تدبروا كتاب ربكم

[الوعد الصادق]

في زمننا هذا تعتبر حاجة أمتنا ( أمة الحبيب المصطفى ) لمعرفة معنى التدبر وكيفيته ملحة وهامة جداً , حيث أن واقع الأمة اليوم : أبعدها عن كتاب ربها وعن توجيهات خالقها , حيث أن مدارس التحفيظ اقتصرت على الاعتناء بحفظ القرآن عن القرآن عن ظهر قلب بدون وعي للآيات وما فيها من توجيهات تقود المسلم إلى مرضاة ربه عز وجل ,, وربما أخذت بعض مدارس التحفيظ في الاعتناء بتجويد الحروف فقط مع حفظ القرآن الكريم , ولا نريد أن نتناسى لماذا أرسل الله إلينا خير رسول بأعظم رسالة من السماء كتاب الله الكريم " القرآن العظيم " .

يقول سبحانه وتعالى:{كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ}ص ( آيه 29 )

إذاً الغاية العظمى من أنزال هذا الكتاب العظيم هو تدبر آيات الله عز وجل حتى تحصل البركة التي أخبرنا الله سبحانه وتعالى عنها بركة في العمر والرزق والذرية , اذاً لا تحصل البركة إلا بالتدبر.

فما هو التدبر؟؟
قال تعالى { فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ }محمد ( آية 19 )
التدبر: هو التفكر والفهم لآيات الله سبحانه وتعالى ثم اتعاظ القلب والخشية و انشراح الصدر للعمل الفوري والتطبيق العملي لأوامر الله عز وجل والبعد عن معاصيه .

وثمرات التدبر وآياته الدالة على حصوله :
أولاً : الفوز برضا الله عز وجل وبشفاء الصدور والحصول على الرحمة والهدى من رب العالمين .
قال تعالى { يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ{57} قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ }يونس آيات ( 57 , 58 )
ثانياً : الطمأنينة والسكينة ولين القلب والخضوع لله رب العالمين .
قال تعالى { اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ }الزمر ( آية 23 )
ثالثاً : ثناء الله على من تدبر كتابة الكريم وتأثر به .
قال تعالى{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ{2} الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ{3} أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ }

الأنفال آيات ( 2 – 4 )

رابعاً: حاجة الإنسان الشديدة إلى القرآن الكريم . يبن ذلك حديث رسول الله صلى عليه وسلم الذي يرويه ابن مسعود رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلا حَزَنٌ فَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ ابْنُ عَبْدِكَ ابْنُ أَمَتِكَ ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي وَنُورَ صَدْرِي ، وَجِلاءَ حُزْنِي وَذَهَابَ هَمِّي . إِلا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَحًا ".
خامساً : من ثمرات التدبر تحقيق الأمر بالمعروف والنهي المنكر عن طريق سرد الآيات وفهمها والتخلق بأخلاقه .
سادساً : من ثمرات التدبر حصول البشرى من الله عز وجل .
قال تعالى { فَبَشِّرْ عِبَادِ {17} الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ }الزمر ( آيات 17 , 18 )
ويقول ابن القيم رحمه الله : من سمع القرآن بالاعتبارات الثلاث
1- إدراكاً وفهماً .
2- تدبراً .
3- وإجابة .
لن يعدم إرشاداً لحجة , وتبصرة لعبره , وتذكرة لمعرفة , وفكرة في آية . ودلالة على رشد , وحياة لقلب , وغذاء ودواء وشفاء وعصمة ونجاة وكشف شبهة .
قال السيوطي رحمه الله تعالى : القراءة بدون معرفة معاني ألفاظه ليست قراءة ولا ثواب فيها .
سابعاً : تدبر القرآن والعمل به يقود إلى أعلى درجات الجنان قال النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ اقْرَأْ : وَارْقَ ، وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا ، فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا "
قال تعالى { كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ{3} بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ }فصلت ( آيات 3 , 4 )
قال تعالى{ أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ }الزمر ( آية 22 )
قال تعالى { وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ{55} أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ }الزمر ( آيات 55 , 56 )
قال تعالى { وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِم بِآيَةٍ قَالُواْ لَوْلاَ اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يِوحَى إِلَيَّ مِن رَّبِّي هَـذَا بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ{203} وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ{204} وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ{205} إِنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ }الأعراف آيات ( 203 – 206 )

