قصيدة ألقيتها
في حفل بأحد النوادي الكبيرة بالسعودية من
زمنٍ بعيد يوم كان المدرس قدوة في عمله
فهل تأذنون لعرضها هنا ؟؟ موافقون
---------------------
المدرس و... الجيل
مدحـوا المدرسَ بالكلام طويـلا *** وأرى الثنـاءَ علي المُجـِدِّ جميلا
لكنْ.. أيَهْـنَأُ بالمديـح ِمحطــمٌ *** يشكـو الضياعَ.. ويحمـلُ القنديلا ؟؟
في الصبح يعمل في الفصولِ كراهبٍ*** يروي العقـولَ ويكثرُ الترتيـلا
ويعيـدُ ما قـدْ قالَ .. ثم يعيدُهُ *** ويكرِّرُ الأجمــالَ والتفصيـلا
ويروح يحمـل في الصباحِ دفاتراً *** وتراهُ بعد الظهـر عـاد عليــلا
يلقــاهُ أبنـاءٌ لديـهِ تعـودوا *** أن يمنحـوهُ البشـرَ والتقبيـلا
يجدون منـهُ ـ وكان ذلك آنفاً ـ *** ما يبتغون..الحـبَّ.. والتدليلا
قد أنكروهُ فقد تعَـوَّدَ غيـرَ ما *** ألِفـوا وصار محطَّمـاً مهزولا
وبـدا التجهُّمُ صارماً بجبينـهِ *** وكساهُ شيبٌ في السـنين الأولي
فزع الصغـارُ وقد أتَوْهُ ورُوِّعُوا *** وكأنهـمْ وجـدوا هنالك غولا
ـــــــ
لله أطفــالٌ لديــه وأمهـمْ *** لماّ رأوا في مقلتيـــهِ ذُبولا
مَدُّوا الطعـامَ فلم يبادرْ نحوهُ *** ماذا دهاهُ.. وكان قبـــل أكولا؟؟
قَدَمَاه هَدَّهُما الوقوفُ فيـا تُرى *** أيساقُ نحــو طعامه محمولا ؟
إنْ جـاءهُ ابنٌ من بنيـهِ مداعباً *** ألفــاهُ مهدودَ الفـؤاد كسولا
لا يستطيعُ النطـقَ بعـدَ عنائـهِ *** يهوى السكوتَ ولا يريـدُ بديلا
ملَّ الكــلامَ فلمْ يحـدثْ طفلَــهُ *** فيعود يرسلُ من أســاهُ عويلا
ـــــ
حتى إذا حـلَّ المسـاءُ علي الدُّنا *** والبدرُ شعشعَ في السماءِ جميلا
وسرى نسيمُ الليلِ يختلسُ الخطى *** بين الورودِ الناعساتِ خجـولا
وتجمَّـع الأحبابُ في سمرٍ لهمْ*** سَلَكَ المدرسُ غيــرَ ذاك سبيـلا
أنى له هــذا الهنـاء وعنـدهُ *** -إنْ تسألوا- حصص الصباح الأولى
سيظل سهراناً يحضِّـر درسـهُ *** وسواهُ يمرحُ في الخـلاءِ طويلا
خمسون كشكولاً تنـامُ جـوارَهُ *** يجرى عليها الكشــطَ والتعديلا
وغداً سيأتيــهِ المفتش حـاملاً *** سيفا لعمرى باتــراً مسلولا…
وإذا المفتش غــابَ عنهُ هُنَيْهَهً *** يبقى أمـامَ مديـــرهِ مسئولا
وأمام طـلابٍ تشـتتَ ذهنهـمْ *** جهلوا تراثاً للجــدودِ أصيلا
ــــــ
تلك البراعـمُ قـد تفتح عودهـا *** وَنَمَـتْ بعصــرٍ مالأ التضليلا
القزمُ فيه علي العمـالقِ تائِـهٌ *** والوغدُ صار لدى الآنامِ نبيلا
واستأسدتْ فيه الضباعُ ولم تجـدْ *** في عرفِها بين السباعِ مثيلا
والغِــرُّ صَعَّـرَ للأكابـرِ خــدَّهُ *** والفأر نافس من غبـاهُ الفيلا
والهزلُ صار لدى النفوس محبباً *** والجدّ يبدو للرعـاعِ ثقيــلا
والشـرُّ يأتى للشبـاب مُغلفـاً *** بالخيرِ كيما أن يحــوزَ قبولا
الدينُ يدعو للفضـائل والهـدى *** والغرب دقّ لحربهن طبــولا
وغزا ديــار المسلمين بفكـرهِ *** حتَّى يحطم في الشباب عقولا
أغرى الشبــاب بكل أمرٍ ماجنٍ *** ليظلَّ يرتعُ في الخنـا مشغولاً
كنـا كرامـاً حيـن كان شبابنـا *** خيرَ الشباب مشاعراً وميـولا
كنـا علي هــامِ الزمـان أعزَّةً *** واليوم صرنا للزمانِ ذيــولا
ـــــــــــــ
يا أيهــا الشـرق الأبيُّ ألا تعي *** إذْ كنت تاجاً للحيـاةِ جليــلا ؟؟
يا أيهـا العملاقُ في زمنٍ مضى *** مالي أراك وقد غـدوتَ هزيلا؟
أخذوا تراثك من قرونٍ قد مضتْ *** واستثمروهُ وما وجـدت بديلا !!
سرقوا الفضائلَ منك واتَّصفُوا بها *** وسرقت أنت مثالباً وخمـولا
ملأوا الحيــاةَ صناعةً وحضارةً *** وملأتَ آذان الحيــاة عويلا
صعدوا إلي المريخ وامتلكوا الدُّنا *** وقبعتَ تَجْتَرُّ الفراغَ طويــلا
ـــــ
آهٍ لجيــلٍ قـد تخبَّط في الدُّجَى *** يبدو جميلاً وهْو ليس جميـلا
أنا ليس يغرينى الجمـالُ مزيفـاً *** عَفِـنَ الطباع وإ نْ بدا مصقولا
إن الجمـالَ أراه في خُلُقِ الفتى *** وأرى الرجولةَ فوقه إكْلِيــلا
وأرى الفتاةَ بطهرِهـا وجمالها *** رحمَ الحياةِ وعطرَها المأْمولا
وعلي المدرسِ أن يكـون لجيله *** كالنجمِ -إنْ حلَّ الظلام- دليلا
أينامُ مرتاحَ الفـــؤادِ منعَّمـاً *** مَنْ كـلَّفـوه ُبأنْ يقوّم جِيــلا ؟؟
ــــــــ
شعر سعيد حسين القاضي