2:عملية لسان التمساح
في مارس 1969 كان الفريق عبد المنعم رياض يزور الجبهة، ويمر بجنوده في الخطوط الأمامية وفي آخر المرور دخل الي نادي الشاطيء الخاص بهيئة قناة السويس بالاسماعيلية وكان في مواجهة ذلك النادي في الضفة الشرقية موقع للعدو يطلق يسمى (لسان التمساح)، وكان هذا الموقع دائما ما يوجه قذائف صاروخية وقذائف هاون علي مدينة الاسماعيلية، دمرت عددا كبيرا من منازل المدينة بخلاف الضحايا من المدنيين.
شعر العدو من مظهر دخول الفريق الي نادي الشاطيء ومن السيارات المصاحبة له ان هناك شخصيه مهمة، وبكل الغدر اطلقوا قذائف الهاون والصواريخ، واصيب الفريق عبد المنعم رياض واستشهد بين ضباطه وجنوده.
وصدرت التعليمات بالانتقام لمقتل الفريق عبد المنعم رياض واوكل ذلك للبطل ابراهيم الرفاعي.
اختار ابراهيم الرفاعي عددا من ضباطه وكانوا هم (محيي، ووسام, ورجائي، ومحسن)، وانطلق بهم الي الاسماعيلية حيث مقر ارشاد هيئة القناة، في ذلك المبني المرتفع استطلع الرفاعي الموقع الذي ضرب علي الشهيد عبد المنعم رياض ورسم تخطيط له، وكان الموقع مكونا من اربع دشم اثنتان في الأمام واثنتان في الخلف بينها ارض لتجمع الافراد في طابور الصباح ولاجراء الطوابير الرياضية وخلف تلك الدشم كانت مخازن الذخيرة الخاصة بالموقع ومخازن التعيينات والوقود.
وعاد الرفاعي وضباطه الي القاهره وطلب من كل منهم ان يختار مجموعة من الصف والجنود وأمرهم بتدريبهم.
وفي الوقت نفسه بنى سلاح المهندسين نموذجا مطايقا للموقع بناء على الرسم الكروكي الذى وضعه الرفاعي وانتقل الرفاعي بضباطه وبمجموعاتهم من الافراد الي منطقة صحراوية بمصر تشبه الارض التي ستتم العملية عليها وهناك امضوا ما يقرب من شهر في التدريب علي اقتحام المواقع حيث قسمهم الرفاعي الي أربع مجموعات وكانت كل مجموعة يقودها ضابط مكلف هو ومجموعته باقتحام احدي الدشم الاربع.
وعندما تأكد الرفاعي ان كل فرد في المجموعات عرف دوره بالتحديد وتدرب عليه جيدا عاد برجاله الي القاهرة.
وفي 17/4/1969 غادر الرفاعي وقوته مرة آخرى الي الاسماعيلية، وكانت القوة مكونة من الضباط الاربعة إضافة الى ضابط استطلاع واربعين فردا، وعسكر الجميع في مبني الارشاد بالاسماعيلية المواجهة لموقع لسان التمساح.
وقام ابراهيم الرفاعي وضباطه باستطلاع موقع العدو واطمأن علي انه كما هو لم يتغير وبعد ذلك تناول الجميع طعام الغداء سويا ضباطا وافرادا ثم اجتمع البطل الرفاعي بقادة المجموعات للتلقين النهائي.
وحينما حل الظلام اعطي ابراهيم الرفاعي امره الي المدفعية بقصف موقع العدو بالضفة الشرقية وكان تراشق المدفعية في هذا الوقت يعتبر شيئا عاديا، وكان من الطبيعي اثناء قصف المدفعية ان يختبيء افراد العدو داخل المخابيء وكان مقصودا بذلك ان يدخل افراد الموقع المقصود داخل الدشم ولا يخرج منها طوال فترة القصف.
واثناء القصف عبر الرفاعي بمجموعته الى الضفة الشرقية في اتجاه موقع لسان التمساح، ووصلت الزواق الي الشاطيء الشرقي، فامر الرفاعي بايقاف ضرب المدفعية علي الموقع وبعد إشارة من ضابط الإستطلاع اتجهت كل مجموعة بقائدها نحو الي الدشمة المكلفة بها.
وبدأ الافراد يلقون القنابل اليدوية من فتحات التهوية بالدشم وقطع أسلاك التليفونات وقام الضباط بحرق العربات الموجودة بالموقع واسقاط العلم الاسرائيلي وتدمير المدافع، الا ان كل ذلك لم يدفع افراد العدو للخروج من الدشم فبدأت المجموعات تستخدم نوعا من القنابل الحارقة ترفع درجة حرارة المكان الذى تنفجر فيه الى 300 درجة مئوية فقاموا بإلقائها داخل الدشم.
