هل الدوابُّ أوفر حظا منا؟
بسم الله الرحمن الرحيم
ربّ اشرح لي صدري ويسّر لي أمري
نعم وان كان فقط من حيث المصير يوم القيامة فوَ الله انه يكفي
تابعوا معي هذا البحث لنقف معا على التفاصيل
يقول المولى تبارك وتعالى في سورة الأنعام 38
وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ
نعم الدواب أوفر حظا منا نحن البشر فقط من ناحية المصيريوم القيامة ولهذا السبب
في هذه الآية الكريمة يبيّن الله عزوجل لنا أنّ كلّ ما يدُبُّ على الأرض من مخلوقات انما هي مخلوقات مثلنا تماما, وكلّ الخلائق علمها عند الله عزوجل في كتاب لا يضلّ ربي ولا ينسى, وكل دابة من هذه الدواب رزقها على الله عزوجل مقسم الأرزاق سبحانه وتعالى, وكلها تخضع لتدبيره وأمره عزوجل سواء كانت هذه المخلوقات برية أم بحرية أم تحت الأرض, مفصحٌ عزوجل بأسماءها, واعدادها, ومظانها, وحاصر لحركاتها وسكناتها كما في قوله تعالى
وما من دابة في الأرض الا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كلٌّ في كتابٍ مبين
وليس هذا فحسب بل أنّ الله عزوجل يرزقها قبل أن يرزقنا كما في قوله تعالى
وكأيّن من دابةٍ لا تحملُ رزقها الله يرزقها واياكم , وهو السميع العليم
تماما كأمره تعالى لنا نحن البشر بعدم قتل البنات أو دفنهنّ احياء سواء صونا للعرض أو من شدة الفقر, كما كان معمول به في الجاهلية, وتكفله سبحانه وتعالى برزق أبناءنا قبل رزقنا نحن كما في قوله تعالى في سورة الاسراء
ولا تقتلوا أولادكم خشية املاقٍ, نحن نرزقهم واياكم, انّ قتلهم كان خٍطْئا كبيرا
والحيوانات على اختلاف أشكالها وأنواعها أمم مثلنا مثلها عند الله عزوجل كمخلوقات من خلقه تعالى, يخلقها ويميتها ويحشرها ويبعثها يوم القيامة, كما في قوله تعالى في سورة التكوير: واذا الوحوش حُشرت
وكقوله تعالى في آية عظيمة ختم بها سورة النبأ: ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا
لماذا يتمنى الكافر يوم القيامة هذه الأمنية يوم القيامة ساعة الوقوف بين يدي الله انتظارا للحساب, لأنّ الله عزوجل أول ما يُحاسب من خلقه يوم القيامة الحيوانات, كما في قوله عليه الصلاة والسلام في حديث رواه أبو ذر رضي الله عنه قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم اذ انتطحت عنزان, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتدرون فيم انتطحتا؟ قالوا: لا ندري... فقال عليه الصلاة والسلام: ولكنّ الله يدري وسيقضي بينهما....أي يوم القيامة عند الحساب.
وفي حديث آخر عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال
انّ الجمّاء لتقتص من القَرناءِ يوم القيامة
نعم الخلائق كلها تُحشرُ يوم القيامة مثلها مثل البشر, البهائم والدواب والطير والحيتان والديدان وكل شيء خلقه الله عزوجل, فيبلغ من عدل الله تعالى يومئذ أن يأخذ للجمّاء من القرناء ثم يقول لجميع مخلوقاته عدا الانسان: كوني ترابا فتصير ترابا باذن الله , وهذا هو قول الكافر يوم القيامة: يا ليتني كنت ترابا...أي حيوانا ليغدو شأنه شأن الدواب يوم القيامة ويعود الى التراب فلا يكون عليه حساب ولا عقاب ولا عذاب...لأجل ذلك كانت هناك آيات كثيرة في القرآن الكريم تصف الكفرة والمعرضين عن ذكر الله عزوجل بالصمّ البكم العمي, الذين لا يعقلون كما في قوله تعالى في مستهل سورة البقرة: صمٌّ بكمٌ عميٌ لا يرجعون...أي صمٌّ عن سماع الخير...بكمٌ: لا يتكلمون بما ينفعهم... عميٌ: عن رؤية طريق الهدى.ولأنهم كذلك فقد .ختم الله على قلب الكافرين كما في قوله تعالى
فانها لا تُعمى الأبصار ولكن تَعمى القلوب التي في الصدور
لماذا؟ لتكذيبهم بآيات الله عزوجل كما في قوله تعالى
