يوم واقعي.
بدأ يوم عادي كعادته من الأيام بصباح مشرق وشمس تلعلع في كبد السماء بنسيم هب الصباح ليحمل يوما جديدا بالنسبة للآخرين ويوما دامع حزينا بالنسبة لهولاء الخمسة .
هن خمسة أصدقاء سكينة سميةمريم شيماء سناء
جمعتهن الصداقة والفت بينهن واتخذت منهم مسكنا لا تتركه وموطنا تعجز عن فراقه فلا تراهن إلا وهن متعانقين صباحا يتبادلن القبلات الصباحية ولا تراهن إلا وهم مفارقون مساءا يعدون بعضهم باللقاء غدا وطبع مع سيل من القبلات المسائية.
في هذا اليوم اجتمعوا كعادتهن صباحا ولكن ملامح الحزن كانت مرسومة على وجوههن فهذا اليوم سيفترقن فراق ربما قد يلتقين بعده وربما لا.دخلوا القسم وكأنهم مادخلن فقلوبهن هناك تتجول مع الصداقة في عالمها .ينظرن إلي بعضهن ربما قد تكون النظرة الأخيرة هكذا قضين معظم حصصهن هائمين في عالم البكاء والحزن والولع وكن يتمنون لو أن هذا اليوم يطول ويطول ولكن عقارب الساعة تخدعهن ومر الصباح سريعا وأقبل المساء ليدخلن لأعز حصة ينظرون كل دقيقة إلى ساعاتهن ولكن عقارب الساعة تسرع وتزيد من سرعتها . دخلوا الحصة الأخيرة ليلقوا أول سيل من العبرات وليس آخره.
هاهي الساعة قد قاربت بدأت القبلات ثم العناق ثم زفرات الضلوع ودق الجرس ليزيد من كأس الحزن وشرب الأصدقاء من كاس الفراق حتى الثمالة .وهاهم يفترقن فراق جسد لا فراق روح ودائما أقول من السهل على الإنسان أن ينسى نفسه ولكن من الصعب أن ينسى نفسا سكنت نفسه.
ولكن لم اقتنع بفراقهن ورؤية الدموع تنهمر من أعينهن بل قررت زيارتهن في منازلهم لأرى ماذا حدث بعد فراقهم ماذا حدث بعد زفرات الضلوع وكثرة الآهات بعد سيل الدموع وبحر العبرات بعد فراق الأرواح بعد نزيف القلوب .
وقررت البدء بسكينة فدمعتها جفت ولجأت إلى دمعة القلم القلم الذي يعبر عن حياتها بصدق وعن حزنها بدم وعن ألمها بالعبرات .دخلت وجلست انهال عليها شريط من الذكريات الحزينة والمؤلمة فرات أمامها قلمها الأزرق يدعوها لمشاركة أحزانها فإذا بها تسرع إلى ورقاتها ذات البياض الناصع وهو قلمها بدأ يدون جرح القلب وشجون الفراق وبكاء الإحساس بدأت تكتب بأسلوب الأدباء الفائق الوصف حكايتها مع الفراق ودمعته سأتركها تبدع ما شاء لها الله وتفارق ماشاء الله لها ان تفارق وتنتحب على صديقتها ماشاء الله لها ان تنتحب وسأنتقل إلى سمية تلك الفتاة المرهفة الأحاسيس العصبية المزاج العالية الأخلاق.
وصلت إلى البيت بمقلتين دامعتين بقلب أسره الفراق قبل أن يأسره الزمان ولها أن توقف دموعها فهي فد فارقت روحها قبل أن تفارق جسدها طرقت الباب ولكن أين الإبتسامة التي لم تفارق شفتيها أين تلك القبلة التي كانت تطبعها على وجنتي أمها قبل الولوج إلى الغرفة لقد تركت كل شيء في مدينة الصداقة هناك.
أما مريم فلا أعلم ما فعلت سوى أنها دخلت إلى غرفتها وأغلقت الباب لتخلو إلي نفسها :فالخلوة هو الحل الأفضل للخروج من المشاكل
أما شيماء فلجأت إلى القرآن فهو دواء الصدور وشفاء الأحزان فبمجرد دخلوها حتى ذهبت إلي مكتبتها وأخذت القرآن الكريم وذهبت إلى الغرفة لمجاورة تتلو ما يسر الله لها من الكتاب الحكيم.
أما سناء المسكينة فقد زادت من جروح قلبها بفراق أصدقائها فهي دخلت إلى البيت دون أن تلق السلام على أمها بل دخلت إلى غرفتها وأغلقت الباب وراءاها وأسرعت وارتمت على فراشها وانكفأت على ذاتها وبكت ونحبت وألقت اللوم علي هذا الزمن الغادر .
الشيء الوحيد الذي تستطيع اللجوء له هو دفتر الذكريات ولكن هذا الدفتر يزيد من دموعها وآلامها دموعا وآلما .سأتركها تتجول في ذكرياتها ماشاء الله أن تتجول وتندب ما شاء الله لها أن تندب .
وأدعو الله أن يجمع شملهن ويمدد صداقتهن فلترفعوا أيديكم بالدعاء .