{ من الهدي النبوي }
.. الحديث ..
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم:
"وَالّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللّهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللّهَ، فَيَغْفِرُ لَهُمْ"
(رواه مسلم).
إن لله تعالى حكمة في إلقاء الغفلة على قلوب عباده أحياناً حتى تقع منهم بعض الذنوب ، فإنه لو استمرت لهم اليقظة التي يكونون عليها في حال سماع الذكر لما وقع منهم ذنب .
وفي إيقاع الخلق في الذنوب أحياناً فائدتان عظيمتان :
إحداهما :
اعتراف المذنبين بذنوبهم وتقصيرهم في حق مولاهم وتنكيس رؤوس عجبهم ، وهذا أحب إلى الله من فعل كثير من الطاعات ، فإن دوام الطاعات قد توجب لصاحبها العجب .
قال الحسن : لو أن ابن آدم كلما قال أصاب ، وكلما عمل أحسن ، أوشك أن يجن من العجب .
قال بعضهم : ذنب أفتقر به أحب إلي من طاعة أدل بها عليه ،أنين المذنبين أحب إليه من زجل المسبحين؛ لأن زجل المسبحين ربما شابه الافتخار وأنين المذنبين يزينه الانكسار والافتقار .
وقال الحسن أيضا :
إن العبد ليعمل الذنب فلا ينساه ولا يزال متخوفاً منه حتى يدخل الجنة .
فالمقصود من زلل المؤمن ندمه ، ومن تفريطه أسفه ، ومن اعوجاجه تقويمه ، ومن تأخره تقديمه ، ومن زلقه في هوة الهوى أن يؤخذ بيده فينجى إلى نجوة النجاة .
الفائدة الثانية :
حصول المغفرة والعفو من الله لعبده ، فإن الله يحب أن يعفو ويغفر ومن أسمائه الغفار والعفو والتواب فلو عصم الخلق فلمن كان العفو والمغفرة .
قال بعض السلف : أول ما خلق الله القلم فكتب :
إني أنا التواب أتوب على من تاب .
وكان بعض السلف يقول :
لو أعلم أحب الأعمال إلى الله لأجهدت نفسي فيها ، فرأى في منامه قائلاً يقول له إنك تريد ما لا يكون إن الله يحب أن يغفره .
قال يحيى بن معاذ :
لو لم يكن العفو أحب الأشياء إليه لم يبتل بالذنب أكرم الخلق عليه .
يا رب أنت رجـــائي ** وفيك حسنت ظني
يا رب فاغفر ذنوبي ** وعـافني واعف عني
الـــــعفو منك إلـــهي ** والذنب قد جاء مني
والـــــظن فيك جميل ** حقق بحـــــــقك ظني