الأعراض عن التدبر
ثمرات عدم التدبر لكتاب الله عز وجل :
أولاً : ذم الله عز وجل
فقال تعالى {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا }محمد ( آية 24 )
فعدم تدبر القرآن الكريم ومعرفته يؤدي إلى غلق القلب فلا يعرف المسلم ماله وما عليه .
ثانياً : عدم التدبر يؤدي إلى هجر القرآن حتى ولو قرأه كله .
قال تعالى{ وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً }الفرقان(آية30)
يقول ابن كثير رحمه الله تعالى ( ترك تدبر القرآن من هجرانه )
ويقول ابن عمر رضي الله عنه ( لَقَدْ رَأَيْتُ الْيَوْمَ رِجَالًا يُؤْتَى أَحَدُهُمُ الْقُرْآنَ قَبْلَ الْإِيمَانِ ، فَيَقْرَأُ مَا بَيْنَ فَاتِحَتِهِ إِلَى خَاتِمَتِهِ ، وَلَا يَدْرِي مَا أَمْرُهُ وَلَا زَاجِرُهُ ، وَلَا مَا يَنْبَغِي أَنْ يَقِفَ عِنْدَهُ مِنْهُ وَيَنْثُرُهُ نَثْرَ الدَّقْلِ ).
ويقول ابن عباس رضي الله عنه (إِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَرَتِّلْهُ تَرْتِيلا وَبَيِّنْهُ تَبْيِينًا لا تَنْثُرْهُ نَثْرَ الدَّقَلِ , وَلا تَهُذُّهُ هَذَّ الشَّعَرِ , قِفُوا عِنْدَ عَجَائِبِهِ وَحَرِّكُوا بِهِ الْقُلُوبَ وَلا يَكُونَنَّ هَمُّ أَحَدِكُمْ آخِرَ السُّورَةِ ")
ثالثاً : ضيق الصدر.
قال تعالى{ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى{124} قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً{125} قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى } طه ( آيات 124 – 126 ) .
والأعراض عن ذكر الله هو عدم العمل بكتاب الله عز وجل حتى ولو قرأته , ويؤدي ذلك إلى نسيان الله له يوم القيامة ويحشر أعمى .


رابعاً : عدم تدبره والعمل به يلحق المسلم بالتشبه باليهود .
قال تعالى{ مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }الجمعة ( آية 5 )
قال الطرطوشي – رحمه الله تعالى – فدخل في عموم هذا من يحفظ القرآن من أهل ملتنا ثم لايفهمه ولا يعمل به .
ويقول القرطبي – رحمه الله تعالى – في هذه الآية ( هذا تنبيه من الله تعالى لمن حمل القرآن أن يتعلم معانية ويعلم ما فيه لئلا يلحقه الذم مثل مالحق هؤلاء )
خامساً : عدم تدبره والعمل به يوقع المسلم في حجة القرآن عليه قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( القرآن حجة لك أو عليك ) أخرجه مسلم .
وقال الحسن البصري – رحمه الله – ( نزل القرآن لتدبر ويعمل به فاتخذوا تلاوته عملاً وتدبر آياته : اتباعه والعمل به وبعلمه أما والله ما هو بحفظ حروفه وإضاعة حدوده حتى إن أحدهم ليقول : لقد قرأت القرآن كله فما أسقطت منه حرفاً , وقد اسقطه كله , ما يرى له , القرآن في خلق ولا عمل )
سادساً : استحقاق العذاب من الله عز وجل
قال تعالى{ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } لقمان ( آية 7 )




ما هي الأمور التي تحيل عن تدبر القرآن الكريم ؟؟
1- أمراض القلوب مثل الرياء فالشخص يذهب كل تفكيره في إجادة الحروف ليقال أنه قارئ أو صوته جميل فيشغله ذلك عن تدبر الآيات وفهم المعاني والتأثر بها .
كذلك التركيز على أحكام التجويد .
2- انشغال القلب بأمور الدنيا وكسب المال والأكل والشرب والأولاد .
3- شرود الذهن والتفكير في مشاغل الحياة .
4- اقتصار الخشوع فقط في آيات الوعيد .
5- اقتصار الهمة على كثرة القراءة ومتى ينتهي من الورد اليومي .
6- عدم فهم معاني الكلمات .
7- عدم المعرفة بتفسير الآيات وأسباب النزول .




ما هي الأمور المعينة على تدبر القرآن الكريم .

