كانت في بداية المراهقة , كانت تعشق الرومانسية وتجذبها وكانت تكره الحزن وتَبعد عنه ! كانت تُعجب جداً بأفلام الحُب التي تَكون نهايتها سعيدة لأنها كانت مؤمنة بأن اللقاء هو الدائم في كُل قِصة حُب وكانت تكره الأفلام ذات النهاية التعيسة التي تنتهي بالفراق لأنها كانت تَظُن بأن الفراق لايحدث إلا في القصص الأكذوبية التي لم يَكُن فيها حُبٌ صادق !
لم تُفكر يوماً بأنها سَتكون بَطلة لرواية يقرأها الكثير ! حقاً كانت تستهويها الشُهرة وكانت تَطمح أن تَكون مشهورة بشيء جَميل يَعرفها الناس مِن خِلاله ولَكن لم تعتقد أبداً بأنها سَتكون مشهورة مِن خلال رواية كهذه !
كَان أَجمل مايميز شخصيتها حسب قول الجميع هُو طُفولتها التي كانت تُلازمها دائماً , لَم يَخطُر بِبالها يَوماً أن تَشيب تِلك الطفلة التي بِداخلها يوماً بشكل مُفاجئ وأن تَموت بِداخلها ولايبقى لها إلا رماداً يُوجعها عِند تذكر برائتها عِندما كانت شخصيتها الصغيرة على قيد الحياة !
لم تُفكر يوماً بأن سَهماً يَحمِل فِي نهايته قَلباً مليئ بالحب يُمكن أن يُصيب قلبها فَيُدميه بِكُل قسوة ويقتلِ طِفلتها البريئة ! كيفَ لها أن تُفكر في ذلك وهي جُل تَفكيرها بأن الورد الأبيض يبقى ناصع البياض لايُسودهُ شيئاً مهما حدث ! تَماماً كما كانت تؤمن بأن الحُب كتِلك الوردة لايُلوثه أي شي إذا كان صادق ولَكنها لَم تَكُن تُفكر بالحُب مُطلقاً كلُ تفكيرها كَان كيف تتفوق في دراستها وتجعل من أهلها فخورين بهِا وأَن تَكون طبيبة مشهورة ليس فقط في دولتها بل عالمياً وأن تَطل على لقاءات تِلفزيونية بِسبب نجاحاتها المتكررة وحصودها على جوائز عالمية في الطب ! نعم هكذا كانت تَحلم بالشهرة ! من خلال عَمل إنساني جميل !
هِي كَـ فتاة شرقية لَم تَكن تُؤمن بأن الفَتاة يُمكن لها التعرف عَلى شاب يُلقي عَلى مسامعها كَلمات من الغزل أو لها أن تَهمِس لَهُ كلمة "أحبك" لأن هذا مُخالف لعادات المجتمع فكيف لفتاة أن تقوم بهذا وتطعن في شرف عائلة كاملة بهذه الفعلة ! نعم كانت تسمع قصص من صديقاتها في الدراسة بأن فُلانة تُكلم شاب ! لم تعجبها الفكرة مُطلقاً !! كيف تجرؤ فتاة أن تُحادث شاب ألم تَخجل ؟! ألا تَخاف من الفضيحة ؟! كم قِصة حُب أصبحت في مجتمعها من فضيحة لايُمكن تجنبها وأدت إلى عائلة كاملة إلى هاوية القائمة السوداء ! وكم من فتاة راحت فضيحتها على كُل لسان من حولها !
مع تَفكيرها هذا لم تدع أي احتمال ولو صغير بأنها يوماً ما ستدخل إلى دوامة الحُب وبأنها لَن تَعرف طريقاً للخروج مِن تِلك المتاهة بل أَنها كُلما حاولت الخُروج تجد نفسها قَد تاهت أكثر وأكثر !!
كَيف لها أن تَعلم ذلك وهي ماكانت تَعرف أي شاب سوى أهلها ! وَلم يَكن اي منهم مناسباً لها أصلاً , وَلم تَكن تَخرج لأي مَكان عَام بِدون أهلها ! وفقط تذهب لزيارة صديقاتها فِي منازلهم ولم يَكن لَهم أخوة يُمكن أن تكون هي حبيبة له !
