السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبى بعده ثم اما بعد
أحبتى الفضلاء هيا بنا نتوقف مع شرح الحديث الكريم والذى يرويه لنا عبد الله بن عباس رضى الله عنهما فى
صحيح البخارى
وعبد الله بن عباس من الذين دعى لهم النبى عليه الصلاة والسلام فقال صلى الله عليه وسلم له وضرب على
صدره
( اللهم فقه فى الدين وعلمه التأويل )
وكان من افقه الناس واعلمهم بالمدينه رضى الله عنه وعن ابيه العباس بن عبد المطلب عم رسول الل
ه صلى الله عليه وسلم
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ )
رواه البخاري
يقول ابن عباس رضي الله عنهما إن النبي صلى الله عليه وسلم قال
( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة ، والفراغ ) ،
يعني أن هذين الجنسين من النعم مغبون فيهما كثير من الناس ، أي مغلوب فيهما ،
وهما الصحة والفراغ ، وذلك أن الإنسان إذا كان صحيحاً كان قادراً على ما أمره الله به أن يفعله ، وكان قادراً
على ما نهاه الله عنه أن
يتركه لأنه صحيح البدن ،
منشرح الصدر ، مطمئن القلب ، كذلك الفراغ إذا كان عنده ما يؤويه وما يكفيه من مؤنة فهو متفرغ .
فإذا كان الإنسان فارغاً صحيحاً فإنه يغبن كثيراً في هذا
لأن كثيراً من أوقاتنا تضيع بلا فائدة ونحن في صحة وعافية وفراغ ، ومع ذلك تضيع علينا كثيراً ،
ولكننا لا نعرف هذا الغبن في الدنيا ، إنما يعرف الإنسان الغبن إذا حضره أجله
وإذا كان يوم القيامة
والدليل على ذلك ما جاء فى كتابه تعالى فى سورة المؤمنون بقول سبحانه وتعالى :
( حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ)
وقوله عز وجل فى سورة المنافقون ظهر جليا لمن كان له قاب أوألقى سمعه وهو شهيد يقول سبحانه:
( مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِين َ)
وفى نفس السورة يقول سبحانه وتعالى:
( وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)
الواقع أن هذه الأوقات الكثيرة تذهب علينا سدىً لا تنفع منها ولا ننفع أحداً من عباد الله ولا نندم على هذا إلا إذا حضر الأجل
يتمنى الإنسان أن يعطى فرصة ولو دقيقة واحدة لأجل أن يستعتب ، ولكن لا يحصل ذلك.
ثم إن الإنسان قد لا تفوته هاتان النعمتان : الصحة والفراغ بالموت ، بل قد تفوته قبل أن يموت
و قد يمرض ويعجز عن القيام بما أوجب الله عليه ،
وقد يمرض ويكون ضيق الصدر لا يشرح صدره ويتعب
وقد ينشغل بطلب النفقة له ولعياله حتى تفوته كثير من الطاعات .
ولهذا ينبغي للإنسان العاقل أن ينتهز فرصة الصحة والفراغ بطاعة الله سبحانه وتعالى بقدر ما يستطيع
إن كان قارئاً للقرآن فليكثر من قراءة القرآن،
وإن كان لا يعرف القراءة يكثر من ذكر الله عز وجل
وإذا كان لا يمكنه ؛ يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر
أو يبذل لإخوانه كل ما يستطيع من معونة وإحسان
فكل هذه خيرات كثيرة تذهب علينا سدىً ، فالإنسان العاقل هو الذي ينتهز الفرص
فرصة الصحة ،وفرصة الفراغ .
وفي هذا دليل على أن نعم الله تتفاوت ، وأن بعضها أكثر من بعض ، وأكبر نعمة ينعم الله تعالى بها على العبد
نعمة الإسلام
ونعمة الإسلام التي أضل الله عنها كثيراً من الناس وقد ورد فى سورة المائدة قوله الله تعالى :
( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً )
فإذا وجد الإنسان أن الله قد أنعم عليه بالإسلام وشرح الله صدره له فإن هذه أكبر النعم .
نعمة العقل
فإن الإنسان إذا رأى مبتلى في عقله لا يحسن التصرف
وربما يسيء إلى نفسه وإلى أهله
حمد الله على هذه النعمة
فإنها نعمة عظيمة .
ونعمة الأمن في الأوطان
فإنها من أكبر النعم ، ونضرب لكم مثلاً بما سبق عن آبائنا وأجدادنا من المخاوف العظيمة في هذه البلاد ،
حتى إننا نسمع أنهم كانوا إذا خرج الواحد منهم إلى صلاة الفجر ؛ لا يخرج إلا مصطحباً سلاحه ؛ لأنه يخشى أن
يعتدي عليه أحد ،
ثم نضرب مثلاً في حرب الخليج التي مضت في العام الماضي ؛ كيف كان الناس خائفين ! أصبح الناس يغلقون
شبابيكهم بالشمع خوفاً من شيء متوهم أن يرسل عليهم ،
وصار الناس في قلق عظيم ، فنعمة الأمن لا يشابهها نعمة غير نعمة الإسلام والعقل .
كذلك مما أنعم الله به علينا نعمة الأرزاق
ولا سيما في هذه البلاد رغد العيش؛ يأتينا من كل مكان فنحن في خير عظيم ولله الحمد البيوت مليئة من
الأرزاق ،
ويقدم من الأرزاق للواحد ما يكفي اثنين أو ثلاثة أو أكثر، هذه أيضاً من النعم . فعلينا أن نشكر الله سبحانه وتعالى
على هذه النعم العظيمة ،
وأن نقوم بطاعة الله حتى يمن علينا بزيادة النعم وذلك لما ورد فى سورة إبراهيم يقول سبحانه وتعالى :
( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)
نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن ينير قلوبنا فتبع
وأن يُصلح حالنا فلا نبتدع
غفر الله لى ولكم وللمسلمين
وصل الله على رسول الله.