![](http://up1.m5zn.com/photo/2009/2/7/01/eu1qr7fyh.gif/gif)
كثير من الناس تُرسَل إليهم ـ بين يدي موتهم ـ رسائل عدة .. تنذرهم بدنو الأجل .. واقتراب مفارقة الأهل والأحبة .. وما قد جمعهوه من زينة الدنيا وزُخرفها وحطامها .. ومع ذلك تراهم ـ قد غرهم طول الأمل ـ غافلين ساهين لاهين عن هذه الرسائل .. وما تحمله لهم من دلائل ونذُر وأخبار ومفاجآت!
البلاء له غايات ومقاصد عدة منها: تذكير الساهي واللاهي والمقصر باقتراب الأجل .. عساه أن يستدرك ما قد فاته؛ فيبادر إلى التوبة النصوح، والإكثار من العمل الصالح .. وما أقل هؤلاء الذين يتنبهون إلى ذلك!
كم هم هؤلاء الذين تنزل بساحتهم أمراض معضلة قاتلة .. لا فكاك منها إلا بالموت .. ثم هم مع ذلك تراهم يخططون لمشاريع مستقبلية قد تستغرق من صاحبها قرناً كاملاً .. ساهياً أن بينه وبين الموت أشهراً وربما أياماً أو ساعات!
كم هؤلاء الذين يعلوهم الشيب .. وتُقارب أعمارهم الستين أو السبعين .. ثم ترى أحدهم لاهياً ساهياً .. يخطط لدنياه .. ساهياً عن آخرته .. وكأنه لم يتجاوز العشرين من عمره .. وفي الحديث:" أعمار أمتي بين الستين والسبعين "!
في كل يوم نودع قريباً أو حبيباً .. فنقول عنه: قد كان بيننا .. وقد كان كذا وكذا .. رحمه الله .. وأحدنا يلهو ويلعب .. ناسياً أنه يوماً من الأيام ـ قد يكون قريباً ـ سيكون من المودَّعين .. ويُقال عنه قد كان بيننا .. وقد كان كذا وكذا .. رحمه الله!
مثلنا والموت .. مثل طابور من الناس الكل ينتظر دوره الذي لا مردَّ له .. في كل يوم يزور الموت هذا الطابور فيقتات منه ما شاء الله له أن يقتات ويأخذ .. وفي كل يوم يمضي من أعمارنا يقربنا مسافة ـ الله أعلم بقدْرها ـ من هذا الزائر الذي لا يُمكن رده ولا تأجيله .. إلى أن يأتنا الدور .. ويقع المقدور .. وتتوقف الآمال والمشاريع .. ويحصل الفراق .. وتلتف الساق بالساق .. ويكون يومئذٍ المساق إلى الله .. فهلاَّ أعددنا لهذا اليوم عدته؟!
عندما اقترب أجل النبي المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه .. أنزل الله عليه سورة النصر، وأمره فيها بالإكثار من التسبيح والاستغفار استعداداً للرحيل والقدوم على الله ، فقال تعالى: فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً النصر:3. والنبي قد غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر .. فكيف يكون الحال مع المقصرين من أمثالنا .. إنا لله وإنَّا إليه راجعون .. ولا حول ولا قوة إلا بالله!
منقول من كتاب قطوف وخواطر