السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن سعادة الإنسان المسلم موقوفة على مدى تأديب نفسه وتطييبها وتطهيرها .قال تعالى( قد افلح من زكاها, وقد خاب من دساها)الشمس.
وقال صلى الله عليه وسلم( كلكم يدخل الجنة إلا من أبى. قالوا: ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى) رواه مسلم.
وتطهر النفس وتزكو بالإيمان والعمل الصالح قال تعالى( وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل , إن الحسنات يذهبن السيئات)هود.
لذلك ينبغي على المسلم أن يعمل على تأديب نفسه وتزكيتها, وحتى يتسنى له ذلك لابد له من إتباع خطوات لإصلاح النفس وتأديبها:
1-التوبة
بمعنى الندم على كل ذنب سالف وترك سائر الذنوب والمعاصي,بشرط العزم على عدم العودة إلى الذنب . قال تعالى(وتوبوا إلي جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون)النور
وقد حثنا نبينا على التوبة فقال صلى الله عليه وسلم( يا أيها الناس توبوا إلى الله فاني أتوب في اليوم مائة مرة) رواه مسلم وقوله أيضا( إن الله عز وجل يبسط يده بالتوبة لمسيء الليل إلى النهار,ولمسيء النهار إلى الليل حتى تطلع الشمس من مغربها)رواه مسلم.
2-المراقبة
وهي إن يأخذ المسلم نفسه بمراقبة الله ويلزمها إياها في كل لحظه حتى يتم لها اليقين بان الله مطلع عليها عالم بأسرارها رقيب على أعمالها.وهذا معنى إسلام الوجه لله في قوله تعالى( ومن أحسن دينا ممن اسلم وجهه لله وهو محسن) النساء.
قال صلى الله عليه وسلم( اعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك) متفق عليه.
قال عبد الله بن دينار: خرجت مع عمر بن الخطاب إلى مكة فعرسنا ببعض الطريق فانحدر علينا راع من الجبل , فقال له عمر:يا راعي بعنا شاة من هذه الغنم. فقال الراعي:انه مملوك. فقال عمر:قل لسيدك أكلها الذئب , فقال العبد:أين الله؟ فبكى عمر. وغدا على سيد الراعي فاشتراه منه واعتقه.
3-المحاسبة
إن على المسلم أن يخلو إلى نفسه ساعة من كل يوم يحاسب فيها نفسه على كل ما قام به من عمل.فان رأى نقصا في الفرائض لامها ووبخها, وان كان مما يقضى قضاه,وان رأى نقصا في النوافل عوض عن ذلك النقص, وان رأى خسارة بارتكاب المنهي عنه استغفر وندم وأناب .
وهذا هو المراد من محاسبة للنفس وهي إحدى طرق إصلاحها. قال تعالى( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد, واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون)الحشر
حكي عن الاحنف بن قيس انه كان يجيء إلى المصباح فيضع إصبعه فيه حتى يحس بالنار ثم يقول لنفسه:يا حنيف ما حملك على ما صنعت يوم كذا؟ما حملك على ما صنعت يوم كذا.
هكذا كان الصالحون من هذه الأمة يحاسبون أنفسهم ويلومونها على تقصيرها ويلزمونها التقوى وينهونها عن الهوى قال تعالى( وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فان الجنة هي المأوى) النازعات
4-المجاهدة
وهي أن يعلم المسلم أن اعدى أعدائه إليه هو نفسه .وأنها ميالة بطبعها إلى الشر وأمارة بالسوء .
فإذا عرف المسلم ذلك جهز نفسه لمجاهدتها , فإذا أحبت الراحة أتعبها وإذا رغبت في الشهوة حرمها وإذا قصّرت في طاعة لامها ثم الزمها بفعل ما قصرت فيه.
يأخذها بهذا التأديب حتى تطمئن وتطهر وتطيب وتلك غاية المجاهدة للنفس قال تعالى(والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وان الله لمع المحسنين) العنكبوت
قال صلى الله عليه وسلم( خير الناس من طال عمره وحسن عمله)رواه الترمذي وحسنه.
ولنا في رسولنا قدوة حسنه حيث كان صلى الله عليه وسلم يقوم الليل حتى تفطرت قدماه الشريفتان وسئل عليه السلام في ذلك فقال: أفلا أحب أن أكون عبدا شكورا.
وقد عاتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه نفسه على تفويت صلاة العصر في جماعة فتصدق بأرض من اجل ذلك تقدر قيمتها بمائتي ألف درهم.
وكان علي رضي الله عنه يقول: رحم الله أقواما يحسبهم الناس مرضى وما هم بمرضى وذلك من آثار مجاهدة النفس.
قال تعالى( والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر)العصر.
اللهم فاطر السماوات والأرض رب كل شيء ومليكه اشهد أن لا اله إلا أنت أعوذ بك من شر نفسي ومن شر الشيطان وشركه. وان نقترف سوءا على أنفسنا أو أن نجره إلى مسلم.
منقو وول
منهاج المسلم
أبو بكر الجزائري