السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الانســـــان والدنيـا
وكأنك دخلت في دنيا غير الدنيا وعادت إليك ذاكرة سقطت في الطريق.. ستجد أناسا بل شموسا
وشخوصا ونجوما وشهبا احترقت وهوت وذوت وانمحت وكانت ملء الأبصار والأسماع ثم
مضت وبقيت الدنيا علي حالها بدونهم أو بهم سيان.. ذاكرتك ستستدعي كل من سقطوا تباعا
علي الطريق من أصدقاء وزملاء وشخصيات عامة بدوا كما لو أكبر من الحياة ولا كأنهم كانوا
فأين ذهبوا وكانوا مصادر اشعاع.. تلاشوا.. وخبا ضياؤهم وتواروا في النسيان فما فرق غياب
أحد وانكسر حال الدنيا والمجيء إليها والاياب منها سيان.. الحياة بهم وبدونهم كما تمضي بنا
أو بدوننا فكلما يتساقط منا أحد ويمضي لا نعرف الدور علي من.. صحيح يخرج للدنيا وليد ربما
في نفس اللحظة ويدوي بصرخة الحياة لكنه علي الطريق يسقط يوما بدوره ويولد غيره ويحل
محل آخر وتخيل للحظة أن كل من تراه أمامك وحولك من بشر جميعا إلي زوال وغيرنا يجيء
ليملأ الدنيا بدوره ويمضي وتدور الدوائر إلي ما يشاء الله.. وإنما انتظروا بقية ما حدث بعدها...
من بعد العبر والزهد في الدنيا ومتاعها وزهو مظاهرها الكدابة فإذا بهذا كله يتهاوي وفي
لحظات يتبدد من بعد أول مكالمة تجيء من صديقة تبلغني بشيء أرضي غروري كثيرا فاذا
بالعبرة تتبخر وبالزهد يتبدد وينطوي الزوال والفناء وتنزه فكر الأرض والتراب والحياة الفارغة
من المعاني وتعود النفس تعيش اللحظة ودونها النسيان تترقب شيئا مبتغي وشهية مفتوحة
للحياة... وسبحان الله الذي خلق فينا ولنا نعمة النسيان لولاها لطوينا الصفحات وأدرنا
ظهورناللدنيا وهاجرنا من الحياة.. أي تناقضات فيك يا انسان!
مها عبد الفتاح - جريدة الاخبار المصرية
م ن ق و ل