الحمد لله أحمده تعالى على جزيل إنعامه وإفضاله ، وأشكره على جليل إحسانه ونواله ، وله الحمد على أسمائه الحسنى وصفات كماله ونعوت جلاله ، وله الحمد على عدله قدرا وشرعا ، وله الحمد في الآخرة والأولى وهو الحكيم الخبير ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، الملك الحق العلي الكبير ، تعالى في ألوهيته وربوبيته عن الشرك والوزير ، وتقدس في أحديته وصمديته عن الصاحبة والولد والولي والنصير ، وتنزه في صفات كماله ونعوت جلاله عن الكف والنظير ، وعز في سلطان قهره وكمال قدرته عن المنازع والمغالب والمعين والمشير ، وجل في بقائه وغناه عن المطعم والمجير ، فسبحانه ما أعظمه وأحلمه ، وما أجله وأكمله ، عليه توكلت وإليه أنيب ، وهو حسبي ونعم الوكيل .
من أين أبدأ والمحامد كلها
لك مهيمن يا مصور يا صمد
احترت في أبهى المعاني أن تفي
بجلال قدرك فاعتذرت ولم أزد
الحمد لله على جزيل العطاء ، مسدي النعماء ، كاشف الضراء ، معطي السراء .
الحمد لله عالم السر والجهر ، الحمد لله عالي القهر والقدر ، الحمد لله المتكفل بالأقوات ، المدعو عند المدلهمات ، المطلوب عند كشف الكربات ، المرجو في الازمات .
الحمد لله على كل نعمة أنعم بها ، وعلى كل بلية صرفها ، وعلى كل أمر يسره ، وعلى كل قضاء قدره ، وكل مكره كفاه ، وكل حادث لطف فيه .
الحمد لله كم أعطى من النعيم ، وكم منح من الخير العميم ، وكم تفضل به من النوال الجسيم ، عمت نعمه ، وانصرفت نقمه ، وتضاعفت كرمه .
الحمد لله على تمام المنة ، والحمد لله بالكتاب والسنة ، الحمد لله على نعمة الإسلام ، وتواتر الإنعام ، توالت أفضاله ، عم نواله ، حسنت أفعاله ، تمت أقواله . الحمد لله مولي الجميل ، واهب العطاء الجزيل ، شافي العليل ، المبارك في القليل ، أجود من أعطى وأصدق من أوفي .
يا غافلا عن إله الكون يا لاهي
تعيش عمرك كالحيران كالساهي
ارجع إلى الله واقصد بابه كرما
والله والله لا تلقى سوى الله
من قبلة فهو المقبول ، ومن حاربه فهو المخذول ، ومن التجأ إليه عز ، ومن توكل عليه كفاه ، ومن أطاعه تولاه ، ومن نازعه قمصه ، ومن بارزه حطمه ، ومن أشرك به أحرقه ، ومن ناده مزقه .
فو الله لو وضعنا من الدمع قصة
وصار كتاب الحب بالدم يكتب
وسرنا على الأجفان نمشي محبة
على النار نشوى أو على الجمر نسحب
لما بلغت ما تستحق جهودنا
فكل ولو نال المشقة مذنب
وأشهد أن محمد رسول الله ، النبي الخاتم ، والإمام المعصوم ، والأسوة الحسنة ، والقدوة المثلي ،شرف الحواضر والبوادي ، وزينة النوادي ، أعظم هادي ، وأفضل حادي :
يا طريدا ملأ الدنيا اسمــه
وغدا لحنا على كل الشفاه
وغدت سيرته أسطـــورة
يتلقـــاها رواة عن رواه
ليت شعري هل درى من طاردوا
عابدو اللات واتباع مناه
هل درت من طاردته أمه
هبل معبودها شاهت وشاه
أما بعد :
فعنوان رسالتي . . . (( أما بعد )) . .
وأما بعد . . وأما قبل ، فلله الأمر من قبل ومن بعد ، ليس لنا من الأمر شئ ، وليس لنا مع قدرته حول ، وما عندنا لأمره رد ، وما لنا في قضائه حيلة ، وما لدينا مع قدرته تدبير ، هو الفعال لما يريد ، ونحن العبيد ، إن تشرفنا فالطين أصلنا ، وإن افتخرنا فالتراب مردنا ، وما لمن خلق من ماء مهين أن يشمخ بأنفه ، أو يزهو بعلمه ، أو يعجب برأيه :
يا أنت يا أحسن الأسماء في خلدي
ماذا عرف من متن ومن سند
تقاصرت كلها الأوصاف عندكم
لما سمعنا ثناء الواحد الأحد
والله لو أن أقلام الورى بريت
من العروق لمدح السيد الصمد
لم نبلغ العشر مما يستحق ولا
عشر العشير وهذا غاية الأمد
يا رب ، يا حي ، يا قيوم ، يا لطيف ، أنت الكامل وأنا الناقص ، أنت الغني وأنا الفقير ، أنت القوي وأنا الضعيف ، أنت الحي وأنا الميت . أصابع الذنوب تشير إلى الغفار . وألسنة الفقر تدعو الغنى . وأكف الضعف ترفع للقوي .
الميت يمدح الحي القيوم .
الغريق ينادي : يا ذا الجلال والإكرام .
الكلمات والإشارات عاجزات .
البيان والبلاغة والتعبير تعلن التقصير .
لا يعلم ما يستحق إلا هو .
لا يحيط بعلمه سواه .
لا يقدره قدره إلا إياه .
لا يحسن الثناء عليه غيره .
إن قدسته أو سبحته أو مجدته فهو الذي علمني . إن حمدته أو كبرته أو وحدته فهو الذي ألهمني . إن عبدته أو شكرته أو ذكرته فهو الذي أكرمني .
صفات المدح في الكاملين ذرة من كماله ، ونعوت الفضل في الأبرار نفحة من أفضاله ، ألسنة المادحين وأقلام الواصفين حائرة في جلاله ، من أنا حتى أمدحه ؟ من أنا حتى أمجده ؟ من أنا حتى أثني عليه أنا الذي خلق من تراب أصف الملك الوهاب ؟ أنا الذي صور من طين أذكر جلال العالمين ؟
إن الخجل يملأ فؤاد من خلق من ماء مهين ، إذا قام يشدو بأوصاف أحكم الحاكمين ، اللهم إن أشرف تاج أحمله تمريغ أنفي على التراب لجلالك ، اللهم إن أعظم وسام أحمله وضع جبهتي على الأرض لعبوديتك .
أنا الظالم لنفسه المعترف بتقصيره ، المقر بذنبه ، وأنت الجواد الماجد الغني الحميد ، عز جاهك ، وجل ثناؤك وتقدست أسماؤك . ولا إله غيرك .
قد كنت أشفق من دمعي على بصري
فاليوم كل عزيز بعدكم هانا
يا الله سجد وجهي لك ، يا الله خشع سمعي وبصري لك ، يا الله رغم أنفي لك ، يا الله ذلت رقبتي لك ، يا الله وجل قلبي منك ، يا الله اتجهت نفسي اليك ، يا الله حسن ظني فيك ، يا الله طاب الحديث عنك ، يا الله كمل التوكل عليك .
اليك وإلا لا تشد الركائب
ومنك وإلا فالمؤمل خائب
وفيك وإلا فالغرام مضيع
وعنك وإلا فالمحدث كاذب