السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
ان الحمد لله
نحمده و نستعينه و نستغفره
و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا
من يهده الله فلا مضل له
و يضلل فلا هادى له
الحمد لله المستحق لجميع أنواع العبادات
لذا قضى ألا نعبد إلا اياه
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
و هو القاهر فوق عباده العزيز الرحيم
و أشهد محمداً عبده ورسوله
و صفيه و حبيبه
جاء بالدين الوسط
و حذر من الزيغ و الشطط
و تركنا على المحجة البيضاء لا يزيغ عنها الا هالك
الصراط المزهر المنير
أرفع الأنبياء مكانا ،
لبنة تمامهم
و مسك ختامهم
فاللهم أجزيه عنا خير ما جازيت نبى عن دعوته
و رسولا عن رسالته و صلى اللهم و سلم
و زد بارك عليه و على آله و صحبه الكرام
و من تبعه و تمسك بسنته و اقتفى أثره الى يوم الدين
أما بعد
أحبتى فى الله نحن اليوم على موعد مع أمام النبين
و سيد المرسلين و خاتم المرسلين
محمد بن عبدالله النذير البشير
الصراط المزهر المنير
نحن اليوم على موعد معا
لنواصل رحلتنا الطويلة التى بدأنا بها فى لقاؤنا الماضى
مع سيد المرسلين
محمد صلى الله عليه و سلم
و كنا قد تركناه فى اللقاء الماضى
فى غزوة احد
وفيها يخالف فيها المسلمون أمر النبى صلى الله عليه و سلم
تلك الغزوة التى يغشى فيها على النبى و تكسر رباعيته
فيها ألقى المسلمون السيوف و الرماح
لأنه قد شاع خبر وسطهم بأن محمد قد مات
و هنا ملحظ جميل لابد من عدم تصديق كلام الاعلام
لأنه يشارك فى الحرب و له دور فى نشر الاكاذيب لسبط عزيمة الاسلام
سرت الشائعة فى قلوب المسلمين كسريان النار فى الهشيم
فألقوا السلاح
حتى أن أنس بن النضر مر عليهم فقال لهم لماذا لا تقاتلون
قالوا لقد مات رسول الله !!
فلماذا نقاتل ؟؟
فقال و اسمعوا الى القول
قال
قوموا فموتوا على مات عليه رسول الله
و خاض انس المعركة مقبل غير مدبر فقابله سعد فقال
له يا سعد انى لأشم رائحة الجنة دون أحد
و قتل شهيدا فى سبيل الله
و كان بدنه به بضع و تسعون طعنة ..
ما بين ضربة سيف و طعنة رمح كلها فى صدره ليست فى ظهره
ومن كثرتها ما عرفوه
ما عرفته إلا أخته ببنانه
نهاية المعركة
قام الرسول صلى الله عليه و سلم بعملية انسحاب إلى شعب الجبل
ولم تكن تلك العملية بالعملية السهلة
بل احتدم القتال فيها حتى آخر لحظة
وانشغل صناديد قريش بتشويه الشهداء
أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد انتهى إلى مقره فى الشعب
فشرب وغسل جرحه
وأقبل أبو سفيان قبيل انصراف المشركين معلنا شماتته
وواعده المسلمون الملاقاة ببدر فى العام التالى
ثم بعث النبى صلى الله عليه وسلم عليّا للتثبت من موقف المشركين
فوجدهم انصرفوا
فألتفت المسلمون إلى تفقد الجرحى ودفن الشهداء
وقبل أن يغادر الجيش أرض المعركة وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه
يدعون ربهم ويثنون عليه
ثم قفلوا راجعين إلى المدينة
فباتوا ليلتهم
وفوجئوا فى الصباح برسول الله يدعوهم للخروج فى إثر قريش
فساروا حتى بلغوا ثمانية أميال من المدينة ثم عسكروا
وسمى هذا الخروج بغزوة حمراء الأسد
والتى تعتبر تتمة لغزوة أحد
أحبتى فى الله
غزوة أحد كلها دروس للمسلمين فى الحاضر...
