الشيخ ابن عثيمين: المظاهرات محرمة ولو سمح بها وليالأمر..
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
جاء في سؤالات لقاء البابالمفتوح ما يلي [ 179/19] ترقيم الشاملة :"
السؤال:
بالنسبة إذا كان حاكم يحكم بغيرما أنزل الله ثم سمح لبعض الناس أن يعملوا مظاهرة تسمى عصامية مع ضوابط يضعهاالحاكم نفسه ويمضي هؤلاء الناس على هذا الفعل، وإذا أنكر عليهم هذا الفعل قالوا : نحن ما عارضنا الحاكم ونفعل برأي الحاكم ، هل يجوز هذا شرعاً مع وجود مخالفة النص؟
الجواب :
عليك باتباع السلف ، إن كان هذا موجوداً عند السلف فهو خير ، وإنلم يكن موجوداً فهو شر ،
ولا شك أن المظاهرات شر ؛لأنها تؤدي إلى الفوضى من المتظاهرين ومن الآخرين ، وربما يحصل فيها اعتداء ؛ إماعلى الأعراض ، وإما على الأموال ، وإما على الأبدان ؛لأن الناس
في خضمهذه الفوضوية قد يكون الإنسان كالسكران لا يدري ما يقول ولا ما يفعل ، فالمظاهراتكلها شر سواء أذن فيها الحاكم أو لم يأذن.وإذن بعض الحكام بها ما هي إلادعاية ، وإلا لو رجعت إلى ما في قلبه لكان يكرهها أشد كراهة ، لكن يتظاهر بأنه كمايقول : ديمقراطي وأنه قد فتح باب الحرية للناس ، وهذا ليس من طريقةالسلف"
وجاء في لقاء باب المفتوح [ 203/29] ترقيمالشاملة :"
السؤال:
ابتلينا في بلادنا بمن يرى بجواز المظاهرات في إنكار المنكر، فإذارأوا منكراً معيناً تجمعوا وعملوا مظاهرة ويحتجون أن ولي الأمر يسمح لهم بمثل هذهالأمور؟
الشيخ:
أولاً: إن المظاهرات لا تفيد بلا شك ،بل هي فتح باب للشر والفوضى، فهذه الأفواج ربما تمر على الدكاكين وعلى الأشياء التيتُسرق وتسرق ، وربما يكون فيها اختلاط بين الشباب المردان والكهل ، وربما يكون فيهانساء أحياناً فهي منكر ولا خير فيها ،
ولكن ذكروا لي أن بعض البلاد النصرانيةالغربية لا يمكن الحصول على الحق إلا بالمظاهرات ، والنصارى والغربيون إذا أرادواأن يفحموا الخصومة تظاهروا فإذا كان مستعملاً وهذه بلاد كفار ولا يرون بها بأساًولا يصل المسلم إلى حقه أو المسلمون إلى حقهم إلا بهذا فأرجو ألا يكون به بأس ، أمافي البلاد الإسلامية فأرى أنها حرام ولا تجوز ، وأتعجب من بعض الحكام إن كان كماقلت حقاً أنه يأذن فيها مع ما فيها من الفوضى ، ما الفائدة منها ، نعم ربما يكونبعض الحكام يريد أمراً إذا فعله انتقده الغرب مثلاً وهو يداهن الغرب ويحابي الغرب ،فيأذن للشعب أن يتظاهر حتى يقول للغربيين : انظروا إلى الشعب تظاهروا يريدون كذا ،أو تظاهروا لا يريدون كذا ، فهذه ربما تكون وسيلة لغيرها ينظر فيها ، هل مصالحهاأكثر أم مفاسدها ؟
السائل: كذا منكر حصل ، فعملت المظاهرةفنفع.
الشيخ : لكنها تضر أكثر ، وإن نفعت هذه المرة ضرت المرة الثانية "
انتهى كلامه رحمه الله
ولا ينبغي النظر لما يحصل من منافع دنيويةدون النظر إلى المفاسد المترتبة عليها ، فالخمر والميسر فيهما منافع بنص الكتابالعزيز ،ومع ذلك هي محرمة .
