ملخص كتاب جدد حياتك لمحمد الغزالي
(1) جدد حياتك
لا تعلّق بناء حياتك على أمنية يلدها الغيب، فإن هذا الإرجاء لن يعود عليك بخير و تجدد الحياة ينبع قبل كل شيء من داخل النفس
ونحن كما نرتب البيت من الفوضى ونعيد كل شيء في مكانه الصحيح يجب ان نرتيب حياتنا بين الحين والحين لنرى ما عراها من اضطراب فنزيله وما لحقها من إثم فننفيه عنها مثلما تُنفى القمامة
إن تجديد الحياة لا يعني إدخال بعض الأعمال الصالحة، أو النيات الحسنة وسط جملة ضخمة من العادات الذميمة والأخلاق السيئة، فهذا الخلط لا ينشئ به المرء مستقبلاً حميداً، ولا مسلكاً مجيداً.
إنها عودة تتطلب أن يجدد الإنسان نفسه، وأن يعيد تنظيم حياته، وأن يستأنف مع ربه علاقة أفضل، وعملاً أكمل، وعهداً يُجري على فمه هذا الدعاء: (اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شرّ ما صنعت أبوءُ لك بنعمتك عليّ، وأبوءُ بذنبي، فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت)
(2) عش في حدود يومك
(والعيش في حدود اليوم – وفق هذه الوصايا – يتّسق مع قول الرسول صلى الله عليه وسلم (من أصبح آمناً في سِربه معافىً في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزتْ له الدنيا بحذافيرها)الترمذي
(ليس لنا أن نتطلع إلى هدف يلوح لنا باهتاً من بعد، وإنما علينا أن ننجز ما بين أيدينا من عمل واضح بيّن).
وهي نصيحة للأديب الإنكليزي (توماس كارليل)
على أن العيش في حدود اليوم لا يعني تجاهل المستقبل، أو ترك الإعداد له، فإن اهتمام المرء بغده وتفكيره فيه حصافة وعقل.
وهناك فارق بين الاهتمام بالمستقبل والاغتمام به، بين الاستعداد له والاستغراق فيه، بين التيقظ في استغلال اليوم الحاضر وبين التوجّس المربك المحيّر مما قد يفد به الغد.
(3)الثباتُ والأَناةُ والاحتيالُ
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى: لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ" آل عمران- 156
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : (إنما الصبر عند الصدمة الأولى)
يقول ديل كارنيجي1 سل نفسك: ما هو أسوأ ما يمكن أن يحدث لي؟2 ثم هيئ نفسك لقبول أسوأ الاحتمالات 3 ثم اشرع في إنقاذ ما يمكن إنقاذه.
ولا شك أن الرجل الذي يضبط أعصابه أمام الأزمات، ويملك إدارة البصر فيما حوله هو الذي يظفر في النهاية بجميل العاقبة.
(4)هُمومٌ وسُموم
نذكر بعض أحاديث النبي محمد رسول الله صلي الله عليه وسلم في ذم هذا التكالب والترهيب من عقباه، قال (من جعل الهم هماً واحداً كفاه الله همّ دنياه. ومن تشعَّبتْه الهموم لم يبال الله في أي أودية الدنيا هلك) . الحاكم
هذا اللون من التوجيه النبوي بقصد به بثّ السكينة في الأفئدة، واستئصال جراثيم الطمع والتوجع التي تطيل لُغوبَ الإنسان وراء الدنيا وتحسّره على ما يفوته منها، وفي ذلك يقول عليه الصلاة والسلام: (من كانت الآخرة همَّه جعل الله غِناه في قلبه، وجمع له شمْلَه، وأتته الدنيا وهي راغمة. ومن كانت الدنيا همَّه جعل الله فقره بين عينيه، وفرّق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قُدّر له)الترمذي وقال: (تفرّغوا من هموم الدنيا ما استطعتم، فإنه من كانت الدنيا أكبر همه أفشى الله ضَيْعته، وجعل فقره بين عينيه. ومن كانت الآخرة أكبر همّه جمع الله له أموره، وجعل غِناه في قلبه. وما أقبل عبدٌ بقلبه على الله عز وجل إلا جمع الله قلوب المؤمنين تفد إليه بالوُدّ والرحمة، وكان الله إليه بكل خير أسرع)البيهقي
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (يا أيها الناس إن الغنى ليس عن كثرة العَرض، ولكن الغنى غنى النفس. وإن الله عز وجل يؤتي عبده ما كُتب له من الرزق، فأجملوا في الطلب، خذوا ما حلَّ ودعوا ما حرُم) أبو يعلى.