والذين كذبوا بآياتنا صمٌّ وبكمٌ في الظلمات
علينا جميعا أن نُذكّر انفسنا بيوم الحساب الآتٍ لا محالة, ولنتخيّل كيف سيكون حالنا يوم الحساب, يوم الموقف العظيم, في هذا اليوم الذي نكون فيه حفاةً عراةً كما أنجبتنا أمهاتنا , في هذا اليوم الذي يفرُّ فيه كلٌّ منا من أمه وأبيه, من أخيه, من زوجته, من أبناءه, من بناته, من جميع خلق الله فرارا بالنجاة بالفوز, نهيم هنا وهناك بحثا عن حسنة, حسنة واحدة ندخل بها الجنة, واليوم نعيش في بحبوحة من العيش ولا نقترب من الحسنات, باجتراحنا السيئات, نحقد على هذا وذاك, نكذب على هذه وتلك, نعقٌّ والدينا , نسرق ننهب نعمل المعاصي على اختلاف أنواعها ونحن غافلين عن هذا اليوم الآت وربّ الكعبة كما أننا ننطقُ, وبدل من أن نزرع المحبة فيما بيننا تجدنا نزرع الحقد والشحناء والبغضاء ولو حتى باللمز والهمز , ولو بالايماء, ولو من بعيد لبعيد هكذا بات حالنا جميعا نحن هذه الأمة التي وصفها الله عزوجل بأنها خير الأمم اطلاقا لأمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر ولايمانها بالله رباً وبالاسلام دبناً وبمحمدٍ رسول الله صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا, كما في قوله تعالى
كنتم خيرُ أمّةٍ أُخرجَت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر
يوم الحساب
يوم الحساب هو يوم القيامة وسيكون طوله باذن الله عزوجل 50.000 سنة, ومن كما في قوله تعالى في صدر سورة المعارج
تعرُجُ الملائكةُ والروحُ اليه في يومٍ كانَ مقدارُهُ خمسين ألف سنة *فاصبر صبرا جميلا* انهم يَرَوْنَهُ بعيداٍ ونراهُ قريبا* يوم تكونُ السماءُ كالمهل* وتكونُ الجبالُ كالعهن
انّ الحيوانات مخلوقات من مخلوقات الله عزوجل ولها أخلاق مثلنا بالفطرة، وتستطيع التمييز بين الخير والشر مثلنا, وبل وتقيم العدل مثلها مثل الانسان، وبهذه الصفات فمجتمعات الحيوانات شبيهة بالمجتمعات الإنسانية الى حدٍّ ما, ولعلّ الآية القرآنية العظيمة والتي افتتحت بها البحث أعظم اشارة الى ذلك
انّ نظرة الانسان الى الحيوان وعلى مرّ العصور والدهور كانت نظرة أنها لا تعقل ولا تُميّزُ بين الخير والشر, ولكن القرآن الكريم يناهض فكرنا تماما حين أخبرنا بكتابه الكريم أنّ هذه المخلوقات هي مجتمعات مثلنا، كما في قوله في جزء من الآية 38 من سورة الأنعام: الا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ , وكما كلنا يعلم أنّ هذه الآية الكريمة نزلت قبل أربعة عشر قرناً , اي في زمن لم يكن أحد على وجه الأرض يتخيل أن الحيوانات والحشرات والطيور هي مجتمعات منظمة تشبه البشر، بل كانت الأساطير كلّق حسب معتقده يُفتي في الكائنات هذه, وعلى الرغم من أنّ القرآن الكريم والسنة المطهرة أشارا الى أنّ كل ما في الكون من مخلوقات انما هي مخلوقات مثلنا ومع ذلك لم نقتنع, الى أن جاءت الدراسات العلمية لتثبت صدق القرآن الكريم وتؤكد أنّ كل ما في القرآن انما هو الحق وجاء من عند الله تبارك وتعالى وان كان هؤلاء العلماء لا يشيرون الى اعجاز القرآن الكريم, فيكفينا نحن المسلمون أن نؤمن بهذا, ,انه من عند الله عزوجل, وليس هذا فحسب, بل كل ما جاء في القرآن الكريم من براهين واضحة تؤكد رسالة النبي صلى الله عليه وسلم والتي ينكرها 80% من الخلائق البشرية على مستوزى العالم, ور يؤمن بها الا نحن المسلمين والذين نشكل خمس العالم فقط وياليتنا جميعا على الهدى لتمكنا من اصلاح العالم كله.
والآن احبائي اسمحوا لي أن أقدم لكم هذا البحث العلمي الجديد الذي نبهني اليه وأرسله لي المهندس الشاب عبد الدائم كحيل جزاه الله خيرا, كبحث قيّم من أبحاثه العلمية حول اعجاز القرآن الكريم.
