إن الإسلام هو دين الله للبشرية جمعاء ، بغض النظر عن لونهم ، أو جنسهم أو حالتهم الصحية والجسمية.
فقد راعى الإسلام حقوق كل الأفراد بشتى حالاتهم وحدد واجبات وحقوق كل فئة على حسب مقدرتها وإمكانياتها ،
وبما أن الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة هم شريحة من المجتمع . الذي نزل الإسلام من أجل هدايته ،
وإزالة الحرج عنه فقد ساوى الإسلام بينهم وبين سائر شرائح المجتمع في سائر الحقوق ، ولم يميز بينهم
وبين غيرهم من العاديين ، إلا بحسب ما تقتضيه تقوى الله عز وجل ، حيث يقول الله تعالى في هذا الصدد :
( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير )سورة الحجرات آية13
وقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم باعتباره مبيناً لكلام الله ، هذا الأمر أيما تأكيد من ذلك في
قوله صلى الله عليه وسلم :" إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أجسادكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم " صحيح مسلم .
بل لقد جعل الشارع الحكيم لهم حقوق إضافية أخرى تميزهم عن غيرهم مراعاة لهم.
كما نهى الإسلام المؤمنين عن السخرية بأي فرد كائناً من كان ، بسبب ما ألم به من نقص ،
فقال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ، ولا نساء من نساء عسى أن يكن
خيراً منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان فمن لم يتب فأولئك هم الظالمون )سورة الحجرات آية 11
ويمكن القول بأن الإسلام و المجتمع المسلم ، هو أول من أهتم بذوي الاحتياجات الخاصة ، وقدم لهم خدمات إيجابية حقيقية ،
ورفع عن كاهلهم الحرج والمشقة ، فيما لا طاقة لهم به ، وسعى إلى تغيير الصورة الذهنية القاتمة للمجتمع تجاههم ،
وساوى بينهم ، وبين العاديين في الحقوق والواجبات . إلا ما دعت الحاجة إليه ،
وبين إن الإعاقة التي ألمت بهم هي بمشيئة الله ولحكمة يعلمها هو ، وحث الناس على رعايتهم والإحسان إليهم ،
ولقد لعب الكثير من الأشخاص المعوقين دوراً في تاريخ الإسلام ،
فهذا عبد الله بن أم مكتوم مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم ، حيث كان يعاني من فقدان البصر ،
قد استخلفه الرسول صلى الله عليه وسلم على المدينة في بعض غزواته ، وكذلك شارك في الجهاد في سبيل الله ،
على الرغم من رفع الحرج عنه ، حتى سقط شهيداً يوم القادسية ، كما كان من أول المهاجرين إلى
المدينة بعد مصعب بن عمير الذين شاركوا معه في تعليم أهلها القرآن .
وهذا أيضاً عمرو ابن الجموح الذي كان أعرج ،فما أن نادى مناد للجهاد يوم أحد حتى تجهز للخروج ،
فحاول بعض أهله منعه وحدثوا الرسول صلى الله عيه وسلم بذلك ، فقال له صلى الله عليه وسلم
( إن الله قد عذرك فقال والله لأحفرن بعرجتي هذه في الجنة )
فأخذ موقعه في مقدمة الصفوف مجاهداً حتى سقط شهيداً.
وإذا تتبعنا تاريخ الدولة الإسلامية نجده حافل بالنماذج التي تبين الاهتمام بالمعاقين.
والأمثلة كثيرة في هذا الشأن وهذا إن دل على شيء إنما يدل على عناية الإسلام
بذوي الاحتياجات الخاصة ورفعه من شأنهم وسعيه الجاد لدمجهم في المجتمع