والإجمال في الطلب – كما رأيت – لا يعني القعود أبداً إن الطلب الجميل تكسُّب الحلال في سماحة ورفق، وإطِّراح الحرام في زَهادة وأنفة.
ان السعار المادي بالسباق على حطام الدنيا يهلك الصحة ولو أن أحداً ملك الدنيا كلها ما استطاع أن ينام إلا على سرير واحد، وما وسعه أن يأكل أكثر من ثلاث وجبات في اليوم، فما الفرق بينه وبين العامل الذي يحفر الأرض؟ لعل العامل أشد استغراقاً في النوم، وأوسع استمتاعاً بطعامه من رجل الأعمال ذي الجاه والسطوة.
إن من حق الدنيا علينا أن نعمل فيها، وأن ننال من ضروراتها ومرفهاتها ما يحفظ حياتنا ويسعدها، ولكن من الحماقة أن يتحوّل المال إلى هدف مقصود لذاته
(5) كيف نزيل أسباب القلق؟
وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُون )يونس 36َ(
وجدير بالإنسان في عالم استوحش فيه الحق على هذا النحو أن يجتهد في تحريه، وأن يلتزم الأخذ به، وأن يرجع إليه كلما بعّدته التيارات عنه
وهذا ما ندعو به في كل صلواتنا::"اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ، صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ" الفاتحة 6،7
وينقل عن ديل كارنيجي قوله : (إننا قلّما نُعنى بالحقائق، وإذا حدث أن حاول احدُنا استخلاص الحقائق فإنه يتصيّد منها ما يعضّد الفكرة الراسخة في ذهنه ولا يبالي بما ينقضها، أي أنه يسعى إلى الحقائق التي تسوّغ عمله، وتتسِق مع أمانيه، وتتفق مع الحلول السطحية التي يرتجلها.
فما العلاج؟ العلاج أن نفصل بين عاطفتنا وتفكيرنا، وأن نستخلص الحقائق المجردة بطريقة محايدة).
والخطوة التالية لجمع الحقائق استشعار السكينة التامة في تلقّيها، وضبط النفس أمام ما يظهر محيّراً أو مروّعاً منها،
(6) علمٌ أثمَرَه العمل
وقد جاء عن أحد التابعين: (كنا نستعين على حفظ أحاديث رسول الله صلي الله عليه وسلم بالعمل بها) إن العمل يحيي القلوب بالمعرفة اليقظة الدافعة.
والعلم الذي ينشأ عن العمل هو الملكة التي يستنير بها المرء، ويعرف منها مواقع أقدامه في دروب الحياة المتشابهة.
وينقل عن ديل كارنيجي (إن التعلم عمل إيجابي لا سلبي، ونحن نتعلم حين نعمل، فإذا أردتَ أن تستفيد من النصائح المبذولة في تضاعيف هذا الكتاب – أو أي كتاب – فجرّبها، واعمل بها، وطبّقها في كل فرصة تسنح لك.
فإنك – إن لم تفعل هذا – فسوف تنسى ما لُقِّنْتَه سريعاً ).
