رأى أعداء الإسلام الذين يتربصون به وبأهله الدوائر تباشير النصر ، فأدمى ذلك قلوبهم وأطاش أحلامهم ، فأخذوا يتنادون من كل حدب وصوب ، في أمريكيا وفي بريطانيا وفي فرنسا وفي موسكو وتل أبيب ، أخذوا يتنادون بالويل والثبور وعظائم الأمور ، محذرين من المارد الذي بدأ يتململ في قيوده ، ويصحو من غفوته .
ففي السنوات الماضية شهدت عواصم الكفر ودُوَلِه في صحفها وإذاعاتها وتلفزيوناتها سيولاً من التداعي والتنادي ؛ لكف خطر الإسلام الذي يتمثل في الصحوة الإسلامية في تركيا والباكستان ومصر والأردن وغيرها ، نشروا ، وبحثوا ، وحللوا ، ثم أجمعوا على وجوب محاربة الخطر الداهم قبل أن يكتمل نموّه ، وتقوى عضلاته ، ويشتعل أواره ( ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ) (1) وسيعلمون غداً أن جهودهم غير مباركة ، وأنها ستعود عليهم بالحسرة والخسران ( فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثمّ يغلبون ) (2) ذلك أن الله ناصر رسله والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ( وهو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ) (3) .
رجع الصدى وترديد الببغاوات
-------------------------------
عندما نعق الأسياد في عواصم الكفر ، تحرك أذنابهم في ديارنا ، هؤلاء الذين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم : { دعاة على أبواب جهنم من أجابهم قذفوه فيها } وقال عليه الصلاة والسلام مُعرفاً بهم : { هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا } (4) .
الصحافة والإذاعة والتلفزيون والكتب تردد ما يقوله شياطين الكفر ، هجوم خبيث على الفتيات المسلمات اللواتي استجبن لأمر الله وشرعه ، اللواتي رضين بالله ربّاً وبالإسلام ديناً وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولا .
سيول من الشتائم والتهم والألقاب السفيهة ، لقد هاجموا المتحجبات والحجاب ، وقالوا الحجاب ظاهرة ، وظاهرة عفنة ، وقال قائلهم (5) :
[ الحجاب رمز مذلة المرأة ، ومصادرة لما وهبتها إيّاه الطبيعة ، وصورة انقطاعها القسري عن الحياة الحقيقية الوسيعة والخصيبة ] .
وقال حاكم من حكام ديار المسلمين (6) :
[ الحجاب تقليد من التقاليد البالية والعتيقة ] .
وقال بعض هؤلاء : [ ما تحجبت من تحجبت إلا ستراً لعيوب الجسد ورغبة في الزواج من شاب متدين إذ كسدت سوق الزواج ]
وقالوا [ ما هذا التحجر والجمود ]
وقالوا [ العودة إلى الحجاب عودة إلى الجاهلية الأولى ]
وقالوا [ إن الحجاب لا يصلح إلا في مجتمع قِبَلي جاهلي ]
وفي هجوم كاتبة مصرية على النساء المسلمات المحجبات قصّت قصة شابة محجبة اتخذت من الحجاب ستاراً لانحرافها وفجورها .
--------------------------------------------------
(1) سورة الأنفال (30 ) .
(2) سورة الأنفال (36 ) .
(3) سورة التوبة (33 ) .
(4) رواه البخاري .
(5) عفيف فرّاج في مجلة الأسبوع العربي .
(6) نتنزه عن ذكره هذا السفيه لأعماله وسنه القوانين التي تحارب العفة والعفاف ويمكن الرجوع للكتاب ومعرفة من هو .
المصدر : المرأة المسلمة للشيخ حسن البنّا