قال تعالى { مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَآءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ . إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ . وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَآ إِلاَّ الْعَالِمُونَ }
عند تأويل هذه الآيات يقول أهل التفسير: "إن هذا مثل ضربه الله تعالى لمن أشرك به باتخاذهم أولياء من دونه سواء من الجماد أو الحيوان أو النبات أو الأحياء أو الأموات، يدعونهم ويسألونهم قضاء الحاجات ويرجون نصرهم ورزقهم ويتمسكون بهم عند الملمات والشدائد فهم في ذلك كمثل العنكبوت اتخذت بيتاً يحميها ويأويها، وإن هذا البيت لا ينفعها بوجه من الوجوه لا يقيها حراً ولا قراً ولا مطراً ولا يدفع عنها عدواً لا يغني عنها شيئاً، ثم توعّد سبحانه من عبد غيره بأنه يعلم ما هم عليه من الأعمال ويعلم ما يشركون به من الأنداد وسيجزيهم عليه إنه حكيم عليم.
الإعجاز العلمي في بيت العنكبوت
جاء في بحث لأستاذ علم الحشرات ووقاية النبات بكلية الزراعة جامعة عين شمس الدكتور / البمبي، والبحث تناول فيه حشرة العنكبوت وطريقة حياتها وكيفية بنائها لبيتها وأسلوبها في صيد فريستها ثم تطرّق البحث إلى الإعجاز القرآني والذي ثبت علمياً حول هذه الآيات. وقد استهل الدكتور بحثه بقول الله تعالى { كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً }، فقال:
"ذكر الله تبارك وتعالي كلمة { اتَّخَذَتْ } وهي فعل اتصل به تاء التأنيث للدلالة على المؤنث بعد كلمة العنكبوت، وهي كلمة مذكرة مما يبدو معه بداهة أن هناك -عياذاً بالله- خطأ لغوياً في الآية" يقول الدكتور: "لو صحت لغوياً لكان خطأ علمياً، وهذا لا يمكن أن يصدر من خالق العنكبوت وخالق الكون كله. فمن خلال الدراسات المستفيضة في علم الحشرات وعن طبيعة حشرة العنكبوت اتضحت لنا الحقائق التالية:
الحقيقة الأولى:
أن ذكرالعنكبوت لا يستطيع أن يبني بيتاً، وأن التي تقوم ببناء البيت هي أنثى العنكبوت فقط من خلال مغزل خاص موجود في نهاية بطنها، ولا يوجد مثله عند الذكر.
الحقيقة الثانية:
لا تبدأ الأنثي في بناء هذا البيت إلا حينما تصل إلى مرحلة البلوغ والاستعداد للزواج، فتقوم عند ذلك ببناء بيتها والذي يكون عامل جذب قوي للذكر غير القادر على البناء بطبيعة خلقته.
الحقيقة الثالثة:
تقوم الأنثى ببناء بيتها بخيوط منسوجة بتداخلات فنية وهندسية خاصة بحيث تكون شديدة الحساسية لأية اهتزازات خارجية ، وهذه الخيوط مشبعة بمادة لزجة صمغية تلتصق بها أية حشرة بمجرد مرورها عليها أو الاقتراب منها، وهذه الخيوط تقوم بتكبيل الحشرة حتى تأتي أنثى العنكبوت فتفترسها.
الحقيقة الرابعة:
بعد أن تتم مرحلة التزاوج وينتهي الذكر من تلقيح الأنثى، تذهب الأنثى إلى مكان بعيد آمن حيث تضع بيضها وبينما الذكر في بيته يشعر بالأمان، إذا بالأنثى تنقض عليه فتأكله، وهذا الأكل لا بد أن يتم؛ حيث إن أنسجة الذكر مهمة في عملية إنضاج البيض.
وبهذه الحقائق التي استخلصها الباحث من بحثه تتضح لنا الأمور التالية:
أولاً: بيت العنكبوت هو أوهن البيوت علي الإطلاق من حيث بنائه ودقة خيوطه التي لا تقي حراً ولا قراً ولا تدفع عن ساكنه عدواً كما قال أهل التأويل رحمهم الله.
ثانياً: على الرغم من أن بيت العنكبوت هو أوهن البيوت على الإطلاق، إلا أنه لا يعدو كونه فخاً وشركاً منصوباً لأية حشرة تقترب منه أو تمرُّ عليه.
ثالثاً: لا يقتصر وهن بيت العنكبوت على الوهن الحسي الطاهر في بنائه فقط، بل إن هناك وهناً معنوياً آخر، حيث بدا هذا البيت لذكر العنكبوت أماناً كاذباً وقد كان مصرعه حيث ظن هذا الأمان.
وإذا أردنا أن نقف علي وجه الشبه كاملاً بين بيت العنكبوت وطائفة ممن اتخذوا من دون الله أولياء، فلن نجد أجلى وأظهر من طائفة عباد الأموات الذين اتخذوا من دون الله أولياء يستنصرون بهم ويذبحون لهم وينذرون لهم ويستغيثون بهم من دون الله عز وجل