مشاهد الخلق في المعصية - ابن القيم
قال ابن القيم في مدارج السالكين 1/399 في منزلة التوبة:
مشاهد الخلق في المعصية
وهي ثلاثة عشر مشهدا:
مشهد الحيوانية وقضاء الشهوة
ومشهد اقتضاء رسوم الطبيعة ولوازم الخلقة
ومشهد الجبر
ومشهد القدر
ومشهد الحكمة
ومشهد التوفيق والخذلان
ومشهد التوحيد
ومشهد الأسماء والصفات
ومشهد الإيمان وتعدد شواهده
ومشهد الرحمة
ومشهد العجز والضعف
ومشهد الذل والافتقار
ومشهد المحبة والعبودية.
فالأربعة الأول للمنحرفين والثمانية البواقي لأهل الاستقامة وأعلاها: المشهد العاشر. (أي مشهد الرحمة)
وهذا الفصل من أجل فصول الكتاب وأنفعها لكل أحد وهو حقيق بأن تثنى عليه الخناصر ولعلك لا تظفر به في كتاب سواه إلا ما ذكرناه في كتابنا المسمى "سفر الهجرتين في طريق السعادتين".
فصل: المشهد العاشر:
مشهد الرحمة
فإن العبد إذا وقع في الذنب خرج من قلبه تلك الغلظة والقسوة والكيفية الغضبية التي كانت عنده لمن صدر منه ذنب حتى لو قدر عليه لأهله وربما دعا الله عليه أن يهلكه ويأخذه غضبا منه لله وحرصا على أن لا يعصى
فلا يجد في قلبه رحمة للمذنبين الخاطئين ولا يراهم إلا بعين الاحتقار والازدراء ولا يذكرهم إلا بلسان الطعن فيهم والعيب لهم والذم
فإذا جرت عليه المقادير وخلي ونفسه استغاث الله والتجأ إليه وتململ بين يديه تململ السليم ودعاه دعاء المضطر
فتبدلت تلك الغلظة على المذنبين رقة وتلك القساوة على الخاطئين رحمة ولينا مع قيامه بحدود الله وتبدل دعاؤه عليهم دعاء لهم وجعل لهم وظيفة من عمره يسأل الله أن يغفر لهم.
فما أنفعه له من مشهد ! وما أعظم جدواه عليه والله أعلم.
__________________