إذن فكيف يُمكنها التعرف على شاب ما وأن تَقع فِي حبه وأكثر !
حتى جاء ذلك اليوم الذي لم تحسب لَهُ أي حساب ! كان في يوم الأحد الموافق 3 سبتمبر من عام 2006 ! كانت كعادتها تفتح حساب المسنجر الخاص بها والذي كان جديداً وزعته على صديقاتها في المدرسة المتوسطة ! وكانت تأتيها إضافات ولابد أن تستفسر عن صاحبتها من تكون لَم تَكُن تقبل أي ايميل لاتعرف من هو صاحبه لأنها باختصار لاتُحب لعبة التخمين !
ولكن ! تفاجأت بإضافة غريبة لم يمكن الإيميل مألوف لها لم تسمع أحدى صديقاتها تقول بأن ايميلها هكذا أو مشابه له !
حسناً إنتابها الفضول لمعرفة من يكَن هذا الشخص ! قامت بقبول الإضافة ووضع حظر عليها ! أنتظرت لم يدخل صاحب تِلك الإضافة بدأ فُضولها بالزيادة ! أرسلت ايميل لصاحب الإيميل ! وكأنها طفلة حقاً كتبت في محتواه
"هلا .. من ؟؟ .. باي"
فقط هذا ماكتبته ! على أمل أن يأتيها رد وأن تَكن إحدى الفتيات اللاتي تعرفهن ! ولم تجد أي رد ! أغلقت المسنجر وهي تُفكر من تِلك الفتاة الغامضة ! وفي اليوم التالي راحت تسأل صديقاتها في وقت الفسحة من قامت بإضافتها مُؤخراً ولكن لم تَكن أي واحدة منهن قامت بإضافتها في ذلك اليوم ! زاد فُضولها أكثر من ستكون تِلك الفتاة إذن ؟ لم تُعطي لأي أحد ايميلها الخاص سوى صديقاتها ولم تكن إحداهن صاحب ذلك الإيميل !
عادت للمنزل ودخلت للمسنجر على أمل أن ترى الإيميل متصل لم تراه ! حتى المغرب وعندما قررت أن تغلق المسنجر ! تفاجأت بأن الإيميل المحظور متصل الآن !! ولكن "النك نيم" كان يوحي بأنه ذكر ! قالت رُبما تَكون تِلك مزحة سخيفة من أحدى صديقاتها لأنها كانت تسمع بالمقالب التي تفعلها صديقاتها لبعضهن ! أزالت الحظر ! وبدأت بالسلام ! وعاد لها الرد !!
كانت المحادثة سخيفة فتارة تقول بأنها أحدى زميلاتها في الدراسة ! وتارة يخبرها بأنه ذكر وحصل على ايميلها من كراج منزل ! وتارة يُخبرها بأنه عثر على الإيميل مكتوباً على ريال ! وأخيراً أخبرها بأنه حصل عليه من ورقة شوكولاتة M&m’s
لم تَعجبها سُخريته أبداً ! لم تُحبه وكانت تُريد حذفه لأنه كما نعته "سخيف" !! لكنها تريثت وقالت رُبما يَكن هذا تسلية جميلة لي فعناده هذا وعدم إجابته على سؤالها كان بالنسبة لها متعة بأمكانها الإستمرار معه على هذا الحال ! العناد والشجار وهي تستمتع ! حقاً أعجبها هذا السيناريو !
حتى تعارفا على بعضهما وهدأ الشجار بينهما أصبحا أصدقاء كانت تُخبره عَن أدق تفاصيل يَومها بشكل يومي وهو كان يستمتع هو بذلك وكانت هي تعرف أخباره المهمة والجميلة والجذابة !
حسناً بدأ بالتوافق وكانا يتحدثان عبر المسنجر لساعات طويلة وكانت أحاديثه تعجبها ! لم يكن كما توقعته ولد طائش كـ غيره من الأولاد من هم في مثل سنه ! كان يكبرها بـ 4 سنوات وكانت حينئذٍ في سن الـ 14 من عمرها أي كان عندها عمره 18 سنة فقط !