وقال العلامةالألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة [14/ 74] تحت حديث رقم 6531 :"
عزاالحافظ حديث ابن عباس لأبي جعفر بن أبي شيبة ، وحديث عمر للبزار ، وسكت عنهما في "الفتح" ( 7/48 ) فما أحسن ، لأنه يوهم - حسب اصطلاحه - أن كلاً منهما حسن ، وليسكذلك - كما رأيت - ، ولعل ذلك كان السبب أو من أسباب استدلال بعض إخواننا الدعاةعلى شرعية (المظاهرات ) المعروفة اليوم، وأنها كانت من أساليب النبي صلى الله عليهوسلم في الدعوة ! ولا تزال بعض الجماعات الإسلامية تتظاهر بها، غافلين عن كونها منعادات الكفار وأساليبهم
التي تتناسب مع زعمهم أن الحكم للشعب ، وتتنافى مع قولهصلى الله عليه وسلم : "خير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم ".
أقول : فالمظاهرات منبثقة من رحمالديمقراطية ، وهي وسيلة من وسائل تطبيقها ، وهذا يفسر تلك الشعارات المشبوهة التيترفع في هذه المظاهرات مثل [ الحرية ] و [ المساواة ] و [ العدالة الإجتماعية ] و [تداول السلطة ] وغيرها ، مع التأكيد على الديمقراطية أولاً وأخيراً فكيف يصح وصفهذه المهاترات بـ [المباركة ] من بعض الغلاة فيـ [ الحاكمية ] ؟
وما هذا إلابمنزلة من يزيل نجاسة بأخرى أعظم منها .
وقال شيخالإسلام كما في مجموع الفتاوى معلقاً على من يتوب العصاة بوسائل بدعية [ 11/ 624] :"
إذا تبين هذا فنقول للسائل إن الشيخ المذكور قصد أن يتوبالمجتمعين على الكبائر فلم يمكنه ذلك إلا بما ذكره من الطريق البدعي يدل أن الشيخجاهل بالطرق الشرعية التى بها تتوب العصاة أو عاجز عنها فان الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين كانوا يدعون من هو شر من هؤلاء من أهل الكفر والفسوقوالعصيان بالطرق الشرعية التى أغناهم الله بها عن الطرق البدعية
فلا يجوزأن يقال إنه ليس فى الطرق الشرعية التى بعث الله بها نبيه ما يتوب به العصاة فانهقد علم بالاضطرار والنقل المتواتر انه قد تاب من الكفر والفسوق والعصيان من لايحصيه إلا الله تعالى من الأمم بالطرق الشرعية التى ليس فيها ما ذكر من الاجتماعالبدعي "
أقول : وكذلك لا يجوز أن يقال أنهليس هناك في الوسائل الشرعية ما يناصح به الولاة ، حتى يلجأ إلى الوسائل المستوردةمن الكفار ، والناتجة عن إيمانهم بالديمقراطية ، والتي فيها من المحظورات ويترتبعليها من المفاسد ما الله به عليم .
قال الإمام محمدبن عبد الوهاب في كتاب التوحيد :"
باب : من الشرك : الاستعاذة بغيرالله
وقول الله تعالى : { وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَالْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا }
عن خولة بنت حكيم رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقول : « من نزل منزلا فقال : أعوذ بكلمات الله التامات من شرما خلق ، لم يضره شيء حتى يرحل من منزله ذلك » . رواهمسلم .فيه مسائل
الأولى : تفسيرآية الجن .الثانية : كونه من الشرك .الثالثة : الاستدلال على ذلك بالحديث ، لأن العلماء يستدلون بهعلى أن كلمات الله غير مخلوقة ، قالوا : لأن الاستعاذة بالمخلوق شرك .الرابعة : فضيلة هذا الدعاء مع اختصاره .الخامسة : أن كون الشيء يحصل به منفعة دنيوية من كف شر أو جلبنفع ، لا يدل على أنه ليس من الشرك
أقول : ومن باب أولى يقال أن ما حصل به منفعة دنيوية عاجلة ، لا ينفي كونه محرماًوتشبهاً بالكفار , هذا إن سلمنا بوجود المنفعة وإلا فكثير من المنافع المزعومة ماهي إلا خيالات بل بعضها مضار ومفاسد مثل التأكيد على بعض مظاهر الديمقراطية منالإلزام بتداول السلطة وغيرها . هذا وصل اللهم علىمحمد وعلى آله وصحبه وسلم