انتحار القيم
.......
صدقنى يا صاحبى مش عارف ده حلم ولا حقيقه
بدأت الحكايه بعطل فى الدش اضطرنى للصعود لسطح البيت فى ظلام الليل و اثناء البحث عن الطبق الخاص بى فوجئت بنور على هيئه بشر اعلى السور فاقتربت فاذا بى امام حوريه تشع ضوءا و كأنها ملاكا من الجنه و تكاد ان تلقى بنفسها و للوهله الاولى هممت بالهروب بعد ان تذكرت حكايات جدتى زمان عن الجنيات و العفاريت و لكن بنظره من عيونها المليئه بالدموع تسمرت فى مكانى و دنوت منها محاولا اثنائها عن القفز فجائنى صوتها العذب و كأنى ارتوى من ماء سلسبيل و قالت لى انت لا تعرفنى انا اسمى قيم و ضقت ذرعا بكم و بزمانكم و انتهت مهمتى و حياتى و لا جدوى لبقائى
:::
فرددت عليها و لما كل هذا فلنجلس سويا ونبحث عما يرضيك و هناك امل
فما كان منها الا ان سارعت ان لا امل و لا رجاء فى قوما ضاع الحق بينهم و انتصر الشر عليهم و انتزعت الرحمه من قلوبهم
زمان كان عندى اسره صغيره يجمعنا الحب رغم ضيق اليد وكنا نشعر بالدفء و الحنان طوال يومنا
زمان كان كل جيرانى من اخواتى المسيحين و لم نختلف ابدا و لم نسمع عن فتنه طائفيه
زمان كنا بنسمع كلام جميل و معانى فاضله من مثقفين ومدرسين وشعراء و مطربين
زمان كان الكبار يعطفون علينا و كنا نحترمهم و نجلهم و نقتدى بهم
:::
زمان كان الضعيف و الفقير يجد من يغيثه و يدافع عنه دون تردد و دون ان يعير بفقره او ضعفه
زمان لم نكن نسمح بدخول الحقد و الحسد و الطمع لقلوبنا او نحتسبهم اقراننا
حتى الرياضه كنا زمان نعشقها لذاتها و ليس لاستغلالها فى كشف عورات الاخرين و معايرتهم و اشعال الفتن بين البشر و لم نكن نترك امورنا فى ايدى جهلاءنا
بس صدقنى كل هذا يهون اتحمله و قد احيا على امل ان تعود الحياه لسابق عهدها
:::
بس ما جعلنى اصمم على فعلتى ان زمان كان فى ناس تدافع عنى و تحمينى تخلوا عنى و تركونى لقمه سائغه لمن يرغب فى افتراسى انهم العلماء و المثقفين و الصفوه و القدوه كلهم تواروا اما يائسا و اما خوفا
فلما الحيا و انتم من تخليتم عنى ونحيتونى جانبا سامحكم الله و قدركم على على العيش بدون قيم
:::
اعتليت السور و احتضنتها و قفزنا سويا
يا ترى انا يحلم ولا هذا هو الهذيان الذى يسبق الجنون
صدقنى يا صاحبى و اياك و ان تسخر منى فانا بشر احلم بالقيم فبدونها لن نذق حلاوه العيش اغنياء كنا ام فقراء
:::
منقول