إن المعرفة التي نستخدمها هي وحدها التي تعلق بأذهاننا
(7) آفات الفراغ
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (نعمتان مغبون فيهما كثيرٌ من الناس: الصحة والفراغ) البخاري
قال الشافعي في أسس التربية هذه الكلمة الرائعة: (إذا لم تشغل نفسك بالحق شغلتك بالباطل)
إذا لم تَدُر في حركة سريعة من مشروعات الخير والجهاد والإنتاج المنظّم لم تلبث أن تنهبها الأفكار الطائشة، وأن تلُفّها في دوامة من الترهات والمهازل وأفضل ما تصون به حياة إنسان أن ترسم له منهاجاً يستغرق أوقاته، ولا تترك فرصة للشيطان أن يتطرق إليه بوسوسة أو إضلال. وتوزيع التكاليف الشرعية في الإسلام منظور فيه إلى هذه الحقيقة، ألاّ يُترك للنفس فراغ يمتلئ بالباطل، لأنه لم يمتلئ من قبل بالحق.
(8) لا تَدَع التوافِهَ تغلبُك على أمرك
(إن الشيطان قد يئس أن تُعبد الأصنام في أرض العرب، ولكنه سيرضى منكم بدون ذلك بالمحقرات، وهي الموبقات يوم القيامة ) الطبراني
عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم (إياكم ومحقرات الذنوب، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يُهْلكنه، وإن رسول الله صلي الله عليه وسلم ضرب لهنّ مثلاً كمثل قوم نزلوا أرض فلاة، فحضر صنيع القوم، فجعل الرجل ينطلق فيجيء بالعُود، والرجل يجيء بالعود حتى جمعوا سواداً، فأجّجوا ناراً، فأنضجوا ما قذفوا فيها) مسند أحمد
يشير رسول الله صلي الله عليه وسلم بقوله" لا يَفْرِكْ – لا يكره – مؤمن مؤمنة، إن كره منها خُلُقاً رضي منها آخر" مسلم
وقد اكد الخبراء ان معظم حالات الطلاق كان سببها التوافه.
ويقول ديل كارنيجي (إننا غالباً ما نواجه كوارث الحياة وأحداثها في شجاعة نادرة وصبر جميل، ثم ندع التوافِهَ بعد ذلك تغلبنا على أمرنا)
(9) قضاءٌ وقدرٌ
قال تعالى" وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ(يوسف)21
وقال الله عز وجل"وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ،الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ، أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ
البقرة- 155-157
والمرونة في مقابلة الشدائد بعض آثار الإيمان والرشد.
وحريٌّ بالرجل الذي يدع العاصفة تمر أن يحسن التغلب عليها بعد أن تكون حدّتها قد انكسرت.
وهذه المرونة دلالة تأدّب مع الله وسكينة في ملاقاة قدره لقول رسول الله صلي الله عليه وسلم"مثل المؤمن كمثل الزرع لا تزال الريح تميله، ولا يزال المؤمن يصيبه البلاء. ومثل المنافق كمثل شجرة الأرز لا تهتز حتى تستحصد) وفي رواية: (مثل المؤمن كمثل الخـامـة من الزرع تُفيئُها الريح تصرعها مرة وتَعْدِلُها أخرى حتى تهيج – أي تقوى وتنضح -. ومثل الكافر كمثل الأرزة المجذّبة على أصلها لا يفيئها شيء – لا تميل مع ريح لصلابتها – حتى يكون انجعافُها مرة واحدة) البخاري – أي – انكسارها). وهذه المرونة في ملاقاة الواقع البغيض قد تكلّفك الابتسام له، وحمل النفس على حسن استقباله، لا لأنك تودّ بقاءه، بل تخفيفاً من شدة الضيق به قول رسول الله صلي الله عليه وسلم : (اتق المحارم تكن أعبد الناس، وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس) الترمذي
وفي هذا يقول (ديل كارنيجي) كلاماً حسناً:
(عليك أن تختار واحداً من شيئين: إما أن تنحني حتى تمر العاصفة بسلام، وإما أن تتصدى لها متعرضاً بذلك للهلاك.
