فضل البكاء عند قراءة القرآن
البكاء عند التلاوة والذكرصفة العارفين وشعار عباد الله الصالحين قال الله تعالى :"إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا".}سورة الإسراء , الآيات : 107-109.
وإن مايحصل عند الاستماع لآيات الله والذكر المشروع من وجل القلب ودمع العين واقشعرار الجسوم فهذا أفضل الأحوال التي نطق بها الكتاب والسنة ". الفتاوى لابن تيمية 22 /522.
قال تعالى:"الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء"}سورة الزمر, الآية: 23 {وقال تعالى:"إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا"}سورة مريم , الآية:58{.قال القرطبي رحمه الله :"في هذه الآية دلالة على أن لآيات الرحمن تأثير في القلوب". أحكام القرآن 11 / 120.
بكاء النبي صلى الله عليه وسلم:
كان بكاؤه صلى الله عليه وسلم من جنس ضحكه لم يكن بشهيق ورفع صوت كما لم يكن ضحكه بقهقهة ولكن كانت تدمع عيناه حتى تهملا ويسمع لصدره أزيز وكان بكاؤه تارة رحمة للميت وتارة خوفا على أمته وشفقة عليها وتارة من خشية الله وتارةعند سماع القرآن وهو بكاء اشتياق ومحبة وإجلال مصاحب للخوف والخشية. زاد المعاد لابن القيم 1 / 183
قال ابن مسعود رضي الله عنه:قال رسول الله ": صلى الله عليه وسلم إقرأ علي :فقلت يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال نعم إني أحب أن أسمعه من غيري.فقرأت سورة النساء حتى أتيت إلى هذه الآية"فكيف إذا جئنا من كل أمةبشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا" فقال حسبك الآن فإذا عيناه تذرفان "رواه البخاري ومسلم. .
وبكى صلى الله عليه وسلم لما شاهد إحدى بناته ونفسها تفيض ولما مات ابنه إبراهيم دمعت عيناه وبكى رحمة له وبكى لما مات عثمان بن مظعون وبكى لما كسفت الشمس وصلى صلاة الكسوف وجعل يبكي في صلاته وكان يبكي أحيانا في صلاة الليل المرجع السابق 1/ 183 – 184.
وعن مثبت البناني عن مطرف عن أبيه قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ولجوفه أزيز كأزيز المرجل – يعني يبكي" رواه أحمد والنسائي وأبوداود. والبيهقي في الشعب وصححه الألباني.
الأزيز: حنين من الجوف وهو صوت البكاء.
والمرجل: بكسر الميم الإناء الذي يغلي فيه الماء سواء كان من حديد أوصفر أو حجارة سنن النسائي شرح الحافظ السيوطي 3 / 13..
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال :"شيبتني هود والواقعة والمرسلات وعم يتساءلون وإذا الشمس كورت" صحيح الجامع رقم 3723.
وكانت قراءته صلى الله عليه وسلم تصدع القلوب وفي الصحيحين عن جبير بن مطعم قال:سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور فما سمعت أحدا أحسن صوتا أو قراءة منه وفي بعض ألفاظه فلما سمعته قرأ"أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون"} سورة الطور الآية :35{ كاد قلبي أن يطير قال ابن كثير-رحمه الله- وكان جبير لما سمع هذا لم يزل مشركا على دين قومه وإنما كان قوم في نداء الأسارى بعد بدر وناهيك عن تؤثر قراءته في المشرك المصرعلى الكفر فكان هذا سبب هدايته ولهذا كان أحسن القراءات ما كان عن خشوع من القلب وعن طاووس قال :"أحسن الناس صوتا بالقرآن أخشاهم لله" تفسير ابن كثير ج7ص482.