أصبحت تُحب محادثته بِشكل يومي لَم تُحبه كـ حبيب ولكن كـ أخ يفهمها وإذا لم تحادثه يوماً اكتفت بإرسال ايميل له لتطمئن عليه وهو يقوم بالرد عليها , حقاً أحست بأنه أخاً لها وصديق لم تشعر بشيء غير ذلك !
كانت عِندما تقول له أحبك هي تَعلم بأنه لن يُسيء فِهمها بل سيرد عليها بذات الكلمة مِن باب الحُب الأخوي لاحُب آخر ! كان يُلقي عليها بِكلمة حبيبتي وكانت هي تَعلم بأنه يُحادثها ويتفوه بهذه الكلمة كما لو كانت أخته حقاً كلاهما كَان يفهم الأخر ولم يُسيء أحدهما فِهم الآخر عِند إلقاءه لكلمة حب ! بل كانت تِلك الكلمات التي يتفوهان بها فقط من باب أخوة وكلاهما يعلم ذلك ! أستمرت العلاقة على هذا الحال ! حتى هي أخبرت أخواتها بأنها تُحدثه وأخواتها حذروها بأن تتطور العلاقة أكثر قالت لكم لاتقلقوا فهو شخص ناضج ومهذب لايمكن له أن يتعدى هذه العلاقة أبداً وأنا كذلك لن أفسد علاقتي به كـ أخ بتفاهات لاتهمني ! وهكذا تطمنت أختاها لكلامها .
كانت فِعلاً تنتظره يومياً لتُحادثه ! فقد كانت تستمع على الرغم من أن عنادهما مازال مستمراً وشجارهما إلا إن حديثهما الدائم والهادئ كان يُشعرها بالسعادة هُو يُخبرها بأهم أخباره اليومية وهي تسرد له حكاياها التي تحدث كُل يوم في المدرسة وهو يُعلق عليها أو يُرشدها إلى الطريق الصحيح إذا أخبرته بأنها محتارة في أمر ما ! فكانت تَعمل بِكُل مايقوله ! شعرت بأنه ملاك وأنه حقاً أخ لها يُساعدها عندما تحتاج إلى المساعدة وكانت ترى بأن حديثه دائما صواب ولم ترى بأنه مُخطئ في أي شي !
نَعم هكذا نظرت له ولم تُفكر في غير ذلك , وكانت تقول بأنه من ستكون زوجته مستقبلاً ستكون محظوظة بِه ولِم لاتكون كذلك ؟ شخص كامل والكمال لله وكلامه يدل على ثقافته العالية وعلى عقله الكبير ! كان شخصية جذابة بالرغم من أنها لم تراه ولم تعرف عنه أي شيء سوى أسمه والإسم المستعار للمسنجر وأحاديثه المكتوبة في محادثة المسنجر ! ولم تطلب منه أصلاً ان تراه ولِم تراه أصلاً ؟ لم يَكن بالشيء الضروري فقط يكفيها أن تُحادثه كتابياً وأن تستمتع لذلك بأنها كسبت أخاً حقيقي وأحبته وأحبها كأخوين من أبٍ وأم !
لم تعتقد يوماً أن تُحبهُ حقاً من خلال أحاديثه المكتوبة ! لم تتخيل بأنه سيدخل إلى قلبها مُجدداً كـ حبيب ليس كـ أخ ! نَعم هاهي بدأت تَشُعر بأنها تُحبه ليس كالسابق ! ليس كأخ لها ! ماذا تفعل ! هِي كانت تعلم ماتشعر بهِ حقاً ولم تُكذب مشاعرها ! هي الآن في ورطة !!