( مفاتيح تدبر القرآن الكريم )

1- أن تعيش في جو الآيات القرآنية وأن تستشعر أنك المخاطب بها وأن الله سبحانه وتعالى يكلمك بها .
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من أحب أن يكلمه الله فليقرأ القرآن)
وخاصة من كانت له دعوة في سبيل الله فإن الآيات ستمر عليه وكأنه المخاطب بها لأنه يرى الأنبياء قبله كيف صبروا وجاهدوا واضطهدوا في سبيل الدعوة فهذا سيثبته ويأنس بوعد الله له .
ومن صور المعايشة للآيات ما روى عن الفاروق رضي الله عنه عندما كان يسمع نشيجه في أواخر الصفوف وهو يقرأ (إنما أشكو بثي وحزني إلى الله )
2- أن تتصور حال نزول تلك الآيات على رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما كان في مكة فيتصور أثرها عليه صلى الله عليه وسلم . وعلى صحابته وكيف نزلت تلك الآيات لتثبتهم وتوعدهم بالنصر والتمكين فتكون برداً وسلاماً وتزيدهم إيماناً ويقيناً .
3- معرفة أسباب نزول الآيات .
4- حسن الاستماع لآيات الله والإنصات التام قال تعالى{ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }الأعراف ( آية 204 )
5- البحث في معاني الكلمات وفهم الآيات بالإطلاع على كتب التفاسير الموثقة لمعرفة مدلول الآيات وما يستفاد منها .
قال تعالى{ لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ } يوسف ( آية 7 )
قال السعدي رحمة الله تعالى : آيات لكل من سأل عنها بلسان الحال أو بلسان المقال , فإن السائلين هم الذين ينتفعون بالآيات والعبر , وأما المعرضون فلا ينتفعون بالآيات والعبر ولا بالقصص ولا بالبينات .
6- صدق الطلب في معرفة المعاني والعمل بها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ( من تدبر القرآن طالباً الهدى منه تبين له طريق الحق )
7- الاعتناء بالوقف الصحيح الذي وقف عليه رسول الهدى صلى الله عليه وسلم.
8- ترتيل القرآن الكريم قال تعالى { وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً } المزمل ( آية 4 )
قال القرطبي معناه : أي لا تعمل بقراءة القرآن بل اقرأه في مهل وبيان مع تدبر المعاني قال تعالى { وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً } الإسراء ( آية 106 )
9- التغني بالقرآن الكريم وهو تحسين الصوت والتغني وقراءته والتطريب
10- الوقوف عند المعاني , ومن أبلغ الشواهد على ذلك مارواه حذيفة بن اليمان رضي الله عنه حيث قال ( صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة فقرأها ثم افتتح النساء فقرأها ثم أفتتح آل عمران فقرأها , يقرأ مترسلاً , إذ مر بآية فيها تسبيح سبح وإذا مر بسؤال سأل , وإذا مر بتعوذ تعوذ ثم ركع ) أخرجه مسلم .
11- تكرار الآيات
فعن أبي ذر رضي الله عنه قال ( قام النبي صلى الله عليه وسلم بآية حتى أصبح يرددها " قال تعالى { إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } المائدة ( آية 118 )
وعن سعيد بن جبير رحمه الله تعالى استفتح صلاة الليل ( إذا السماء انفطرت ) فلم يزل فيها حتى نادى منادي السحر .
وعن الضحاك رحمة الله ردد قوله تعالى{ لَهُم مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ النَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ } الزمر ( آية 16 )
وعن عامر بن قيس رحمه الله أنه قرأ قوله تعالى ( فقالوا ياليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ) فجعل يبكي ويرددها حتى أسحر .
12- مدارسة القرآن الكريم مع الأخوات والأصحاب
يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ( كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن ) .
13- تعظيم القرآن الكريم واستشعار أنه خطاب من الله عز وجل جل جلاله وتقدست أسماؤه وعظم رجاؤه .
14- إتقان اللغة العربية ومعرفة مفرداتها .
قال تعالى{وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ{27} قُرآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} الزمر ( آيات 27 , 28 )

درجات تدبر القرآن
الدرجة الأولى : الاستجابة والخضوع
قال تعالى{ وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } الأنعام ( آية 155 )
قال تعالى{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُوْلَـئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ} البقرة ( آية 121 )

