كتابُ يَدَيْكِ
لنزار قباني
1
ففيهِ قصائدُ مطليّةٌ بالذَهَبْ
وفيه نُصُوصٌ مُطَعَّمةٌ بخيوط القَصَبْ.
وفيهِ مجالسُ شِعْرٍ
وفيه جداولُ خمرٍ
وفيه غناءٌ
وفيهِ طَرَبْ.
يَدَاكِ سريرٌ من الريشِ..
أغْفُو عليهِ،
إذا ما اعتراني التَعَبْ
يَدَاكِ..
هُمَا الشِعْرُ، شكلاً ومَعْنَىً
ولولا يداكِ..
لما كانَ شِعْرٌ
ولا كانَ نَثْرٌ
ولا كانَ شيءٌ يُسمَّى أَدَبْ.
2
كتابٌ صغيرٌ.. صغيرْ..
فمنه تعلَّمتُ،
كيفَ النُحَاسُ الدمشقيُّ يُطْرَقُ
كيفَ تُحاكُ خُيُوطُ الحريرْ.
ومنه تَعَلَّمتُ،
كيف الأصابعُ تكتُبُ شِعْراً
وأنَّ حُقُولاً من القطنِ
يمكنُها أن تطيرْ..
3
كتابُ يديكِ، كتابٌ ثمينْ
يُذكّرني بكتاب (الأغاني)،
و (مجنونِ إلْزا)،
وبابلو نيرُودا،
ومَنْ أشعلوا في الكواكبِ
نارَ الحنينْ..
كتابُ يَدَيْكِ..
يُشابِهُ أزهارَ أمي
فأوَّلُ سَطْرٍ من الياسمينْ.
وآخرُ سَطرٍ من الياسَمينْ.
يّدّاكِ..
كتابُ التصوُّفِ، والكَشْفِ،
والرقْصِ في حلقاتِ الدراويشِ
والحالمينْ..
إذا ما جلستُ لأقرأ فيهِ
أُصَلِّي على سّيِّدِ المُرْسَلينْْ...
4
كتابُ يديكِ
طريقٌ إلى اللهِ،
يمشي عليه الألوفُ من المؤمنينْ
وبرقٌ يُضيءُ السَمَاءَ
كتابُ يَدَيكِ، كتابُ أُصُولٍ
وفِقْهٍ.. ودينْ
تخرَّجْتُ منهُ إمَامَاً
وعُمْري ثلاثُ سنينْ...
5
كِتابُ يَدَيكِ
يوزِّعُ خُبْزَ الثقافةِ كلَّ نهارٍ
على الجائعينْ..
ويُعطي دُروسَ المحبَّة للعاشقينْ
ويلْمَعُ كالنجم، في عُتْمة الضائعينْ
وكنتُ أنا ضائعاً، مثلَ غيري
فأدركتُ نُورَ اليقينْ.
حديثُ يديكِ،
خلالَ العَشَاءْ
يُغيّرُ طَعْمَ النبيذِ،
وشَكْلَ الأواني.
أحاولُ فَهْمَ حوارِ يَدَيْكِ
ولا زلتُ أبحثُ عمَّا وراءَ المعاني
فإصبَعَةٌ تستثيرُ خيالي
وأُخْرَى تُزَلْزِلُ كُلَّ كياني.
حَمَامٌ
فمن أينَ هذا الحَمَامُ أتاني؟
و (موزارتُ) يصحُو.. ويرقُدُ
فوقَ مفاتيح هذا البِيَانِ
ويغسِلُني بحليبِ النُجُومِ
وينقُلُني من حدود المَكَانِ.
6
لماذا أَُضِيعُ
أمامَ يديكِ اتِّزاني؟
إذا ما لعبتِ بزَرِّ قميصي
تحوّلْتُ فوراً،
إلى غيمةٍ من دُخَانِ...
فمن أينَ هذا الحَمَامُ أتاني؟
و (موزارتُ) يصحُو.. ويرقُدُ
فوقَ مفاتيح هذا البِيَانِ
ويغسِلُني بحليبِ النُجُومِ
وينقُلُني من حدود المَكَانِ.
7
لماذا أَُضِيعُ
أمامَ يديكِ اتِّزاني؟
إذا ما لعبتِ بزَرِّ قميصي
تحوّلْتُ فوراً،
إلى غيمةٍ من دُخَانِ...