أي لهوٍ يورثك الغفلة عما أوجبه الله عليك فهو شيطان وأي صاحب يكثر من المزاح معك ويؤنسك ويمر عليه وتستأنس تضحك معه وتغفلون عن العلم والذكر ومجالس العلم فهو شيطان ، شيطان يأتيك في وقت الدرس يسولف معك ويتقهوى - أعوذ بالله - ما يقولك ننزل للدرس ، نذهب للدرس ، شيطان هذا يستحب اللهو عن العلم فتخلص من أي إنسان يكون مثل هذا يشغلك عن الطاعة فهو شيطان ، إحتَلْ حتى تتخلص منه لتتفرغ لآخرتك وأقبل على من يدلك على الآخرة وتحس أنه مقبل على علم ومجالس ومحبوب إليه أعظم شيء أعظم من الجلسات والكلمات ، فإن وجدت إنسان بخلاف هذا إحتل حتى تتخلص منه بأي طريقة لأن وراك آخرة وهذا لن يدخلك الجنة ، ما يدخلك الجنة غير الله سبحانه ، قال الله تعالى ((
وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ ))
يلهون ويلعبون ؟
تسولف معهم ؟
لا والله قال ((
وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ )) هؤلاء أهل اللهو قاطعهم
تجالسهم ؟؟!!
((
وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً ))
فأقم هذه الآيات في حياتك وانظر من هم هؤلاء ومن هم هؤلاء ؟ فامشي مع هؤلاء واترك هؤلاء أهل اللهو والغفلة ...
إعلموا عباد الله أن الله تعالى خلق العباد لحكمة جليلة وغاية عظيمة ، ما خلقهم سبحانه ليتخذ منهم لهواً ولعبا بل خلقهم لتوحيده وإفراده بالعبادة والعمل بحقوق التوحيد من فعل المأمورات وترك المنهيات وإشغال الأوقات بالطاعات تقرباً له ، فإنه رب الأرض والسماوات سبحانه وتعالى فقال ((
وَمَا خَلَقْنَاالسَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْواً لَّاتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّا إِن كُنَّا فَاعِلِينَ ))
إذاً ،،
ما خلق هذا الكون الذي ترونه من مجرّات ومن أشجار ونباتات وبحار وأنهار وجبال ومخترعات ما خلق ذلك سبحانه وتعالى ليتخذوه لهو وينظر إليه - سبحانه عما يصفون - بل خلقنا لا إله إلا هو لحكمة عظيمة وغاية جليلة وهي أن نعبده ونشغل الأوقات بطاعته
((
يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ ))
أديمي طاعته ، فالمسلم لا ينبغي أن يشرد عن هذه الحقيقة ويغفل عنها وهو إنما خلق في الأرض ليكون عبداً لله لا عبداً لشهواته وهواه فيشغل الأوقات في اللهو واللعب والضحك والمزاح
(( يا يحيى ))
كما قال الرب سبحانه ((
خُذِالْكِتَابَ بِقُوَّةٍ ))
بجد واجتهاد لأن كثير اللهو والمزاح واللعب وكثرة النزهات تشغل عن هذا - عن هذه الحقيقة - فخلقهم لعبادته والجد والإجتهاد في طاعته لا إله إلا هو
قال تعالى ((
وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ))
قال المفسرون في قوله (( لِيَعْبُدُونِ)) أي ليوحدون ، خلق العباد لتوحيده وإفراده بالعبادة والقيام بحقوق التوحيد التي تحمي جنابه والذي يحمي جناب التوحيد القيام بفعل الواجبات وترك المحرمات ، فلو تساهل في المحرمات فاقترفها وفي الواجبات فتركها يوشك أن ينقض هذا الأصل وهو التوحيد ، فالله جعل لك سياج متين عظيم من فعل المأمورات وترك المنهيات بل وقبل ذلك من فعل المستحبات وترك المكروهات واجتناب المشتبهات ، كل ذلك صيانة لسياج التوحيد ويمكن أن يقال وقبل ذلك أيضاً ترك الإكثار من المباحات التي من شأنه الإكثار منها الغفلة عن هذا المقصود وقسوة القلوب والذهول عن الحكمة التي من أجلها خلقنا علام الغيوب سبحانه ، من الإكثار من اللهو والمزاح واللعب ونحو ذلك والذي سيأتي تفصيل الكلام عليه مما قد يؤدي إلى التهاون بالواجبات وقسوة القلوب عياذاً بالله - .
فإذاً ،،
إذا علم المكلف أنها هي هذه الغاية التي خلق من أجلها وفَقِهَ ذلك وفهمه فعليه أن يهتم بالوقت والزمان فإن عمره في هذه الحياة الدنيا محدود وهو عنه مسؤول فلا ينبغي أن يضيعه فيما لا ينفع فإن العمر لا يتكرر ،
العمر مرة واحدة ،اليوم إذا ذهب والساعة لا يعودان إلى يوم القيامة ، ساعتك التي تعيشها وعصرك التي تطيع الله فيه أو تعصيه لا يتكرر بل هو محدود ومجمل وفيات الناس في أمة محمد بين الستين والسبعين ، فكم عمرك الآن ؟
إذا كنت إبن ثلاثين فهل أحسست بأنك عشت ما مضى من تلك السنين ؟ إحسب مثلها ثلاثين فتكون في سن الحصاد ، سن الميتين أو أغلب الميتين - يموتون بين الستين والسبعين - كما جاء في سنن الترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " أعمار أمتي بين الستين والسبعين وقَلَّ ما يجوز ذلك " فلا تتهاون يا عبد الله بوقتك ، أعمره في طاعة ربك فإنه يضيع وخاصة في آخر الزمان يمر وهو سريع كما جاء في سنن الترمذي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :" لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان فتكون السنة كالشهر والشهر كالجمعة والجمعة كاليوم واليوم كساعة والساعة كالضرمة بالنار "
فهل تشعر أنه بقي لك الآن نحو شهرين إلى رمضان ؟ وكأنك أمس من أهل الصيام والقيام في رمضان والإحتفال بعيده واليوم ما بقي لك إلا نحو ستين يوماً على رمضان ، يعني العمر خاصة في هذا الوقت المتأخر يمضي سريعاً فأكثر من ذكر الله ولا يزال لسانك رطباً من ذكر الله ولا تغفل عن عبادة الله فالموت يأتي فجأة ولا يمهلك فتحسن العمل ، يفجعك ولو أنا إذا متنا تُركنا لكان الموت غاية كل حي لكن يا عباد الله إذا متنا سئلنا فالقبرصندوق العمل
فَـ يا مَن بِدُنياه اشتغل وغَرَّه طول الأمل الموت يأتي فجأة ربما وأنت تلهو وتضحك وتمزح يأتيك فجأة لا يعرف عمر ولا صغير ولا كبير ولا وزير ولا أمير ، وإذا المنية أنشبت أظفارها ألفيت كل تميمة لا تنفع فإذاً إذا كان ذلك كذلك فينبغي أن تهتم بالوقت فإن عمرك محدود واليوم إذا ذهب كأنه يقول لا أعود
منقول