ولم يتحمل افراد العدو فخرجوا من الدشم هاربين كالفئران لتحصدهم طلقات افراد المجموعات وبذلك تمكنت المجموعة من القضاء علي الموقع بالكامل وكانت محصلة العملية قتل 26 فردا هم كل قوة الموقع.
وبعد الاستيلاء علي الموقع بالكامل تم نسف المخازن إضافة الى نسف مدرعتين وقتل طاقمهما.نتيجة لغم تم زرعه بجوار الموقع قبل الإنسحاب.
وكان آخر من انسحب هو البطل ابراهيم الرفاعي.
وفي صباح اليوم التالي توجه الزعيم جمال عبدالناصر لزيارة جرحي العملية وكان مهتما جدا بمعرفة نوعية الجندي الاسرائيلي عند مواجهته مع الجندي المصري، وانصرف الرئيس وهو مطمئن تماما بعد ان عرف تفصيلات المواجهة وهروب الاسرائيليين مذعورين منهم.
لقد كانت تلك المواجهة بين الجندي المصري والجندي الاسرائيلي هى الاولى منذ حرب 1948، وفي تلك المواجهة تم القضاء نهائيا علي اسطورة الجندي الاسرائيلي الذي لا يقهر واثبت رجال المجموعة 39 قتال ان الجندي الاسرائيلي من اجبن اجناد الارض وبذلك يكون البطل الرفاعي قد تمكن من الأخذ بثأر الفريق عبدالمنعم رياض.
3:تدمير مخازن الذخيرة بمنطقة الجدي
تمت هذه العملية قبل تشكيل المجموعة رسميا، وحينما كان عدد أعضاؤها عشرة أفراد فقط، وكانت هذه المهمة بمبادرة فردية، وكان الغرض منها تدمير مخازن الذخيرة فى منطقة الجدي والتى تركها الجنود أثناء إنسحابهم من سيناء في حرب 1967 حيث تركت القوات المصرية معظم الأسلحة الثقيلة ومخازن الذخيرة التي لم يجدوا حتى الوقت لتدميرها, فاستولى عليها العدو .
وقام العدو بتجميع الأسلحة التي تم الاستيلاء عليها في منطقة رمانة ليتم نقلها بالقطار إلى إسرائيل ووصلت مسافة تجميع الأسلحة إلى حوالي 1.5كم.
وتقرر حرمان العدو من الاستفادة من الأسلحة وتدميرها. وأختار الشهيد إبراهيم الرفاعي ضابطين من خيرة قوات الصاعقة هما الملازمان "رأفت"و الشهيد "بهجت أحمد" - شقيق الفنانة سميرة أحمد -
حدد إبراهيم الرفاعي موعد العملية واصطحب جماعته إلي منطقة البحيرات المرة وعبرت المجموعتان من هناك في حين ظل هو مكانه في انتظار عودتهما لتأمينهما عند الرجوع بعد زرع المتفجرات بين صناديق الذخيرة.
وانطلقت المجموعة وتسللت من ثغرة في خط دفاع العدو كان قد حددها الرفاعي من قبل نتيجة عمليات الاستطلاع، وكان كل فرد يحمل علي ظهره من20 إلي 25 كيلو متفجرات كيميائية شديدة الانفجار، وعندما اقترب الأبطال من مكان تخزين الذخيرة كانوا قد اقتربوا من خط حراسات العدو
وهنا بدأت استخدامات الملاءات البيضاء حيث كان كل جندي يحمل اضافة الى المتفجرات ملائة بيضاء ووضع كل جندى الملائه على جسده وأخذوا يقومون بحركات عشوائية في الظلام وتعمدوا أن يظهروا لجندي الحراسة الاسرائيلي الذي لا يتوقع ابدا وصول الكوماندوز المصريين الي هذا المكان فيعتقد انها أشباح فيصاب بالرعب والفزع فيسرع بالاختباء وبذلك تفتح ثغرة أمام الأفراد وبذلك وصل الأفراد الى صناديق الذخيرة وأسرعوا بوضع المتفجرات الكيميائية بعد كسرها لتنفجر بعد ساعة من كسر التيلة التي تؤمنها حيث تختلط مادتان قابلتان للاشتعال فتنفجر العبوة وبالتالي تتفجر صناديق الذخيرة بما فيها من صواريخ ودانات وطلقات وألغام ومختلف انواع الذخيرة .
