إدريس عليه السلام هو أحد الرسل الكرام الذين أخبر الله تعالي عنهم في كتابة العزيز ، وذكره في بضعة مواطن من سور القرآن ،وهو ممن يجب الإيمان بهم تفصيلاً أي يجب اعتقاد نبوته ورسالته على سبيل القطع والجزم لأن القرآن قد ذكره باسمه وحدث عن شخصه فوصفه بالنبوة والصديقية. نسبة هو إدريس بن يارد بن مهلائيل وينهي نسبة إلى شيث بن آدم عليه السلام واسمه عند العبرانيين (خنوخ) وفي الترجمة العربية (أخنوخ) وهو من أجداد نوح عليه السلام . مولده ونشأته
إدريس عليه السلام هو أول بني آدم أعطي النبوة بعد (آدم) و(شيث) عليهما السلام ، وذكر ابن إسحاق أنه أول من خط بالقلم ، وقد أدرك من حياة آدم عليه السلام 308 سنوات لأن آدم عمر طويلاً زهاء 1000 ألف سنة كما مر في قصته عليه السلام .
وقد أختلف العلماء في مولده ونشأته ، فقال بعضهم إن إدريس ولد ببابل ،وقال آخرون إنه ولد بمصر والصحيح الاول ، وقد أخذ في أول عمره بعلم شيث بن آدم ، ولما كبر آتاه الله النبوة فنهي المفسدين من بني آدم عن مخالفتهم شريعة (آدم) وشيث) فأطاعه نفر قليل ، وخالفه جمع خفير ، فنوى الرحلة عنهم وأمر من أطاعه منهم بذلك فثقل عليهم الرحيل عن أوطانهم فقالوا له ، وأين نجد إذا رحلنا مثل (بابل) فقال إذا هاجرنا الله رزقنا غيره ، فخرج وخرجوا حتى وصلوا إلى أرض مصر فرأوا النيل فوقف على النيل وسبح الله ، وأرقام إدريس ومن معه بمصر يدعو الناس إلى الله وإلى مكارم الأخلاق .
وقد كانت مدة إقامة (إدريس) عليه السلام في الأرض (82) سنة ثم رفعه الله إليه كما قال تعالي (ورفعناه مكاناً عليا) وكانت له مواعظ وآداب فقد دعا إلى دين الله ، وإلى عبادة الخالق جل وعلا ،وتخليص النفوس من العذاب في الآخرة ،بالعمل الصالح في الدنيا وحض على الزهد في هذه الدنيا الفانية الزائلة ، وأمرهم بالصلاة والصيام والزكاة وغلظ عليهم في الطهارة من الجنابة ، وحرم المسكر من كل شي من المشروبات وشدد فيه أعظم تشديد وقيل إنه كان في زمانه 72 لساناً يتكلم الناس بها وقد علمه الله تعالي منطقهم جميعاً ليعلم كل فرقة منهم بلسانهم . وهو أول من علم السياسة المدنية ، ورسم لقومه قواعد تمدين المدن ، فبنت كل فرقة من الأمم مدناً في أرضها وانشئت في زمانه 188 مدينة وقد اشتهر بالحكمة فمن حكمة قوله ، (خير الدنيا حسرة ، وشرها ندم ) وقوله (السعيد من نظر إلى نفسه وشفاعته عند ربه أعماله الصالحة ) وقوله الصبر مع الإيمان يورث الظفر .