دكتور (رينولد تايبر) الأستاذ بمعهد الاتحاد الديني بنيويورك:
هبْني اللهــم الصبـر والقدرة لأرضى بمــا ليس منه بــدّ وهبنـي اللهم الشجاعة والقوة لأغيّر ما تقوى على تغييره يـد وهبنـي الله السـداد والحكمـة لأميّز بيــــن هـــذا وذاك
(10) بالحق أنزلناه وبالحق نزل
(فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ، وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا)
طــه – (123-124 ) فالإسلام – بما حوى من تعاليم – إنما يمهّد للناس طريق الهداية التي تأخذ بنواصيهم وأفئدتهم إلى الحقيقة والكمال
(11) لا تبك على فائت
يشير الحديث الشريف: (استعن بالله. ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلتُ كذا كان كذا وكذا. ولكن قل: قدّر اللهُ وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان) مسلم
وبهذا نعَفّي على الماضي، ونستأنف المسير في نشاط ورجاء
(12) حياتك من صنع أفكارك
يقول الله تعالى( إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ) الرعد 11
فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط) الترمذي)
عاد النبي أعرابياً مريضاً يتلوّى من شدة الحمّى، فقال له مواسياً ومشجعاً: (طهور)، فقال الأعرابي: بل هي حمّى تفور، على شيخ كبير، لتورده القبور. قال: (فهي إذن)البخاري
قال (ديل كارنيجي): (إن أفكارنا هي التي تصنعنا، واتجاهنا الذهني هو العامل الأول في تقرير مصايرنا، ). إن أحداً لا يستطيع إنكار ما للروح المعنوي من أثر باهر لدى الأفراد والجماعات.
ويقول ماركس أورليوس( إن حياتنا من صنع أفكارنا فإذا نحن ساورتنا أفكار سعيدة كنا سعداء، وإذا تملكتنا أفكار شقية غدونا أشقياء، وإذا خامرتنا أفكار مزعجة تحوّلنا خائفين جبناء، وإذا تغلبتْ علينا هواجس السقم والمرض فالأغلب أن نبيت مرضى سقماء، وهكذا).
(13)الثَّمنُ الباهظ للقصاص
"وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ" النور22
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم (ثلاث من كُنَّ فيه آواه الله في كنفه، وستر عليه برحمته، وأدخله في محبته: من إذا أُعطي شكر، وإذا قدر غفر، وإذا غضب فتر)الحاكم
يرى (ديل كارنيجي) أن التحلّم مع الأعداء رحمة تليق بالنفس قبل أن ينال الغير خيرها ويدركه بردُها وبرُّها وهو ينقل لنا فقرة من منشور وزعته إدارة الشرطة بإحدى مدن أمريكا، وهي فقرة تستحق التنويه: (إذا سوّلت لقوم أنفسهم أن يسيئوا إليك، فامحُ من نفسك ذكراهم، ولا تحاول الاقتصاص منهم، إنك إذ تبيّت نية الانتقام تؤذي نفسك أكثر مما تؤذيهم!!)
حيث أن أبرز ما يميز الذين يعانون ضغط الدم هو سرعة انفعالهم، واستجابتهم لدواعي الغيظ والحقد وقال الحسن: المؤمن حليم لا يجهل وإن جُهل عليه. وتلا قوله تعالى
"وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا" الفرقان63
(14)لا تنتظر الشُّكر من أحدٍ
إن هذا التعلُّق بالكمال المطلق والإحسان المبرّأ أهمّ ما يطلبه الإسلام منك، حين تُسدي إلى أحدٍ معروفاً قدّم جميلك عشقاً لصنائع المعروف وابتغاء ما لدى الله من مثوبة.
ولا تعوِّل على حَمْد أحد أو تقديره. كن كما وصف الله الأبرار من عباده: )وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ، إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا((1).
(15) هل تستبدل مليون جُنَيْه بما تملك؟
ومن الخطأ أن تحسب رأس مالك هو ما اجتمع لديك من ذهب وفضة!! إن رأس مالك الأصيل جملة المواهب التي سلّحك القدر بها، من ذكاء، وقدرة، وحرية، وفي طليعة المواهب التي تحصى عليك وتعتبر من العناصر الأصيلة في ثروتك ما أنعم الله به عليك من صحة سابغة، وعافية تتألق بين رأسك وقدمك، وتتأنّق بها في الحياة كيف تشاء.
