بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن الفتنة
«فتنةٌ عمياء صمّاء عليها دعاة على أبواب النار، فأنْ تموتَ وأنت عاضٌّ على جَذْلِ شجرة خيرٌ من أن تَتْبَعَ أحداً منهم».
هو حديث صحيح، أصله في الصحيحين
من حديث الصحابي حُذَيفة بن اليَمان
رضي الله عنه
في أجوبة النبي
صلى الله عليه وسلّم
له لمّا سأله رضي الله عنه عن الفتن القادمة وأحوال الأمة
رواه الإمام البخاري في صحيحه
في كتاب المناقب، باب علامات النبوّة في الإسلام، وفي كتاب الفتن، باب كيف الأمر
إذا لم تكن جماعة؟
ورواه الإمام مسلم في صحيحه
في كتاب الإمارة، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن وفي كل حال
ورواه الإمام أبو داود
في كتاب الفتن باب ذكر الفتن ودلائلها
والإمام النسائي في «السنن الكبرى»
في كتاب فضائل القرآن، باب الأمر بتعلُّم القرآن واتّباع ما فيه.
وباللفظ المذكور خرّجه الإمامُ أبو داود في سننه (4243)
والحافظ ابن أبي شَيْبة في «المصنَّف»
(38269)
والإمام أحمد في المُسند (23282)
وصححه ابن حِبّان (5963).
وأخرجه من طريق أخرى عن حذيفة مرفوعاً
بلفظ:
«تكون فتن، على أبوابها دعاة إلى النار…»
الحديث:
الإمامُ ابن ماجه في سننه (3981)
في كتاب الفتن، وصحّحه الحاكم في
«المستدرك على الصحيحين»
432:4 ووافقه الإمام الذهبي وهو عند النسائي في الكبرى ( 7979) بنحوه
ولكن فيه عبد الرحمن ابن قُرْط تابعيّ مجهول!
غريب الحديث
عمياء صَمّاء: وَصفان للفتنة للمبالغة وإلا فالعمى والصَّمَم هما وصفان للناس المُفْتَتَنِين، وذلك لإفادة مدى ظلامها وشدتها حتى إن الناس فيها يَعمَوْن ويُصَمُّون
أي عن سماع الحق والهدى ورؤيتهما، فيخبطون خَبط عشواء.
جَذل الشجرة: بفتح الجيم وكسرها هو أصلها.
فوائد الحديث
1. الحديث فيه إخبار من النبي صلى الله عليه وسلّم عن فتنٍ ستهجم على الناس من أوصافها أنه يضِلّ الناس فيها حتى كأنهم صُمٌّ عميان يَجْرون وراء دعاة الضلالة الذين يَجرّون الناس إلى النار جَرْي القطيع.
2. كما أن فيه وصيةً من النبي صلى الله عليه وسلّم أن لا يتبع المسلم أحداً من دعاة الضلالة ومن تجمُّعات الأحزاب التي لا تدعو بدعوة الإسلام ولا تدل الناس على طاعة الله واتِّباع هَدي نبيه صلى الله عليه وسلّم، وليس فقط أن لا يتبعَهم بل أيضاً أن لا يستجيب لهم كما عند الطبراني في الأوسط 3555 بسند حسن.
3. أنّ موت المسلم وحيداً معتزلاً دعاةَ الضلالة خيرٌ من أن يتبع أحداً منهم ولو وهو عاضّ على جذع شجرة - قال الحافظ في
(الفتح 36- قال البَيْضاوي: وعضُّ أصل الشجرة كناية عن مكابدة المشقة).
4. أوصى النبي صلى الله عليه وسلّم مراراً
في نفس الحديث - كما في بعض رواياته:
«تعلَّمْ كتاب الله واتبعْ ما فيه»
وكرر الوصية ثلاثاً في كل مرة، مما يدل على أنه لا منجاةَ للمسلم من الفتن إلا بنور كتاب الله إذا أقبل عليه متعلِّماً جاعلاً له إماماً يَتْبعُه:
بالعمل بما فيه والتلقي منه والتوجُّه بتوجيهه وجعله كتابَ الحياة ودستورَها.
اللهم احفظنا من الفِتَن واعصمنا عند المِحَن، ونوّر لنا الطريــق واهدنــــا السبيل.
منقول