كـ فتاة شرقية هذا عيب ولايجوز ! فكيف لها أن تُحب شاباً !! سوف تموت بلا أي شك لو عَلِم اهلها بذلك ! هل تخبر أحد خواتها بما إنهن يعلمن بأنها تحدثه ؟ لا كيف لها ذلك في النهاية هُن شرقاويات لن يتقبلن فكرة أن أختهن تُحب شاباً ! نعم كانت تبكي إذا لم تحادثه ! وتخاف عليه وكان مُجمل تفكيرها هو ! وماذا عساها أن تفعل فقد أحبته بالرغم بأنها لاتعرف عنه أي تفاصيل ! وهي تعلم بأنه سيكون حباً من طرف واحد فقط وأنه من المستحيل أن يُبادلها نفس الشعور , كانت تعلم بأن الوصول إلى قلبه أمراً صعباً بل ومستحيلاً هو رجلٌ شرقي فِعلاً ولكنه عاقل لايُمكن أن يسمح بحدوث شيئاً كهذا مُطلقاً ! أي أنه لا أمل بأن تعيش قصة حُب كتلك التي في الروايات ولا مثل تلك التي في الأفلام الرومانسية !
قررت يوماً أن تخبره وأنتظرته ولم يدخل ! أرسلت له بريد بأنها تُريد التحدث معه بشكل ضروري ! وحقاً قام بتسجيل دخوله منتصف الليل وكان في حيرة ماذلك الشيء الذي لم تكتبه في ذلك الإيميل ! إذ أنها إذا لم تحادثه مباشرةً في المسنجر كانت ترسل لها ايميل وتكتب له كُل شي لِم هذه المرة لم تكتب ؟ راح يسألها وهي لم تعرف كيف تُجيب ! حتى أجابته أنا اعلم بأن ماحدث خطأ ولكني متأكدة من مشاعري لست طفلة لا افهم أنا اعلم جيداً بأن ماسأقوله حقيقي ولكني خائفة من ردة فعلك ولا أريد منك شيء فقط أن تعدني بأن نبقى كما نحن أخوة وأصدقاء ! سألها ماذا هُناك ؟ أجبته بأنها بالرغم منها أحبته حباً حقيقياً ليس كـ حبِ الأخوة ! ولم تطلب منه تعليقاً ! أجابها بأنه سيبقى لجانبها كما الآن وأن علاقته فيها لن تتغير ! أخبرته هي بأنها حقيقة فكرت في الفراق لأن ذلك صعبٌ عليها ولكنها أزالت هذه الفكرة من رأسها وهو تقبل كلامها بِشكل جيد ! واغلقت المسنجر وهي مرتاحة بأنها صارحته بِحبها وأن علاقتهما ستستمر كما لو أنهم أخوة ! ولم تُفكر بأنه شخص يُمكنه الحُب هو شخص كـ ملاك خُلق لمساعدة من حوله لا لأن يعيش قصص حُب وأن يُعلق فتاة به ! كان مُختلفاً كُلياً عن كُل الشباب ! كان شيء نادراً لم تُصدق بِوجودهِ يوماً ! دائماً كانت تُفكر به ويخطر ببِالها بأنه شيء خيالي فقط هي التي تستطيع التحدث له رأته حقاً كـ سراب لا حقيقة ! وبنفس الوقت تُفكر بأن هذا هو بطلها الذي رسمته يوماً في أحلامها وحلمت بأن يكون كما هذا الشاب برغم من أنها لاتعرف كيف يبدو شكله إلا أنها حقاً كانت تحلم بِفارس مثل هذه المواصفات فقد كانت معاييرها في زوجها المستقبلي معقدة نوعاً ما بنظر البعض ! ولكنها هاقد رأت الشاب الذي يحمل تلك المعايير ولكن مالفائدة ؟ هو شخص مُحترم لايمكن أن يخطأ خطأ واحد معها لأنه كان يخاف عليها ويصونها كـ دُرة ويخاف عليها من الضياع , كان دائماً يقول لها ذلك وبأنه سيحافظ عليها بقدر المستطاع مادام معها ولن يجعلها تسقط على أي حفرة خطرة مادامت معه ! وهي تصدق كلامه كـ فارس نبيل كلامه صحيح دوماً , لم تُفكر يوماً بأنه سيأتي اليوم الذي هو أيضاً يُبادلها فيه ذلك الحُب الطاهر أبداً !!
يتبع ..