والغريب أن أكثر الناس يزدرون هذه الثروة التي يمتلكونها، لا يشركهم أحد فيها، أو يزاحمهم عليها!!
وهذا الازدراء جُحود يستحق التنديد والمؤاخذة، قال (ديل كارنيجي): أتُراك تبيع عينيك في مقابل مليون دولار؟ كم من الثمن تظنه يكفيك في مقابل ساقيك أو سمعك، أو أولادك؟ أو أسرتك؟).
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم (والذي نفسي بيده، إن الرجل ليجيء يوم القيامة بعمل صالح لو وضع على جبل لأثقله، فتقوم النعمة من نعم الله، فتكاد تستنفد ذلك كله، لولا ما يتفضل الله من رحمته) المنذري
(16)أنت نسيج وحدك؟
عندما استشارصلى الله عليه وسلم أصحابه في أسرى (بدر) انطلق كل على سجيته يبدي ما عنده، كما يعتقد وقد عقّب رسول الله صلي الله عليه وسلم على مشورة صاحبيه بأن شبّه هذا بإبراهيم الذي قال لقومه"فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ"ابراهيم 36 وشبّه ذاك بنوح الذي قال" رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا ، إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا"نوح 26،27
قال (كارنيجي): إنك شيء فريد في هذا العالم. إنك نسيج وحدك، فلا الأرض منذ خُلقت رأت شخصاً يشبهك تمام الشبه، ولا هي في العصور المقبلة سوف ترى شخصاً يشبهك تمام الشبه
فلكل إنسان قالبه البدني الذي لا يماثله فيه أحد، وكيانه المعنوي الباطن الذي يتميز به عمن سواه.
(17)اصنع من الليمونة الملحة شراباً حلواً
فمن يدري؟ رُبّ ضارة نافعة و رُبّ محنة في طيها منحة
ربما كانت هذه المتاعب التي تعانيها باباً إلى خير مجهول، ولئن أحسنا التصرف فيها لنحن حريون بالنفاذ منها إلى مستقبل أطيب
) وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ(البقرة- 216
يقول (ديل كارنيجي): (كلما ازددت إيغالاً في دراسة الأعمال العظيمة التي أنجزها بعض النوابغ ازددت إيماناً بأن هذه الأعمال كلها ما تمّت إلا بدوافع من الشعور بالنقص، هذا الشعور هو الذي حفزهم إلى القيام بها واجتناء ثمراتها. نعم، فمن المحتمل أن الشاعر (ملتون) لم يكن يقرض شعره الرائع لو لم يكن أعمى، وأن (بيتهوفن) لم يكن ليؤلف موسيقاه الرفيعة(مع التحفظ) لو لم يكن أصمّ
(18)العمل بين الأَثَرة والإيثار
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم (على كل مسلم صدقة). فقالوا يا نبي الله فمن لم يجد؟ قال: (يعمل بيده فينفع نفسه ويتصدق). قالوا: فإن لم يجد؟ قال (يعين ذا الحاجة الملهوف). قالوا: فإن لم يجد قال: (فليعمل بالمعروف وليمسك عن الشر، فإنها له صدقة) البخاري
ورُوي أن أبا ذر رضي الله عنه قال لرسول الله صلي الله عليه وسلم حين قال: (على كل نفس في كل يوم طلعت فيه الشمس صدقة). قلت: (يا رسول الله صلي الله عليه وسلم: من أين أتصدّق وليس لنا أموال؟). قال: (من أبواب الصدقة: التكبير، وسبحان الله، والحمـد لله، ولا إله إلا الله، وأستغفـر الله، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتعزل الشوك عن طريق الناس والعظم والحجر، وتهدي الأعمى، وتُسمع الأصمّ والأبكم حتى يفقه، وتدل المستدل على حاجة له قد علمت مكانها، وتسعى بشدة ساقيك إلى اللهفان المستغيث، وترفع بشدة ذراعيك مع الضعيف، كل ذلك من أبواب الصدقة منك على نفسك)مسند الامام احمد
إن شر الناس عند الله من لا يُرجى خيره ولا يُؤمن شرُّه
والمؤمن لن يكون كذلك أبداً، فصلته بالله عزّ وجلّ تجعله مرجوّ الخير مأمون الشر، ورسالته في الحياة لا تجعله عضواً أشلّ ولا عضواً فاسداً، بل عضواً يحقق الصالح العام، ويُرتقب في ظلّه الأمان ونُجُحُ المقصد
وقد ضرب رسول الله صلي الله عليه وسلم مثلاً للمؤمن النخلة، كل شيء فيها ينفع، كأن المؤمن على اختلاف أحواله لن يكون إلا نافعاً، وإن تفاوتت مظـاهر نفعه وتباينت آثارها،
خير ما قيل في آداب الأخوة ما نقله صاحب (قوت القلوب): (ليكن صاحبك من إذا خدمته صانك، وإن قعدتْ بك مؤونة مانك، وإن مددت يدك بخير مدّها، وإن رأى منك حسنة عدّها، وإن رأى منك سيئة سدّها، وإن سألته أعطاك، وإن سكتَّ ابتداك، وإن نزلت بك نازلة واساك، وإن قلتَ صدّق قولك، وإن تنازعتما آثرك.
