أم ورقة ... الشهيدة
--------------------------------
هي الشهيدة أم ورقة بنت عبد الله بن الحارث.. صحابية كريمة كانت تلقب بالشهيدة، كما كان يسميها رسول الله صلى الله عليه وسلم، والثابت أنها ممرضة بارزة بين معاصراتها. كانت أم ورقة رضي الله عنها تتمنى الاستشهاد في غزوة بدر، لذا طلبت بإصرار من النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أن يأذن لها أن تساهم في غزوة بدر مساهمة فعلية، وذلك بأن تقوم بمداواة الجرحى والمرضى من جيوش المسلمين البواسل الذين قاتلوا تحت قيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم بكل شجاعة وتفان، حتى هزموا المشركين هزيمة نكراء، ولقد تناقل المؤرخون أن الشهيدة أم ورقة عندما رغبت بالذهاب إلى بدر قالت لصفوة الخلق صلى الله عليه وسلم: أتأذن لي فأخرج معك أداوي جرحاكم وأمرض مرضاكم لعل الله يهدي لي شهادة قال: “إن الله مُهدٍ لك شهادة” وكان يسميها الشهيدة.
وكانت أم ورقة قد جمعت القرآن، ولعلمها وفقهها بالقرآن أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تؤم أهل دارها، وكان لها مؤذن. ولم تكن قد تزوجت ولا أنجبت، ولكنها لم تكن تعيش في دارها الفسيحة وحيدة، فقد كان معها غلام وجارية يقومان على خدمتها، رقيقين لها تعاملهما معاملة الأم لولديها عطفاً وحناناً وحباً.
وتجاوبت مع شرع الله تعالى في فتح باب الحرية للعبيد، فأعلمت الغلام والفتاة بأنهما حُران بعد وفاتها.
ولحق الرسول صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى وقام بالأمر من بعده الخليفة الأول أبو بكر الصديق، ثم جاء دور عمر بن الخطاب.. ومازالت “أم ورقة” - رضي الله عنها - على قيد الحياة، وقد تقدمت بها السن، تدأب في الطاعة والعبادة، وتحرص على لقاء الله تعالى صفية نقية. كانت قليلاً من الليل ما تهجع، وبالأسفار تستغفر وتخشع، وتواصل الصلاة والقراءة فلا تقطع.
وفي ليلة تعجل الفتى والفتاة حريتهما.. فقاما إليها وخنقاها، ثم لفاها في قطيفة وجعلاها في جانب الدار، وانطلقا هاربين واستيقظ أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه لصلاة الفجر، فلما قضيت الصلاة قال للناس: والله ما سمعت قراءة خالتي “أم ورقة” البارحة، قوموا بنا نزور الشهيدة.
وأتوا دارها فعثروا عليها ملفوفة في القطيفة وقد فارقت الحياة. فقال عمر ومن معه: صدق الله ورسوله لقد رزقت أم ورقة الشهادة.