وانتهت المجموعتان من وضع العبوات المتفجرة وانسحبت بسرعة، ولكن ولأن المتفجرات كانت كيميائية وليست بالتوقيت فقد اختلف موعد انفجار بعضها قبل التوقيت المحدد لها والمقدر بستين دقيقة وكان رجال المجموعة مازالوا داخل الارض ولم يعبروا.
وبدأت الانفجارات تتوالي، وأصبحت سيناء وكأنها كتلة من اللهب و تخيل العدو وايضا تخيل افراد قواتنا بالضفة الغربية التي لا تعلم شيئا عن العملية ان هناك انفجار ذريا قد حدث وأبلغت بعض وحداتنا القيادة بحدوث انفجار ذري.وبعد وقت ليس بالقصير فهمت قوات العدو المتمركزة حول المخازن الموقف فأسرعت بسياراتها بعشوائية لمطاردة افراد المجموعتين الذين كشفتهم اضواء الانفجارات..
وقبل ان يصلوا لهم تدخلت مجموعة الساتر والحماية وتعاملت معهم وبسهولة كانت تقضي عليهم لفزعهم وتوترهم ووصلت المجموعتان الي الشاطيء واستقلوا الزوارق التي كانت في انتظارهم الي الضفة الغربية حيث كان ابراهيم الرفاعي في انتظارهم في نفس المكان ليعطي لهم الاشارات الضوئية ووقفوا جميعا يمتعون نظرهم بتلك النيران المشتعلة.
4:تدمير رصيف إيلات الحربي
بعد عملية الإغارة الناجحة للمرة الثانية لرجال الضفادع البشرية المصرية على ميناء ايلات، تم تغيير قيادة السلاح البحري الإسرائيلي واتبعت القيادة الجديدة أسلوب إخلاء الميناء قبل الغروب بساعة حتى صباح اليوم التالي وكان ذلك يكبدهم خسائر فادحة فضلا عن الإرهاق لأطقم السفن والوحدات البحرية.
من هنا نشأت فكرة العملية الثالثة حيث وصلت المعلومات من المخابرات الحربية تفيد بأن ناقلة الجنود "بيت شيفع" قد تم إصلاحها بعد التدمير الذي أصابها أثناء عملية الإغارة الثانية على ميناء ايلات غير أنها كبقية السفن تغادر الميناء كل ليلة وتعود إلية في الصباح وكان لابد من إيجاد وسيلة لتعطيل "بيت شيفع" عن الإبحار وإرغامها على قضاء ليلتها في ميناء ايلات ولو لليلة واحدة حتى يمكن مهاجمتها وإغراقها.
وتلخصت الفكرة في وضع لغمين كبيرين يحتوى كل منهما على مائه وخمسين كيلو جرام من مادة الهيلوجين شديدة التفجير على القاع أسفل الرصيف الحربي الذي ترسو عليه ناقلة الجنود "بيت شيفع" عند دخولها إلى الميناء صباح كل يوم فيتم وضع اللغمين منتصف الليل ويضبط جهاز التفجير على 12 ساعة اى أن انفجار الألغام يحدث نحو الساعة الثانية عشر ظهرا، ففي هذا الوقت لابد وان تكون "بيت شيفع" راسية بجوار الرصيف الملغوم وتحدد يوم السبت (العطلة الإسرائيلية الأسبوعية) 14 مايو 1970 لتنفيذ العملية وفعلا تم وضع اللغمين كمرحلة أولى في ألاماكن السابق تحديدها ولكن اللغم الأول انفجر مبكرا عن موعده في الساعة السابعة وخمس وثلاثين دقيقة من صباح يوم 15 مايو، وفى الوقت نفسه تأخر وصول الناقلة "بيت شيفع" حتى الساعة الثانية عشرة إلا خمس دقائق اى أن الناقلة الأخرى وصلت بعد الموعد المحدد لوصولها بحوالي ست ساعات، أما اللغم الثاني فانفجر في الساعة التاسعة والنصف من صباح يوم 15 وعلى الرغم من أن العملية فشلت في تحقيق أهدافها إلا إنها حققت بعض الأهداف الأخرى فقد زعزعت ثقة القوات الإسرائيلية فقد شوهدت عملية انتشال جثث كثيرة من الماء لأفراد ضفادعهم البشرية الذين كانوا يعملون وقت حدوث الانفجار في تقطيع جسم السفينة "بات يام" التي أغرقتها الضفادع البشرية المصرية خلال الإغارة الثانية على ميناء ايلات، كما شوهدت أكثر من ست عربات إسعاف تنقل الجرحى والمصابين من مبنى الضباط المقام خلف الرصيف الحربي مباشرة.