إن صديقك هو من يسدّ خللك، ويستر زللك، ويقبل عِلَلَك، ومن حقّ الصديق عليك أن تتجاوز له عن ثلاث: عن ظلم الغضب، وظلم الهفوة، وظلم الدالة)
(19) نقاءُ السرّ والعلانية
علاج الأمور بتغطية العيوب وتزويق المظاهر لا جدوى منه ولا خير فيه، وكل ما يُحرزه هذا العلاج الخادع من رواج بين الناس أو تقدير خاطئ لن يغيّر شيئاً من حقيقته الكريهة.
ومن هنا لم يحفل الإسلام بالظواهر إذا كانت ستاراً لتشويه مَعيب، أو نقص شائن، فما قيمة المظهر الحلو إذا كمن وراءه مخبر مرّ؟!
من أجل ذلك لم يعتدّ الإسلام بتكمُّل الإنسان وتجمُّله إلا إذا قام هذا التسامي على نفس طيّبة، وصحيفة نقيّة، وفؤاد ذكيّ، وضمير أُضيء من داخله، فله سناً يهدي صاحبه إلى الصراط المستقيم.
الجمال عمل حقيقي في جوهر النفس، يصقل معدنها، ويُذهب كَدَرها، ويرفع خصائصها، ويعصمها من مزالق الشرّ، وينقذها من خواطر السوء، ثم يبعثها في الحياة كما تنبعث النسمة اللطيفة في وقدة الصيف، أو الشعاع الدافئ في سَبْرة الشتاء.
وانزل سورة كاملة تدعو إلى الوقاية من الهواجس الوضيعة والخواطر المظلمة، وتحفظ على المرء إشراقَ روحه ونقاوة جوهره. وإليك السورة الكاملة:
"قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ، مَلِكِ النَّاسِ ، إِلَهِ النَّاسِ ، مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ ، الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ، مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ" وطريق رياضة النفس تقوم على عزيمة حرة. صبر كبير. نفس قوية. استحسان العافية. كره ألم المعصية. حفظ المنزلة عند الله. إيثار لذة العفة وعزتها. الفرح بالتغلب على العدو. استحضار عظم ما خلق له. الترفع أن يكون كالحيوان. تأمّل عواقب الهوى. تخيّل حاله بعد المعصية. تصور حكمه على من يقع في مثل معصيته. التفكير في حقارة جدوى المعصية. الترفع عن ذل طاعة الهوى. حفظ سلامة دينه وعرضه. الأنفة أن يقهره عدوه. العلم أن الهوى مفسد. العلم أن مدخل الشيطان إليه من باب الهوى. تذكر ثمار مخالفة الهوى.
(20) بين الإيمان والإلحاد
أن الإيمان بالله بديع السموات والأرض لم يزل – كما كان – قائماً بالأنفس، ولم يزل صوت الفطرة العالي، وإن أخفَتَه أحيانا ما يحيط به من إضافات ضالّة.
