أهمية المحبة الصادقة من العبد لربه
بسم الله الرحمن الرحيم
الثمار الحلوة
كلما تعرف العبد على مظاهر حب ربه له، وسيطرت
هذه المعرفة على مشاعره انعكس ذلك على علاقته به
سبحانه فيزداد له حبًا وشوقًا.
وعندما يملأ هذا الحب القلب ستكون له بلا شك ثمار
عظيمة تظهر في سلوك العبد وأعماله، هذه الثمار من
الصعب الحصول عليها من أي شجرة أخرى غير شجرة
الحب،
فالحب يُخرج من القلب معانٍ للعبودية لا يخرجها غيره.
يقول ابن تيمية: فمن لا يحب الشيء لا يمكن أن يحب
التقرب إليه، إذ التقرب إليه وسيلة، ومحبة الوسيلة تبع
لمحبة المقصود([1]).
وإذا كانت المحبة أصل كل عمل ديني، فالخوف والرجاء
وغيرهما يستلزم المحبة ويرجع إليها، فإن الراجي
الطامع
إنما يطمع فيما يحبه لا فيما يبغضه، والخائف
يفر من المخوف لينال المحبة]أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ
إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ[[الإسراء: 57]([2]).
ولهذا اتفقت الأُمتان من قبلنا على ما عندهم من مأثور
وحكم عن موسى وعيسى أن أعظم الوصايا: أن تحب الله
بقلبك وعقلك وقصدك، وهذه هي حقيقة الحنيفية ملة إبراهيم التي هي أصل شريعة التوراة والإنجيل والقرآن([3]).
لذلك أدعو نفسي، وأدعوك أخي القارئ إلى الاهتمام
بغرس بذور محبة الله في القلب، وتعهدها بالأعمال
الصالحة حتى يصير الله عز وجل أحب إلينا من كل
شيء]وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا للهِ[[البقرة: 165]. عند ذلك سنجد
الثمار الحلوة أمامنا دون عناء أو مشقة.
ومن هذه الثمار المتوقعة:
عندما يتعرف الواحد منا على مدى حب ربه له وحرصه عليه
فإن هذا من شأنه أن يدفعه دومًاللرضى بقضائه، وكيف لا وقد أيقن أن ربه لا يريد له إلاّ الخير
وأنه ما خلقه ليعذبه، بل خلقه بيده، وكرمه على سائر خلقه ليدخله الجنة،
دار النعيم الأبدي، ومن ثمَّ فإن كل قضاء يقضيه له ما هو إلا خطوة
يمهد له من خلالها طريقه إلى تلك الدار،
فالأقدار المؤلمة والبلايا ما هي إلا
أدوات تذكير يُذكِّر الله بها عباده بحقيقة وجودهم في الدنيا
وأنها ليست دار مقام بل دار امتحان، وأن عليهم
الرجوع إليه قبل فوات الأوان
]وَأَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ[[الزخرف: 48]، ]وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ الْعَذَابِ
الأدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ[[السجدة: 21].
وهي كذلك أدوات تطهير من أثر الذنوب والغفلات التي يقع فيها العبد
«ما يصيب المسلم من نصب، ولا وصب، ولا هم، ولا حزن، ولا أذى، ولا
غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه»([4]).
فجميع الأقدار التي يُقدَّرها الله عز وجل لعباده
تحمل في
طياتها الخير الحقيقي لهم وإن بدت غير ذلك.
فعلى سبيل المثال: الرزق،
فالله عز وجل يبسط الرزق للبعض ويضيقه على البعض لعلمه سبحانه بما يصلح عباده, ألم يقل سبحانه
]وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ[ [الشورى: 27].
فمنعه الرزق الوفير عن بعض الناس ما هو إلا صورة
من صور رحمته، وشفقته بهم. قال e: «إن الله تعالى
ليحمي عبده المؤمن من الدنيا، وهو يحبه، كما تحمون مريضكم الطعام والشراب تخافون عليه» ([5]).
هذه المعاني العظيمة لا يمكن تذكرها واستحضارها بصورة دائمة، وممارسة مقتضاها في الحياة العملية
إلا إذا تمكن حب الله من القلب وهيمن عليه، فمفتاح:
]رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ[ هو: ]يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ[ [المائدة: 54].
جاء في الأثر أن الله تعالى يقول:
«معشر المتوجهين إليَّ بحبي، ما ضركم ما فاتكم من الدنيا إذا كنت لكم حظًا، وما ضركم من عاداكم إذا كنت لكم سلمًا»([6]).
وكان عامر بن عبد قيس يقول:
أحببت الله حبًا سهل عليَّ كل مصيبة، ورضاني بكل قضية، فما أبالي مع حبي إياه ما أصبحت عليه وما أمسيت([7]).
نعم، أخي فإننا إن أحببنا الله حبًا صادقًا أحببنا كل ما يرد علينا منه سبحانه.
