لقد جاء في الحديث
(( إن الله يفرح بتوبة أحدكم )) ...
الله أكبر، فهل تريد في هذااليوم أن يفرح بك الله . والله إن أحدنا يريد أن يفرح عنه أبوه أو يرضى عنه زميلهفكيف برب العالمين تبارك وتعالى .
نعم إن الأمر صدق هو كذلك (( إن الله يحبالتوابين ويحب المتطهرين ))البقرة .
وإذا احبك الله فما عليك ولو أبغضك من في الأرضجميعاً .
من مثلك يفرح بك الله و يحبك الله . الله الذي له مقاليد السماوات والأرضالمتصرف الوهاب ، الذي إذا أراد شيئاً إنما يقول له كن فيكون .
ومن كان الله معهفما الذي ينقصه ؟! إن يكن معك الله فلا تبالي ولو افتقدت الجميع فهو سبحانه (( نعمالمولى ونعم النصير )) الأنفال .
معك من لا يهزم جنده ، معك الذي يعز من أطاعه ويذلمن عصاه ، الذي لا يُقهر سلطانه ، ذو الجبروت والكبرياء والعظمة ، معك الكريمالواسع المنان الملك العزيز القهار سبحانه وتعالى 0
ما أتعب الناس الذين هم يلهثونوراء الشهوات والمحرمات بزعمهم أن في ذلك السعادة والفرح إلا بعدهم عن الله ، وإلالو عرفوا الله حقاً ما عرف الهم والضيق طريقاً إليهم ولأيقنوا أن السعادة لا تستجلببمعصية الله . أين نحن عن قوله تعالى :
(( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْوَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِنكَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ))
وعن قوله
(( وَلَوْأَنَّهُمْ آمَنُواْ واتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ اللَّه خَيْرٌ لَّوْكَانُواْ يَعْلَمُونَ ... )).
أتجد في نفسك تردداً إلى الآن ؟ كن عاقلاً فلا تشريحطام الدنيا الزائل بنعيم الآخرة الدائم حيث ما لا عين رأت ولا أذن سمعت و لا خطرعلى قلب بشر في أبد لا يزول في روضات الجنة يتقلب وعلى الأسرة يجلس وعلى الفرش التيبطائنها من إستبرق يتكئ وبالحور العين يتنعم وبأنواع الثمار يتفكه ويطوف عليه منالولدان المخلدون بأكواب وأباريق وكأس من معين لا يصدعون عنها ولا ينزفون و فاكهةمما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون جزاء بما كانوايعلمون .
ويطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعينوأنتم فيها خالدون ، في قصور الجنة ينظرون إلى الرحمن تبارك وتعالى ويمتعون أنظارهم
. ويلتقون بصفوة البشر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .
نعيم لا يوصف لا هم ولا كدر . لا عرق ولا أذى ولا قذر ولا حيض ولا نفاس ولا نصب ولا تعب ولا نوم لكي لا ينقطعالنعيم بنوم . و لا عبادة تنشأ إلا لمن أراد أن يتلذذ بها فهي دار جزاء لا دار عمل
.وإن أبيت إلا أن تصر على العصيان ماذا تنظر ؟ أعلنها من الآن توبة إلى الله ، فكقيود المعاصي وتسلط الشيطان والنفس عليك ، ألجأ إلى الله واعتصم به وانطرح بين يديه، هاهم العائدون إلى الله تراهم سلكوا طريق النجاة فعلام التقهقر والتردد ؟
ألاتعلم أن ماعند الله خير وأبقى ، أتبيع الجنة بالنار ؟ّ! ألم تستوعب إلى الآن حقيقةالدنيا ، وأنها دار ممر وليست دار مقر ، وأنها ميدان عمل و تحصيل ثم توفى كل نفس ماعملت ‘إن خير فخير وإن شراً فشر ، أتظن أنك وحدك القادر على ارتكاب الحرام أتظن أنالذين لزموا الطاعة وصبروا على شهوات الدنيا لا يقدرون على ارتكاب الملذات منالحرام ؟
بلى هم يستطيعون ذلك لا يمنعهم شيء لكنهم يخافون الله ويرجون ثوابهويصبرون قليلاً ليرتاحوا كثيراً فكن معهم تجد السعادة في الدنيا قبل الآخرة . قلللنفس يكفي ما كان واعزم على هجر الذنوب واسلك طريق العودة . فإن لم تتب اليوم فمتىستتوب وإن لم تندم اليوم متى ستندم ؟هل تنتظر أن تتوب عند الموت ؟ّ فالتوبة لا تقبلحينئذ .هل تنتظر أن تندم حين لا ينفع الندم ؟! حين تقول ياليت وياليت ! قال تعالى ((
يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولَ ، وقالواربنا إنا أطعنا سادتنا وكبرائنا فأضلونا السبيلَ ، ربنا آتهم ضعفين من العذابوالعنهم لعناً كبيراً )) .!
أو هل تنتظر حتى تدخل النار فتتوسل إلى الله يوم لايجدي التوسل يوم يتوسل أهل النار أن يخرجهم الله منها ليعودوا ليعملوا صالحاً ولكنهيهات
(( ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون ))
فيجيبهم المولى سبحانه
(( قالاخسئوا فيها ولا تكلمون ))
. عد إلى الحق واستجب له ما دمت في زمن الإمهال قبل أنتكون من الذين يتمنون الموت من فرط العذاب فلا يستجاب لهم أتدري لماذا ؟ لأنهمأتاهم الحق فما استجابوا له قال الله تعالى
(( وقالوا يا مالك ليقضي علينا ربك قالإنكم ماكثون ، لقد جئناكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون )).