كالرسائل القديمة يتعتقون في أرواحنا،ينبعثون من بين أحلامنا ومسامنا الضاجة بهم،بحزنهم،بنبضهم،بحاجتهم للدفء كما هي حاجتنا للحياة.
ينبضون بين ضلوعنا ينثرون باقات من الوجد ،يتمطى في دواخلنا كحزن عتيق لكنه يمر بنا مرور المطر،ولأنهم كالمطر زخات حضورهم تلّون حياتنا بالبياض،وتثلج صدورنا بالولع،هكذا يتماهون في جوانحنا كالسحاب.
الأصدقاء حاجة الفرح،وحاجة البكاء،حضورهم في أرواحنا باعث على الحياة،وحضورهم في ذواتنا طريقا للألم والمتاعب،هكذا هم عبثا يتنقلون بين أروقتنا ،أفئدتنا ،يأخذوننا تارة إلى الحب،وأخرى إلى تعب.
معادلة الصدق معهم تتماوج كجزر ومد،وفي خضم الغضب الهادر للموج الشفيف تنبجس حالات كثيرة ،معها تنحو بنا نحو طرق نخالها معبدة بالحب،فإذا هي موصدة بالشقاء،محاصرة بطرق وعرة متى وصلناها عدنا من حيث أتينا لا الجرح يلتئم،ولا الزمان يطيب.
كالعطور القديمة يثبُتون في الذاكرة،ليس سهلا التخلص منهم،وليس صعبا وصول سهامهم إليك،رائحتهم في الروح نفاذة،وبقاءها في الذاكرة ليس مرهونا بوقت وإنما هو كل اللحظات،يحمل عبق اللقاء الأول،والبسمة الأولى،والفكرة البكر،تلك التي معك تجمعهم على بساط الوئام.
الأصدقاء عطرنا العتيق اللا ينجلي أو يغيب.
نتشبث بهم كأنهم جسرنا الأوحد ،ذاك الذي ينقلنا من مرفئ إلى آخر،وكأن كل المرافئ التي نطوفها تهدينا وردة ندية،نؤثرها للقلوب التي من حولنا ترصد هذه التحولات الجديدة حتى على المألوف في سيرورة الحياة بصفة عامة.
الأصدقاء هم واحة الأمن حين يصدقون العهد،وهم غابة الخوف حين يخذلوننا ،منتهى التناقض ،أن تحمل بين ضلوعك قلبا كبيرا يتسع لكل الجمال من حولك ،ويوم أن تأمن له يأتيك بوجع عظيم هو الغدر.
تالله كيف يستطيعون اختراق أرواحنا إلى الحد الذي يجعلهم يتمازجون معنا مثل قصيدة حرفها من ذهب،وريحها من نار.
وكيف نحبهم،ونلتصق بهم حد التماهي في أرواحهم،إنها متعة الود حينما يحلّق بك عبر فضاء الحياة.
الأصدقاء حاجتنا المقدّسة للبقاء،إنهم رسائلنا المعتقة بالحنين لله ما أجمل صداها في الروح
.
منقول