلَّمَتِ ارتـداءَ الصَّبـرْ
تُرمِّـمُ صَـدْعَ دفترهـا وتنقُشُ همهمات الحِبْـر
بريقُ الضَّـوءِ أعْيُنُهـا ملامحُها قصيدةُ شِعْـر
تُوزِّعُ حكمـةَ القدِّيـسِ في أعْتىَ فصولِ القهـر
تُخيِّـطُ ثـوب طِفْلِتهـا وتُشعِـلُ قلبهـا للقِـدْر
ترى الأيـامَ عصفـوراً تبللَ في ميـاه العُمْـر
* *
أنـا امـرأةٌ يُعذِّبُـنـي بكاءُ الطفل في شَجَـنِ
ويأسِرُني الندى المذبوحُ لو مـرَّتْ بـه مُدنـي
ويذْبُـلُ وردُ أنفاسـي إذا ما ضمَّنـي حَزَنـي
طرْبتُ؛ فخانني زمنـي وطيفُ الحُبِّّ خادَعَنـي
فصادقتُ اعتمال الجَلـدِ والجـلاَّدِ فـي بدنـي
* *
أنا امرأةٌ تشـمُّ عبيـرَ واحِـدِهـا إذا رَحَــلا
تُلامسُ نبضَهُ بالـرُّوحِ ترفضُ عنـده الجَـدََلا
تُخطِّطُ حاجبيهـا كـيْ يكـونَ البـدْرُ مُكتحـلا
تُحبِّـكُ ثـوبَ فِتْنَتِهـا لكـيْ تستقبـلَ البطـلا
أنا امرأةُ العذابِ المُـرِّ حيـن حَسِبْتُـهُ عَسَـلا
* *
أنا اللص الـذي سـرق ابتسامة فجريَ الدَّامـي
وأحْـرَقَ مـا بداخلهـا رمـادًا صـار قُدَّامـى
وبَعْثرُه بريـحِ العُمْـرِ ضاعتْ نصـف أيَّامـي
وحنَّط نصفَهَـا الثانـي وسَرْبـلَـهُ بـآلامـي
وضلَّلْـتُ الذيـن أتـوا لحفل طقوسِ إعدامـى
* *
أنـا امـرأةٌ معلـقـةٌ كأنِّي الثوبُ في المِشْجَبْ
حملتُ همـومَ أوطانـي فما أشقى وما أصعـبْ
يحارُ الناس في أمـري فدرْبي شائـكٌ مجـدبْ
كناي أَخـرس جسـدي يسيرُ بقلبـيَ المُتْعَـبْ
فهلْ سيظـلُّ ذا قـدَري يؤرِّقني المدى الأرحَبْ؟!
* *
أنا امرأة ُالقصيدِ البكْـر مُنْفـرطًـا ومـوزونـا
حملتُ الشعر في جنْبـيّ فتـانـاً ومفـتـونـا
فحوَّلني كطَمْـى النيـلِ بـالألـوان معجـونـا
طمعـتُ بكـل أَسـوَدِهِ فبـتُّ العمـرَ مطعونـا
ولمْ يك ُغير هذا اللـونِ في الألـوان معجونا
فأوحت لى بكتابة قصيدتي التالية:
هذا أنا سيدتي
أنـــا رجـــلٌ رأى وجــهــــاً يعطره ُأريجُ الطّهْـــــــرْ
وقلبــــاً ينثــــرُ الأشعـــــارَ طازجة ً كنور الفجـــــرْ
بهـــا الآلام قــــــد غَنـَّـتْ بها الحزنُ الجميلُ البكـرْ
رأي زرعـــاً ومــــــاءً في زمانٍ سادَ فيه القَفـْــــــرْ
رأي ضـــوءاً يُسرْبلــُــــــهُ فأيقـــنَ أنَّ ذاك البـــــدرْ
****
أنا رجلٌ تجــــاوزَ عمــــرُهُ السبعيــــــن .. مــنْ زمنِ
تمرّدَ قلبُـــهُ المشـــــــوىُّ بالأفـــــــراح والمحــــــــنِ
فلا الأحـــزانُ تزعجـــــهُ ولا شيخـــوخـة البـــــــدنِ
أســــــامر مَــــنْ يقابـــلنى وأرقصُ حامـــــلاً كفنــــى
سمعتُ "يمامــــــة ً تشدو فحــــرَّك شـــــدوُها شجنى
****
أنا رجـــلٌ عشقــتُ الشعرَ موزونــــــاً ومكتمـــــــــلا
أشمُّ عبيــر مَنْ أوْحـــــتْ ليَ الأفكــــــارَ والجُمَـــــلا
وأهدى وَرْدهــا النــاريّ َ في أغصــــانـــــهِ القُبَــــلا
إذا ارتعشــــتْ عواطفـُهــا سقتنى الحبَّ والعســـلا
أراها في حــروفِ الشعر بـــــدراً يرفضُ الجـــدَلا
****
أنا رجـــلٌ يراكِ اللـصَّ يســـــــــرقُ كلَّ آلامــــــى
يُبعثرهــــــــــــــا ويحييني فَـــتِيـــًّـا.. بعــــد إعدامي
ويُنْبتُ في خريف العمر أزهــــــــــــاراً بأيــــــــامى
أتى في غفــــــــــلةٍ منىِّ يداوى قلْـــبيَ ال،دَّامــى
ويطفو وهْو لا يـــــدري علي أمـــواج أحـــــلامي
ففي ليــلي وفي صبحي أراكِ الّلصّ ..والحـامي
****
أنا رجـلٌ طربتُ لـنايـِـكِ الـموصـوفِ بالأشْهــبْ
وطول العمر أبحث عن بحــــور الشعر كى أشربْ
فما بحــرٌ روى عطشي ولا نـــــايٌ له أطْــــــربْ
ولما ســــــافرتْ روحــي لأفْــقِ عطــائِكِ الأرحبْ
رجعتُ ألملمُ المــــاضي لأصلبـــهُ علي المشجبْ
فلا شعــرٌ .. ولا نـــــايٌ فبعـــدكِ ليس لي مَطلبْ
****
أ نا رجــــلٌ يحبّ الطّمْيَ بالألــوان معجـــــــــــونا
فكم طرحتْ لنا الألوانُ برقوقـــــاً وزيتــــــــــــونا
وفي أحشاءِ هذا الطمْيِ نلقي الخيــرَ مدفــــــونا
ونلقي صَمْتكِ المسكون بالآهــــات مشحــــــــونا
فهل في صمتكمْ مـــأوى لأبقي فيــــــه مسجــــــونا؟
فإن الصمــــت أبلغُ مِــنْ حديثٍ جــــــاء مَدْهــونا
شعر :سعيد حسين القاضي