ثم يعود الكفار من جديد فى غزوة الأحزاب
و تجتمع جموع الكفر بالجزيرة العربية
و يتحالف معهم يهود بنى النضير و بنى قريظة
بالمدينة
بدأت الغزوة بمكيدة يهودية دنيئة
تجمع المشركون من قريش والعرب على إثرها وتوجهوا لمهاجمة المدينة
وعلم الرسول صلى الله عليه وسلم بنيتهم
فأجتمع بمجلس شوراه ليحسم أمره
وهناك كانت المشورة بحفر الخندق
وتحمل المسلمون مواجهة المشاق لإتمام حفره والتغلب على تثبيط المنافقين
ووصلت جموع المشركين الزاحفة لاستئصال المسلمين
ففوجئت بما لم تحسب فحاصرت المدينة إلى حين
ولم تستطع أن تداهمها وإن لم يمنع ذلك من حدوث بعض قتال عبر الخندق
لكن الله كتب لينصرن نبيه و الذين معه
و يمكرون و الله يمكر و الله خير الماكرين
وفى هذه الظروف الخانقة فوجئ المسلمون بخيانة يهود بنى قريظة لهم
ومحالفتهم لعدوهم فأصبح جيش المسلمين
فى حرج كبير لإنكشاف ظهره
وهنا ساق الله تعالى لهم فرجا ومخرجا بحيلة لنعيم بن مسعود فخرجوا من أزمتهم
وبقى الجيش المشرك متربصا حتى أجلاه الله عز وجل
بريح شديدة سخرها عليهم فكانت نهاية المعركة
و هزمت الأحزاب بإذن الله
الله أكبر الله أكبر
هزم الأحزاب وحده
و نصر عبده
و يقول النبى صلى الله عليه و سلم
"الآن نغزوهم ولا يغزونا، نحن نسيرإليهم"
هكذا كانت كلمات النبى صلى الله عليه وسلم
بعد ذهاب الأحزاب وجلائهم عن المدينة
وهكذا كانت بشارته
ثم تجهز النبى لآداء العمرة فى جمع من المسلمون
قوامه عشرة آلاف مسلم و تطلب قريش الهدنة
أحبتى فى الله
لأى ملك من ملوك الأرض تغدو الهدنة فرصة للراحة والاسترخاء
أو فسحة للاستمتاع بطيب العيش وملذات الحكم
أما لنبى عظيم كمحمد صلى الله عليه وسلم
فإن الهدنة تصبح فرصة لمحاربة ذيول الكفر بعد سكون رأسه
وفسحة لتدعيم أركان الإسلام بدولة المدينة
ودعوة فى أرجاء الأرض
وهكذا ما إن عقدت الهدنة
حتى أخذ النبى الكريم صلى الله عليه وسلم
فى مكاتبة الملوك والأمراء فى سائر أنحاء الدنيا
وظل الجهاد فى تلك الفترة متصلا
فقد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بغزوة الغابة
أو غزوة ذى قرد ثم تلاها بغزوة خيبر
وبفتحها استراح المسلمون من جناحى البغى والكفر قريش واليهود
ولم يبق أمامهم سوى الجناح الثالث
جناح الأعراب الذين هم أشد كفرا ونفاقـا
فبدأ النبى صلى الله عليه وسلم فى ربيع الأول سنة سبع من الهجرة بغزوة ذات الرقاع
ثم تلاها بسرايا عديدة طيلة السنة السابعة
حتى كان ذو القعدة فأعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه عمرة القضاء
وما إن عاد إلى المدينة حتى أرسل عدة سرايا
إلى أن كانت معركة مؤتة
أعظم حرب دامية خاضها المسلمون فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم
وكانت تمهيدا لفتوح بلدان النصارى
وقد بعث بعدها النبى صلى الله عليه وسلم بسرية ذات السلاسل
ثم سرية أبى قتادة إلى خضرة
وما إن جاء شهر شعبان سنة ثمان من الهجرة حتى نقضت قريش الهدنة
فكان ذلك إيذانا بفتح الله على نبيه صلى الله عليه وسلم
ونصره له بعد سنين طوال أبت فيها قريش أن تذعن لدين الله
إلى أن طويت هذه الصفحة الأليمة بلا رجعة
بفتح مكة المكرمة على يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين معه
وقبل أن يغادرالنبى صلى الله عليه وسلم مكه
قام بإرسال بضع سرايا
ثم قفل راجعا إلى مدينته المحبوبة
و نكتفى بهذا القدر و لنا لقاء قريب
مع إرسال الكتب و الرسائل الى ملوك الأرض
ملك مصر
و عظيم الفرس
و ملك اليمن
و صاحب البحرين
و صاحب عمان
و نختم بحجة الوداع
و أكتفى اليوم بهذا القدر
الأخوة الأحباء لنا لقاء قادم
إن شاء الله لنكمل المسيرة
مع أعظم داعية عرفته البشرية
فى لقاءاتنا المتواصلة مع سلسلة الخواطر على الطريق محمد رسول الله
التى نستعرض فيها سيرة أعظم داعية و خاتم المرسلين
ثم نستعرض حلقات خواطر الدعوة لدين الله
نبدأها بخاطرة تبعة ثقيلة و أمانة عظيمة فماذا قدمت لدين الله
و خاطرة منهج الأنبياء و المرسلين
و خاطرة حكمة و رحمة و تواضع
و خاطرة صبر جميل
ثم نختم الخواطر
بخاطرة بشرى وأمل
لنشرع بعدها فى سلاسل
سلسلة تاريخ الخلفاء
سلسلة الفاتحون
سلسلة السنن الربانية فى الأمم و الممالك
سلسلة أمراض الأمة
لمحات من تاريخ الأمم عبر التاريخ الإسلامى
أسأل الله عز و جل أن يوفقنى فى طرح تلك السلاسل و الخواطر
و اخر دعوانا ان الحمد لله
سبحانك اللهم بحمدك نستغفرك و نتوب اليك
هذا و ماكان من توفيق فمن الله وحده
و ما كان من ذلل او نسيان فمنى و من الشيطان
و الله و رسوله منه براء
و السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
الرحيل