سائل يسأل عن فضل يوم الجمعة، وهل اختص بخصائص شريفة عن غيره من الأيام، وما تلك الخصائص؟.
الجواب:
يوم الجمعة من الأيام التي شرفها الله وفضلها. واختلف العلماء هل هو أفضل من يوم عرفة؟ على قولين هما وجهان لأصحاب الشافعي. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعظمه، ويخصه بعبادات يفعلها فيه دون غيره من الأيام. والخصوصيات التي اختص بها يوم الجمعة كثيرة تزيد على الثلاثين. ذكرها العلماء. وممن ذكرها العلامة ابن القيم[52]. ونلخص منها ما يلي:
الخاصة الأولى: أنه يوم عيد يتكرر كل أسبوع[53].
الثانية: أنه اليوم الذي يستحب فيه التفرغ للعبادة.
الثالثة: اختصاصه بصلاة الجمعة، التي هي من آكد فروض الإسلام، ومن أعظم مجامع المسلمين، ومن تركها ـ تهاونًا ـ طبع الله على قلبه؛ لما ورد فيها من الأحاديث[54].
الرابعة: قراءة سورتي {الم تنزيل} السجدة، و{هل أتى على الإنسان} في فجرها؛ للأحاديث الواردة فيها[55].
الخامسة: قراءة سورتي (الجمعة) و(المنافقين) في صلاة الجمعة، أو (سبح) و(الغاشية)[56].
السادسة: الأمر بالاغتسال في يومها[57]. وهو أمر مؤكد جدا، وقيل بوجوبه.
السابعة: استحباب التطيب فيه[58]. وهو أفضل من التطيب في غيره من الأيام.
الثامنة: السواك فيه[59]. وله مزية على السواك في غيره من الأيام.
التاسعة: التبكير إلى الصلاة فيه. ومن راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة. ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة. ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشًا أقرن. ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة. ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، كما في الأحاديث الواردة[60].
العاشرة: الاشتغال بالذكر، والقراءة، والصلاة إلى خروج الإمام[61].
الحادية عشرة: الإنصات للخطبة ـ إذا سمعها ـ وجوبًا؛ للأحاديث الواردة فيها[62].
الثانية عشرة: قراءة سورة الكهف في يومها؛ للأحاديث الواردة فيها[63].
الثالثة عشرة: أن الصلاة لا تكره فيه وقت الزوال، بخلاف غيره من الأيام[64]. وهذا مذهب الشافعي، ومن وافقه. وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، وغيرهما.
الرابعة عشرة: استحباب لبس أحسن الثياب فيه؛ لما ورد في ذلك من الأحاديث[65].
الخامسة عشرة: استحباب تجمير المسجد فيه، وتبخيره بالبخور[66].
السادسة عشرة: أنه لا يجوز السفر في يومها ـ لمن تلزمه ـ بعد الزوال[67].
السابعة عشرة: أن للماشي إلى الجمعة بكل خطوة أجر سنة ـ صيامها وقيامها ـ وفيه حديث مرفوع رواه الإمام أحمد في "المسند"، وعبد الرزاق[68].
الثامنة عشرة: استحباب كثرة الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة وليلتها[69].
التاسعة عشرة: أن جهنم لا تسجر فيه كما تسجر في غيره من الأيام[70].
العشرون: أنه يوم تكفر فيه السيئات[71].
الحادية والعشرون: أن فيه ساعة الإجابة، لا يسأل اللهَ عبدٌ مسلم فيها شيئًا إلا أعطاه إياه. أخرجاه في "الصحيحين"[72] من حديث أبي هريرة.
وهذه المسائل مقرونة بأدلتها. وتركنا بعضها اختصارًا. ومن أراد الاطلاع عليها فهي في "زاد المعاد".
ومن المؤسف أن بعض الناس يتخذ هذا اليوم الشريف يوم لهوٍ، ويغادرون البلاد؛ للنزهة، وغيرها. ومنهم من يترك صلاة الجمعة، ويتجمعون على المعاصي غير مهتمين ولا مبالين بحرمة هذا اليوم العظيم. وبعضهم يرتكب من الأعمال ما يسخط رب العالمين، ويستعينون بنعمه على معاصيه، {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف: 99].
المصدر