كنز..... إذا ظفرت به ربحت
الأخوة كنز عظيم
نعمة كبيرة قد منّ الله عز وجل بها علينا ..
الأخوة التي تكون لله وبالله ومن أجل الله عز وجل..
متى حصل عليها الإنسان وأحس بها دافع عنها بكل ما أوتي من عزم
فمن الصعوبة بمحال أن تخس أخاً في الله
قد جاد عليك بمحبته الصادقة وإخلاص بالخوف عليك
والنصح لك وأحسست معه معنى الأخوة التي لا تعرف المصالح الدنيوية ...
وللأخوة في الله مكاناً عظيم عند الله عز وجل فبها تنال محبته ورضاه
يقول سبحانه في الحديث القدسي "
وجبت محبتي للمتحابين فيًّ، والمتجالسين فيَّ، والمتزاورين فيَّ، والمتباذلين فيَّ". رواه مسلم
وللمتحابين في الله مكاناً يغبطه عليها كل من خلق الله سبحانه
فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: إن من عباد الله لأناسا ما هم أنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء و الشهداء بمكانتهم من الله .فقالوا:يا
رسول الله تخبرنا من هم ؟ قال: قوم تحابوا بينهم على غير أرحام بينهم ،ولا أموال يتعاطونها
فوالله إن وجوههم لنور،وإنهم لعلى نور، لا يخافون إذا خاف الناس ولا يحزنوا إذا حزنوا،
ثم قرأ :{ أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }
يالله ما أعظم هذه الكلمات قوم يغبطهم أنبياء الله وشهدائه لمكانتهم عنده سبحانه في علاه يتمنون أن يكون لهم مثل
مكانتهم وهم المتحابين في الله عز وجل من غير قربى تربطهم أو مصالح تجمعهم ...
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ينصب لطائفة من الناس كراسي حول العرش يوم القيامة، وجوههم كالقمر ليلة البدر ، يفزع الناس و هم لا يفزعون ويخاف الناس و هم لا يخافون و هم أولياء الله الذين لا خوف عليهم و لا هم يحزنون، فقيل من هم يا رسول الله؟ قال:هم المتحابون في الله تعالى).
وقال أيضاً : " ما تحاب اثنان في الله إلا كان أحبهما إلى الله أشدهما حبا لصاحبه "
والمحبة والأخوة في الله طريق الى أعلى درجات الايمان
يقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم : " ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ " متفق عليه
وقال عليه الصلاة والسلام أيضا :" لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا " رواه مسلم
وقال أيضاً : " مَنْ أَعْطَى لِلَّهِ وَمَنَعَ لِلَّهِ وَأَحَبَّ لِلَّهِ وَأَبْغَضَ لِلَّهِ وَأَنْكَحَ لِلَّهِ فَقَدْ اسْتَكْمَلَ إِيمَانَهُ " أخرجه الترمذي
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
أن رجلا زار أخا له في قرية أخرى فأرصد الله تعالى على مرصدته ملكا فلما أتى عليه قال: أين تريد ؟
قال:أريد أخا لي في هذه القرية، فقال: هل لك عليه من نعمة تربّها عليه؟
فقال: لا غير أني أحببته في الله تعالى،
فقال الملك:فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه." رواه مسلم
فالأخوة في الله كما قيل عنها هي روح الحياة
يقول التابعي مالك بن دينار :
" لم يبق من روح الدنيا الا ثلاثة:
لــقـــاء الإخــــــــــوان
و التهــــجـــــــــــــد بالقـــــــــــرآن
و بيــــت خـــــال يـــذكـــــــــر اللــــــــــــــــــه فيـــــــــه
"
فلولا هذه الأخوة الصادقة في الله عز وجل لنكد العيش وما كانت لتواصل المسلمين معنى ...
وكل أخوة تقوم من أجل الله عز وجل تكون لبنة في مجتمع المسلمين لبنة فوق لبنة
ليكون مجتمعا متماسكا وجسدا واحدا
كما قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا
اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى " رواه مسلم ...
وللأخوة في الله حقوق منها :
أن تقول له أنك تحبه في الله
عن أنس رضي الله عنه قال : كنت جالسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ مر رجل
فقال رجل من القوم : يا رسول الله إني لأحب هذا الرجل
قال : هل أعلمته ذلك ؟ قال : لا فقال قم فأعلمه قال فقام إليه
فقال : يا هذا والله إني لأحبك في الله قال : أحبك الذي أحببتني له
ومن حقوق الأخوة في الله سلامة الصدر.. النصح و التواصي .. معرفة الفضل
قال تعالى: { وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ }
المصارحة والمكاشفة .. التسامح و التراحم .. لين الجانب
{ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ}
وإخلاص النصيحة
ومن آداب النصيحة
التثبُّت- التماس العذر وافتراض الناصح الخطأ في فهمه هو- قبول المنصوح للنصيحة- سريَّة النصيحة
والنصح في العلن انتقاص وفضيحة
وهذا هو قول الشافعي رحمه الله: من وعظ أخاه سرا فقد نصحه وزانه، ومن وعظه
علانية فقد فضحه وشانه
يقول بعض السلف "أد النصيحة على أكمل وجه واقبلها على أي وجه"
ومن حقوق الأخوة التغاضي عن الخطاء والتجاوز عنه
يقول التابعي الفضيل بن عياض رحمه الله
" من طلب أخاً بلا عيب صار بلا أخ "
وفي أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم تفصيل لحقوق هذه الأخوة العظيمة
حيث قال معلمنا وقدوتنا عليه الصلاة السلام : "لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ "
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لايجتمعان في قلب مؤمن، الإيمان والحسد»
وقال صلى الله عليه وسلم: «إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولاتحسسوا، ولاتجسسوا، ولاتنافسوا، ولا تحاسدوا
ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخواناً».
و قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في
حاجته، ومن فرج عن مسلمٍ كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة"
رواه البخاري ومسلم
وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : " أن تسلم عليه إذا لقينه، وتجيبه إذا دعاك،
وتشمته إذا عطس، وتعوده إذا مرض، وتشهد جنازته إذا مات، وتبر قسمه إذا أقسم عليك، وتنصح إذا استنصحك، وتحفظه
بظهر الغيب إن غاب عنك، وتحب له ما تحب لنفسك، وتكره له ما تكره لنفسك".
و عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أربع من حق المسلمين عليك: أن تعين محسنهم،
وأن تستغفر لمذنبهم، وأن تدعو لغائبهم، وأن تجب تائبهم" .
أخى الكريم فإن ظفرت بهذه الأخوة الصادقة يداك فشدهما عليها شد الضنين،
و أمسك بهما إمساك البخيل، و صونها بطرفك ولا تغفل عنها ، فمعها يكمل الأنس،
و تنجلي الأحزان، و يقصر الزمان، و تطيب النفس، و لن يفقد الإنسان من صاحب
وأحب من أجل الله عز وجل عوناً وسنداً رائعين و رأياً حسناً يعينك على أمور دينك
ويحميك من نفسك ويجمعك الله به بإذنه في الآخرة