سكتت دواوين الشعر
وكف الشعراء عن الكتابة
طُويت صحفٌ ملؤها الدماء
والإذاعات تبث الاكتئابا
والجماجم فاغرة الأفواه
تسأل السماء عن فعلها
أهو جريمةٌ, أم عقابٌ
ما ذنبي ..
وأنا الذي من رحمه ولدت الحضارات
وأورثت الإنسانَ الكتابا
كنت لقوانين الدنيا أبا
واليوم أصبحت لذابحيها محرابا
في الأمس تسلقت السماء جنائني
واليوم تعيث بي وحوش الأرض دمارا وخرابا
تحزب أعداء الحياة في ذبحي فرقا
وفرقوا بيت أهلي مللا وأحزابا
أجرمتم بروعة التاريخ
وروعتم التاريخ بجرمكم
وسيجزيكم التاريخ شرَّ ثوابا
خاب زرعكم ما سقيتموه دما
بل ستحصدون ما زرعتم، يوم كشف حسابا
فلتسلم داري، وقلبها يحمل دار السلام لقبا
وقلعة الأسود وأجملها ألقابا
ذهب الزمان، لك الخلود ولغيرك ذهابا
***
يا أبناء جلدي, لي فيكم أكثر من عتابٍ
متى اتخذتم من أخوتكم أعداء
ومن أعدائكم أصحابا
يا من جبتم الأرض شرقا ومغربا
أوجدتم مثل أرضي أرضا
أو مثل أعنابي أعنابا
ستعانقوا ، مثلكم مثل الرافدين
يتقاربان بعد ابتعادٍ
ليتعانقا بعد اقتراب
أغفلتم كم تسللت الأمجاد أبوابي
تارة جيئةً، وأخرى ذهابا
وهي، وإن طال غيابها
لا بد أن تطرق يوما الأبوابا
لا بد أن تطرق يوما الأبوابا
***
أنا العراق
وهل في الدنيا غيري عراق
أنا التاريخ
وأنا الذي أرسم له سياقا
أنا الغد
ولن يكون غدي إلا براقا
سل النخيل عني
سيجيبك سعفه والأوراق
سل الميدان عني
سيجيبك الأعداء قبل الرفاق
***
سيوفي الزمان لي عنده دين
وسيكون لي معه سباق
سيرحل الحزن
وسأوقع معه طلاقا
وسأعقد على الفرحِ قراني
فقد أوفيته من دمي
أكرم صداقا
وسيرجع أهلى
ويحضرون عرسي
ويشبعونني عناقا
***
لا يعلم الإنسان معنى الذكرى
إلا من فقد رفاقا
ولا يعلم الإنسان معنى الود
إلا بعد شقاقْ
ولا يعلم الإنسان معنى الاشتياق
إلا بعد فراق
ولا يعشق الإنسان وطنا