قصة قصيرة - وجع تحت الشتاء - سلوى أبو مدين
الروح المخبوءة تحت الشتاء القاسي والأمطار الملونة.
مرتدية معطفاً داكناً، حيث تبهت الابتسامة.
افتراضات خارج تلك البقعة؛ شوارع مشبعة بالوجع تمضي.
بيوت عارية، الشجر العاري مخبأ لقطط شبه غافية.
أطفال تعبث برائحة الشتاء حفاة الأقدام ممزقي القمصان؛
أرصفة الطريق تستلقي فوقها قسوة الشتاء.
أزهار التيولب الذابلة تغفو على النوافذ.
لم يترك لهم الشتاء كسرة خبز، تركهم عراة يلتحفون السماء.
مدينة تستلقى على صمت الوجع..
المعاطف الجلدية تخفي أرواحاً باردة.
ربما أقنعهم أنه سيمضي دون أن يترك بصمات قسوته.
على أهداب الشتاء تبقى أمنيات صامتة.
خلف قضبان الضجر بقايا لريح عابث.
بحثاً عن حقول الدفء الذي اغتاله وجه الشتاء.
ليل وجل..
طائر السنونو يحلم بفضاء شاسع يلملم أجنحته المبعثرة يتهاوى خلف الفجر المسربل بهمهمات المطر.
رجل عجوز تدثر بعباءة، والريح تلفه.
ضوء يحترق بالألم، مقعد مهجور.
ضحكات المطر فوق الطرقات، يبدد الضباب ويشعل من تعبهم ابتسامة.
يفاجئني الليل في آخره بأغنية المساء.
نجمة رسمت لحناً من شعاعها على قلوبهم الموصدة.
الطرقات الموحلة لا تتسع لحقول الخزامى.
أشجار السرو العارية نفضت أوراقها الخضر.
سيرحل شتاؤهم وحيداً بلا أمنيات.
سيصحب معه أوراق التوت الجافة،
وألوان قوس قزح، وأرصفة غسلها بوجعه
سيخبأ غربته في علب ملونة لحين موسم الربيع
سيحمل أجنحته الباردة ويمضي ربما.
يعبر محطات الرتابةِ، ويكتفى بذلك.