ففي دراسة جديدة يؤكد العلماء أن القرود تميز بين الخير والشر ولديها أخلاق بالفطرة! ففي سلسلة من الدراسات العلمية تبيَّن للعلماء أن أمَّة القردة تقوم بمحاكمات لأفرادها من أجل إقامة العدل! بل إنها تضحّي بأنفسها من أجل الغير وتساعد غيرها في المواقف الصعبة. كما أنها تتميز بنوع من الذاكرة تجعلها تؤدي التزاماتها تجاه الآخرين.
يظهر البحث الجديد أن الأخلاق ليست صفة إنسانية بل موجودة في عالم الحيوانات بشكل واضح! ويؤكدون أن جينات المخلوقات مصممة لترشد هذه الكائنات الحية نحو الطريق الصحيح. وهنا تتجلى إشارة قرآنية في قول الحق عز وجل: (إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) [هود: 56]، فالله تعالى أودع في كل مخلوق برنامجاً محكماً يهديه إلى طريقه وإلى حياته الصحيحة لتبقى الحياة مستمرة، يقول تعالى: (الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى)[طه: 50].
ويقول البروفسور Frans de Waal أستاذ علم النفس في جامعة جورجيا في الولايات المتحدة الأمريكية: هناك دليل واضح جداً يثبت أن الأخلاق صفة تتمتع بها العديد من الحيوانات والتي تتميز بقوانين اجتماعية مثل البشر. وهنا نتساءل: أليس هذا ما أكده القرآن في قوله تعالى عن هذه الحيوانات: (إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ)؟
لقد تم عرض هذا البحث في المؤتمر السنوي للجمعية الأمريكية للعلوم المتقدمة AAAS حيث وصف البروفسور Waal نتائج تجاربه على القرود والتي أظهرت شعوراً صارماً بالعدل أو الظلم، فقد طلب من مجموعة من القرود القيام بنفس العمل ولكنه أعطى مكافآت مختلفة لكل منها، حيث قدم كمية من الطعام أقل أو أكثر، وقد أظهرت القردة التي قُدم لها طعام أقل، أظهرت نوعاً من التذمر واعترضت بشدة على ظلمها وعدم إنصافها.
وعلى الرغم من ذلك فقد أظهرت القدرة التي قُدّم لها طعام أكثر شيئاً من التعاطف مع بقية القدرة وأعطتها كمية من طعامها أي آثرتها على نفسها كما يعبر العلماء بكلمة altruism أي الإيثار. بل إنها تستمتع بالعطاء عندما تقدم الطعام لغيرها، وهذه صفة قريبة جداً من صفات بعض البشر كما يؤكد البروفسور Waal في دراسته. ويقول: إن القردة تفضل وبشكل طبيعي أن يتم تقديم الطعام والمكافآت بالتساوي ولا تحب أكل طعام غيرها.
وقد أظهرت أبحاث أخرى أن القرود تتذكر جيداً كل من يساعدها فتكافئه ولو بعد حين! كما أظهرت أبحاث أخرى أن القرود تستطيع التمييز بين الصدق والكذب ويمكن أن تكذب أو تكون صادقة تماماً مثل البشر. ولكن – كما تقول الدراسة - بعض المتعصبين دينياً في الغرب (من غير المسلمين) يعارضون مثل هذه النتائج لاعتقادهم أن صفات مثل الصدق والكذب والعدل خاصة بالبشر فقط.
وإذا كانت القردة تحب العطاء بل تحب لغيرها ما تحب لنفسها،
أليس الأجدر بنا نحن المؤمنين أن نحب لغيرنا ما نحبه لأنفسنا؟ إذاً لنقرأ حديث النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، وأخيراً أودّ أن أستفيد معكم من هذه الدراسة لنتذكر قول الله تعالى عن المؤمنين: (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [الحشر: 9]. فإذا كانت القرود تؤثر الآخرين على نفسها فكيف بنا نحن البشر؟!
جزا الله عنا المهندس كحيل على مشاركته بحثنا , وكذلك كل من قرأ هذا البحث العلمي, وجعل الله مشاركته وقراءىة القراء للبحث ونشره في ميزان الحسنات انه وحده عزوجل وليّ ذلك والقادر عليه, ف الدالُّ على الخير كفاعله أو كما قال سيد الخلق صلوات ربي وسلامه عليه.
ما أصبت به في هذا البحث فمن الله وحده, وما أخطأتُ به فمن نفسي ومن الشيطان
لا تنسونا من دعوة صادقة خفية ولكم مثلها ان شاء الله