والواقع أني استقصيت حالات كثيرة جداً لعلماء الغرب ومفكّريه، فاستيقنتُ أن في نفوسهم إيماناً حسناً، وأن معرفتهم بالله تجري في نسق أبعد من ضيق اليهودية وتعقيد النصرانية وأدنى إلى سماحة الإسلام وبساطته.
ولكن هؤلاء يكرهون الإسلام والمسلمين مع ذلك!!
وهم معذورون في هذه الكراهية إلى حدّ ما، فأهل الإسلام حجاب غليظ دون تعاليمه.
وتقهقرهم البالغ في كل ميدان يصدّ عامة الناس عن إحسان الظن به.
ورسالة محمد نفسها – من الناحية العلمية البحت – لم تُعرض عرضاً يُري الناس جوهرها كما جاء من عند الله
يقول الله تعالى – في حديث قدسي - : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين. فإذا قال: الحمد لله رب العالمين، قال: حمدني عبدي. وإذا قال: الرحمن الرحيم، قال: أثنى عليّ عبدي. وإذا قال: مالك يوم الدين، قال: مجّدني عبدي. وإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين، قال الله،هذا عهد بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل. فإذا قال: اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم، قال الله: لعبدي ما سأل)احمد).
إن الركض في ميادين الحياة بقدر ما يجلّل البدن بالغبار والعرق يجلّل الروح بالغيوم والأكدار.
إننا نربط أنفسنا – حين نصلي – بالقوة العظمى التي تهيمن على الكون، ونسألها ضارعين أن تمنحنا قبساً منها نستعين به على معاناة الحياة، بل إن الضراعة وحدها كفيلة بأن تزيد قوتنا ونشاطنا، ولن تجد أحداً ضرع إلى الله مرة إلا عادت عليه الضراعة بأحسن النتائج
وهذا الكلام هو عندي خير تفسير لقول الله عز وجل: "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ"
البقرة - 186
وقال صلى الله عليه وسلم : (سلوا الله من فضله، فإن الله يحب أن يُسأل، وأفضل العبادة انتظار الفرج) الترمذي
(21) روحانية الرسول صلي الله عليه وسلم
وقد اقتضت حكمة الله أن يختار حَمَلة الوحي الأعلى من الصفوة المنتقاة بين هؤلاء الخاصة، وهي صفوة مبرّزة في كل شيء. إن الأنبياء رجال لا يُدانون في ذكائهم، وصلابة عزائمهم، وبُعد هممهم، وسَعة فطنتهم، وإدراكهم الشامل لحقائق النفوس وطبائع الجماعات..
وقد أومأ القرآن الكريم إلى هذه الحقيقة في قوله
(وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ، إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الـدَّارِ، وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ)
إنهم مستخلَصون من أجيال الدنيا، كما تستخلص أطايب البستان النضر في هدية مستحبة، قد يُترك فيها الجميل إلى ما هو أجمل منه ذاك هو معنى الاصطفاء
إنساناً استغرق في التأمّل العالي، ومشى على الأرض وقلبه في السماء كما يعرف في سيرة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم إنه خير من حقق في نفسه وفي الذين حوله حياة الإنسان الكامل الإنسان الرباني المستخلَف في ملكوت الله لينقل إليه أطرافاً من حقيقة هذه الخلافة الكبيرة
وفي هذه المواريث العقلية والعاطفية التي تركها هذا النبي الكريم ترى كل العناصر التي يستطيع بها أيّ إنسان أن يقوم بوظيفته الصحيحة في هذه الحياة.
(22) بقدر قيمتك يكون النقدُ الموجّه لك
رذيلة الحسد قديمة على الأرض قِدَم الإنسان نفسه
ما إن تكتمل خصائص العظمة في نفس، أو تزداد مواهب الله لدى إنسان حتى ترى كل محدود أو منقوص يضيق بما رأى، ويطوي جوانحه على غضب مكتوم، ويعيش منغصاً لا يريحه إلا زوال النعمة، وانطفاء العظمة، وتحقق الإخفاق.