لما قدم سعد بن أبي وقاص إلى مكة، وقد كان كُفَّ بصره، جاءه الناس يهرعون إليه, كل واحد يسأله أن يدعو له
، فيدعو لهذا ولهذا، وكان مجاب الدعوة، فأتاه عبدالله بن أبي السائب
فقال له: يا عم، أنت تدعو للناس فلو دعوت لنفسك، فرد الله عليك بصرك؟*
فتبسم وقال: يا بنيَّ، قضاء الله سبحانه عندي أحسن من بصري.
وكان عمران بن الحصين قد استسقى بطنه، فبقي ملقى على ظهره ثلاثين سنة لا يقوم ولا يقعد،
قد نقب له في سرير من جريد كان عليه موضع لقضاء حاجته، فدخل عليه مطّرف وأخوه العلاء،
فجعل يبكي لما يراه من حاله،
فقال: لم تبكي؟ قال: لأني أراك على هذه الحالة العظيمة قال: لا تبك، فإن أحَبَّه إلى الله أحبه إليّ([8]).
فعلى سبيل المثال: الرزق،
فالله عز وجل يبسط الرزق للبعض ويضيقه على البعض لعلمه سبحانه بما يصلح عباده, ألم يقل سبحانه
]وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ[ [الشورى: 27].
فمنعه الرزق الوفير عن بعض الناس ما هو إلا صورة
من صور رحمته، وشفقته بهم. قال e: «إن الله تعالى
ليحمي عبده المؤمن من الدنيا، وهو يحبه، كما تحمون مريضكم الطعام والشراب تخافون عليه» ([5]).
هذه المعاني العظيمة لا يمكن تذكرها واستحضارها بصورة دائمة، وممارسة مقتضاها في الحياة العملية
إلا إذا تمكن حب الله من القلب وهيمن عليه، فمفتاح:
]رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ[ هو: ]يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ[ [المائدة: 54].
جاء في الأثر أن الله تعالى يقول:
«معشر المتوجهين إليَّ بحبي، ما ضركم ما فاتكم من الدنيا إذا كنت لكم حظًا، وما ضركم من عاداكم إذا كنت لكم سلمًا»([6]).
وكان عامر بن عبد قيس يقول:
أحببت الله حبًا سهل عليَّ كل مصيبة، ورضاني بكل قضية، فما أبالي مع حبي إياه ما أصبحت عليه وما أمسيت([7]).
نعم، أخي فإننا إن أحببنا الله حبًا صادقًا أحببنا كل ما يرد علينا منه سبحانه.
لما قدم سعد بن أبي وقاص إلى مكة، وقد كان كُفَّ بصره، جاءه الناس يهرعون إليه, كل واحد يسأله أن يدعو له
، فيدعو لهذا ولهذا، وكان مجاب الدعوة، فأتاه عبدالله بن أبي السائب
فقال له: يا عم، أنت تدعو للناس فلو دعوت لنفسك، فرد الله عليك بصرك؟*
فتبسم وقال: يا بنيَّ، قضاء الله سبحانه عندي أحسن من بصري.
وكان عمران بن الحصين قد استسقى بطنه، فبقي ملقى على ظهره ثلاثين سنة لا يقوم ولا يقعد،
قد نقب له في سرير من جريد كان عليه موضع لقضاء حاجته، فدخل عليه مطّرف وأخوه العلاء،
فجعل يبكي لما يراه من حاله،
فقال: لم تبكي؟ قال: لأني أراك على هذه الحالة العظيمة قال: لا تبك، فإن أحَبَّه إلى الله أحبه إليّ([8]).
ثانيًا: التلذذ بالعبادة وسرعة المبادرة إليها
كلما ازداد حب العبد لربه ازدادت مبادرته لطاعته واستمتاعه بذكره، وكان هذا الحب سببًا في استخراج
معاني الأنس والشوق إلى محبوبه الأعظم، والتعبير عنها من خلال ذكره ومناجاته.
هذه المعاني ما كانت لتخرج إلا إذا فُتح لها باب الحب،
فالمحب يقبل على محبوبه بسعادة، ويطيع أوامره برضى،
لا تحركه لتلك الطاعة سياط الخوف من عقوبة عدم أدائه للعمل، بل يحركه ما حرك موسى عليه السلام
عندما قال لربه ]وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى[ [طه: 84] وكذلك ما جعل رسولنا e يقول لبلال: «أرحنا بها يا بلال».
إن هناك بالفعل سعادة حقيقية ومتعة وشعور باللذة والنعيم
يجدها المحب في مناجاته وذكره وخلوته بربه،
وهذا ما يُطلق عليه: «جنة الدنيا»,
هذه الجنة من الصعب علينا أن ندخلها من غير باب المحبة.
قال أحد الصالحين: مساكين أهل الدنيا، خرجوا منها وما ذاقوا أطيب ما فيها،
قيل: وما أطيب ما فيها؟
قال: محبة الله تعالى ومعرفته وذكره.[/caution]
وقال آخر: إنه لتمر بي أوقات أقول:
إن كان أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي عيش طيب([9]