يقول ابن مسعود رضي الله عنه ( والذي نفسي بيده إن حق تلاوته أن يحل حلاله ويحرم حرامه ويقرأه كما أنزله الله )
وعن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( يؤتى يوم القيامة بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا تقدمه سورة البقرة وآل عمران تحاجان عن صاحبهما ) رواه مسلم
وقال الحسن البصري رحمه الله تعالى ( نزل القرآن ليتدبر ويعمل به فاتخذوا تلاوته عملاً , وتدبرا آياته اتباعه والعمل بعلمه أما والله ما هو بحفظ حروفه وإضاعة حدوده )
ويقول الأجرب رحمه الله تعالى في توضيح خضوع القلب لكلام الله وكيف تكون الاستجابة لداعي الله وكيف يحاسب نفسه وكيف يسأل ربه فيقول متى أكون من المتقين ؟ متى أكون من الصابرين , متى أكون من الراجين , متى أتوب من الذنب وأكون من التوابين ,متى أتطهر و أكون من المتطهرين – من الصادقين – من المجاهدين

نماذج من الاستجابة والخضوع
عن عائشة رضى الله عنها قالت( لما أنزل الله في براءتي قال أبو بكر رضي الله عنه وكان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته وفقره ,والله لا أنفق على مسطح شيئاً أبدا بعد الذي قال لعائشة ما قال فأنزل الله{ وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}النور 22 قال أبو بكر رضي الله عنه إني والله امرئ أحب أن يغفر الله لي فرجع إلى النفقة التي كانت يعطيها مسطح ابن أثاثة ) .
وكذلك صدقة ابو طلحة رضي الله عنه عندما سمع قوله تعالى{ لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ } آل عمران92
وكان أحب ماله إليه أرض ببر حاء فتصدق بها .
وكذلك عمر رضي الله عنه عندما سمع الآية وكانت عنده جارية حسناء أسمها مرجانه فقال هي جارية لوجه الله تعالى
والأمثلة كثيرة في التزام الأمر وإتباع القرآن الكريم

الدرجة الثانية :التأثر وخشوع القلب وبكاء العين
قال تعالى{ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } الزمر( آية 23 )
وقد مدح الله البكائين فقال{ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً {107} وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً {108} وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً } الإسراء ( آيات 107 – 109 )



الدرجة الثالثة : استخراج الحكم واستنباط الأحكام .
مثال قوله تعالى { مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً } الجمعة ( آية 5 )
فهذا تشبيه لقوم مضوا لكنه تحذير وتنبيه للمسلمين إذا لم يعملوا بكتاب الله عز وجل وكذلك قوله تعالى{ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} الأحقاف ( آية 35 )
فإن كان هذا للرسول صلى الله عليه وسلم فهو كذلك للدعاة من بعده .
وقوله تعالى{ فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ } غافر( آية 55 )
فإذا كان هذا للرسول صلى الله عليه وسلم وقد غفر ما تقدم من ذنبه وما تأخر فلأمته أحرى وأولى أن تستغفر الله وهذا نهيج لنا على الاستغفار .



مثال في التدبر
قال تعالى { إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ{164} وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ} البقرة ( آيات 164 , 165 )

قال السعدي رحمة الله تعالى ( ما أحسن اتصال هذه الأمة بالتي قبلها فإنه تعالى لما بين وحدانيته وأدلتها القاطعة وبراهينها الساطعة , الموصلة إلى علم اليقين المزيلة لكل شك ذكر تعالى أن ( من الناس ) مع هذا البيان التام من يتخذ من دون الله أندادا ).
فسبحان الله عما يصفون .

هذا والله تعالى أعلم اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وزوال احزاننا وذهاب همومنا يارب العالمين .

سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا انت نستغفرك ونتوب إليك .

[همس الليالي]

السلام عليكم
أخي الكريم الوعد
طرح أكثر من رااائع وقيم
بارك الله فيك ونفع بما قدمت
ولا حرمك المولى الأجر والمثوبه
دمت في طاعة الله ورضاه

[ساجده]

جزاك الله خيرا اخى

احسن الله اليك وبارك فيك

[الوعد الصادق]

الغالية

همس الليالي

يشرفني حضورك الرائع
يسعدني تواجـــــدك
والله يسعدك بحياتك
ويسعدك بالفوز بجناته
ودمت بحفظه ورعايته

[الوعد الصادق]

الغالية

ساجده

يشرفني حضورك الرائع
يسعدني تواجـــــدك
والله يسعدك بحياتك
ويسعدك بالفوز بجناته
ودمت بحفظه ورعايته

[طارق سرور]

طرح رائع وقيم وعطر

شكراااا أخى الوعد وبارك الله فيك