إن الدميم يرى في الجمال تحدّياً له، والغبي يرى في الذكاء عدواناً عليه، والفاشل يرى في النجاح إزدراءً به، وهكذا!!
فماذا يفعل النوابغ والمبرزون ليستريحوا هذه الطبائع المنكوسة؟
إن الحال في كل زمان تحتاج إلى أمدادات سريعة من المساندة أو العزاء لتعيد إلى الموهوبين ثقتهم بأنفسهم، وتشجعهم على المضي في طريقهم دون يأس أو إعياء
قال (ديل كارنيجي): كثير من الناس يجدون تشفّياً في اتهام شخص يفوقهم ثقافة أو مكانة أو نجاحاً،
ولستُ أعرف منظراً أشوه ولا أقبح من كاهن أو واعظ يتحدث عن الله بلسانه، ومن وراء أرديته الفضفاضة ووظيفته الدينية نفسٌ ترتع فيها جراثيم الأنانية الصغيرة والتطلع الخسيس.
(وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ) البقرة109
(أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آَتَيْنَا آَلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآَتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا)النساء54
(23) كن عَصيّاً على النقد
إن أحسن ما قيل في إدراك الجماهير للصواب هو ما جاء في الآية الكريمة
" "وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ
الانعام116
إن أصحاب الحساسية الشديدة بما يقول الناس، الذين يطيرون فرحاً بمدحهم، ويختفون جزعاً من قدحهم، هم بحاجة إلى أن يتحرروا من هذا الوهم، وأن يسكبوا في أعصابهم مقادير ضخمة من البرود وعدم المبالاة، وألا يغترّوا بكلمة ثناء أو هجاء، لو عُرفت دوافعها ووُزنت حقيقتها ما ساوت شيئاً.
وهبْها تساوي شيئاً ما، فلماذا يرتفع امرؤ أو ينخفض تبعاً لهذه التعليقات العابرة من أفواه المتسلّين بشؤون الآخرين؟!
(24) حاسب نفسك
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم( حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسَبوا وزنوا أعمالكم قبل تُوزن عليكم)الترمذي
وقال: (الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع هواه وتمنّى على الله)المنذري
فإذا شئت الإفادة من ماضيك، بل من حياتك كلها، فاضبط أحوالك وأنت تتعهّد نفسك.
اضبطها في سِجلّ أمين يحصي الحسنات والسيئات، ويغالب طبيعة الإنسان في ذهن الإنسان
لا بدّ من حساب دقيق يعتمد على الكتابة، والمقارنة، والإحصاء، واليقظة
اضبطها في سِجلّ أمين يحصي الحسنات والسيئات، ويغالب طبيعة الإنسان في ذهن الإنسان
ويرى ابن المقفّع أن يسجل الإنسان ما يصدر عنه جاعلاً الصفحة اليمنى للحسنات واليسرى للسئاتوقد كتب هؤلاء العلماء فصولاً مطوّلة في المراقبة والمحاسبة يمكن الرجوع إليها
الخاتمة
لكي تصون الحقيقة وتضبط حدودها، يجب أن تعرف هذه الحقيقة، وأن تعرف غيرها معها
لماذا
والجواب أن الصورة الكاملة لا بد لها من حدود تنتهي إليها، وعند النهايةالصورةالمرسومة لهذه الحدود تبدأ حقائق مغايرة
قال عمر: (إنما ينحلّ الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية!)
من هنا كان لزاماً على كل مشتغل بعلوم الإسلام أن يدرس الحياة كلها، وأن يتعرف وجوه النشاط البشري، ومراميه القريبة والبعيدة
وكلمة أخيرة إلى علماء المسلمين
إن قصر باعهم في علوم الحياة هو أبشع جريمة يمكن أن ترتكب ضد الإسلام
هذا القصور إن أمسَوْا به في هذه الدنيا متخلّفين، فهم عند الله ورسوله أشد تخلفاً وأسوأ عقبى
إن أنفسنا وبلادنا وحياتنا وآخرتنا في ظمأ هائل إلى مزيد من المعرفة والضياء