اكتشاف الضيق التنفسي عبر الصعود إلى الجو :فلقد اكتشفت هذه الحقيقة بعد تمكن الإنسان من الطيران وأن الصعود إلى السماء والارتفاع إلى طبقات الجو العليا يقل الأوكسجين والضغط الجوي مما يسبب ضيقا شديدا في الصدور وعملية التنفس ذلك عين ما تنطق به الآية الكريمة قبل طيران الإنسان بثلاثة عشر قرنا من الزمان قال تعالى
"فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره الإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء"
وفي كيفية هذا التشبيه وجهان :الأول أن الإنسان إذا كلف الصعود إلى السماء ثقل ذلك التكليف عليه وعظم هذا وقعه عليه وقويت نفرته منه فذلك الكافر يثقل عليه وتعظم نفرته منه والثاني أن قلبه يتباعد عن الإسلام ويتباعد عن قبول الإيمان يشبه ذلك البعد من يصعد من الأرض إلى السماء اهـ مجلة الإعجاز العلمي
والحرج شدة الضيق والآية تمثل من عمل ما يستحق به أن يعاقبه الله بإضلاله فمثل حاله عند سماعه الموعظة وما يتصل بالإسلام وما يصيبه من ضيق شديد كحال ذلك الذي يتصعد في السماء. وما أدري الرجل الأمي بتلك الحقيقة التي لا تعرف إلا لله وإلا لمن تصعد من بني الإنسان فهل كانت له طائرة طار بها اهـ كتاب التوحيد للزداني.وبالجملة فالصاعد إلى السماء يشعر بضيق الصدر الذي يتمثل في صعوبة التنفس واضطراب القلب والدورة الدموية نتيجة لهبوط تركيز الأكسجين في الدم والذي تزداد شدته مع درجات الارتفاع وقد قسم العلماء الارتفاعات حسب البعد من سطح البحر إلى ثلاثة أقسام 1)الارتفاع العالي من 8إلى 14 ألف قدم 2)الارتفاع العالي جدا من 14 إلى 18 ألف قدم 3)الارتفاع الأقصى فوق 18 ألف قدم
ولقد سجل تأقلم الإنسان وإمكانية استمرار حياته ارتفاع 19 ألف قدم في جبال الهمالايا في الهند كما أمكن للأشخاص الذين يركبون الطائرات الشراعية غير المجهزة بالضغط الملائم في الداخل أن يطيروا لارتفاع 23 ألف قدم ويكونوا في حالة وعي إلى أن هبوط تركيز الأوكسجين في الدم من 40ــ إلى 50% عن معدله عند مستوى سطح البحر فيفقدوا الوعي
ولقد صدق الله<ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء>
ووجه الإعجاز في الآية نلخصها فيما يلي:1)صعود الإنسان في السماء في قوله تعالى {كأنما يصعد في السماء }ففي ذلك إشارة واضحة إلى إمكانية صعود الإنسان إلى السماء حيث شبه المولى حال ضيق صدر الكافر المعرض عن الحق وعن قبول الإيمان بحال الذي يتصعد في السماء وذكر وجه الشبه وهو الصفة المشتركة بينهما ضيقا حرجا وجاء بأداة التشبيه كان ليقع بعدها المشبه به
في صورة حسية واضحة وقد اكتشفت وعرفت هذه الصورة الحسية في هذا الزمان حيث صعد الإنسان إلى طبقات الجوالعليا 2)الصدر محل الضيق ذكرت الآية الكريمة أن الضيق محله الصدر وفي ذلك إشارة إلى أن كل محتويات الصدر من
((10))
القلب والأوعية الدموية وأعضاء التنفس ذلك أنه ثبت يقينا أن الجهاز الدوري يشارك الجهاز التنفسي مشاركة أساسية في تبادل الغازات3)الضيق المتدرج وأعراض نقص الأوكسجين
يفهم من عبارة النص الكريم <ضيقا حرجا>بأن هذا الضيق ضيق متدرج ويستمر في الزيادة حتى يصل إلى الذروة وهذا ما قرره علماء اللغة والتفسير حيث قالوا بأنه ضيق بعد ضيق والحرج على أنه أضيق الضيق وأشده وهذا ما يتطابق علميا مع ما يشعر به الصاعد إلى السماء
إن ورود هذه الإشارات العلمية في هذا المشهد القرآن لهو إعجاز واضح لم تكن معروفة لا في الزمن الأول ولا الذي بعده ولم تعرف هذه الحقائق إلا في خلال القرون الثلاثة الأخيرة حينما اكتشف ذلك العالم <بليزبا سكال>1648م بأن ضغط الهواء يقل كلما ارتفعنا عن سطح البحر وتجلى ذلك في القرن العشرين حينما ارتبطت أبحاث وظائف أعضاء الجسم وتأثيرات صعود الإنسان في طبقات الجو العلمي
ونشير هنا إلى أن <بول بيرت>هو أول طبيب يقوم بدراسات موسعة عن طب الطيران وتأثير انخفاض الضغط الجوي على وظائف أعضاء الجسم وقد نشر عام 1887 كتابا سماه <الضغط الجوي >وأما قبل ذلك فقد كانت تلك المعلومات غير متوفرة قطعا فمن أخبر محمدا بهذه الحقائق لولا الله إذن الله موجود ومحمد نبي حقا