هم العدو فاحذرهم: اللاغون في القرآن وخطرهم على الأمة
احتار الكفار والمرجفون كيف يقضون على الإسلام، فقال كفار قريش عن النبي صلى اللهعليه وسلم إنه ساحر، وقالوا شاعر، وقالوا مجنون، وقالوا يُعلمه بشر، ورغم كل ذلكعندما سمع أحدهم القرآن قال: هذا ليس بكلام البشر، ولا هو بالشعر، ولا هو بالكهانة،والله إن له لحلاوة وعليه لطلاوة، وان أسفله لمغدق وأعلاه لمثمر وهو يعلو ولا يعلىعليه.
فاتجهوا إلى القرآن يشككون فيه، ويلغون فيه كما قال تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) (فصلت/26).
و(وَالْغَوْا فِيهِ) :أي تكلموا بالكلام الذي لا فائدة فيه، بل فيه المضرة، ولا تمكنوا مع قدرتكم أحدايملك عليكم الكلام به وتلاوة ألفاظه ومعانيه، هذا لسان حالهم، ولسان مقالهم فيالإعراض عن هذا القرآن (لَعَلَّكُمْ) إن فعلتم ذلك (تَغْلِبُونَ): وهذه شهادة من الأعداء،والحق ما شهدت به الأعداء، فإنهم لم يحكموا بغلبتهم لمن جاء بالحق إلا في حالالإعراض عنه والتواصي بذلك، ومفهوم كلامهم أنهم إن لم يلغوا فيه، بل استمعوا إليهوألقوا أذهانهم، أنهم لا يغلبون، فإن الحق غالب غير مغلوب، يعرف هذا أصحاب الحقوأعداؤه (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، عبد الرحمن بن السعدي).
وقدبدأ اللغو في القرآن منذ زمن طويل، ادعوا أنه مُعَلم من البشر فتحداهم الله أنيأتوا بسورة من مثله وعجزوا عن ذلك، فاتجهوا إلى التشكيك في أصوله اللغوية كما فعلصاحب كتاب الشعر الجاهلي، ثم شككوا في تفاسير القرآن حتى يحجبوا المسلمين عن فهمالعلماء وآيات الله لتتاح لهم الفرصة لتفسير القرآن بأهوائهم. ويحاولون التشكيك فيالسنة النبوية المطهرة المذكرة التوضيحية النبوية للقرآن الكريم وللدين، والتطبيقالعملي لآيات العبادات (صلوا كما رأيتموني أصلي) و(خذوا عني مناسككم).
وحاولواأيضا صرف المسلمين عن حفظ كتاب الله وعن الاهتمام به في رمضان، فألغوا الكتاتيبونهبوا أوقافها وصرفوا الدارسين عنها وحطوا من شأن خريجيها وقاموا بأكبر عمليةتغييب للمسلمين عن القرآن في رمضان بسيل الفوازير والمسلسلات وحكايات الحواري،و أنشأوا المقاهي الرمضانية والخيام الرمضانية لإلهاء المسلمين عن قرآنهم وعن الصلاةوسماع القرآن وخشوع القلوب له في رمضان.
والآن يقومون بعملية لغو جديدة وسمواأنفسهم القرآنيين إخفاء لهويتهم الفاسدة واحتلوا بعض الفضائيات والمواقعالالكترونية، كل ذلك تنفيذا لمخطط اللغو العملي في القرآن الكريم، وقد شخص المصطفى،صلى الله عليه وسلم، هؤلاء ووصفهم لنا بقوله (دعاة على أبواب جهنم من أجابهم قذفوهفيها) وقال عنهم: (من بني جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا).
فعلينا الحذر منهم، والحذرمن كلامهم المنمق والمدروس والمعسول والمسموم فمن أراد صرفك عن القرآن فهو مناللاغين فيه، ومن يحاول تفسير القرآن بعقله الفاسد وبهواه فهو من اللاغين فيه، ومنشكك في السنة النبوية الصحيحة (وخاصة البخاري ومسلم) فهو من أكبر اللاغين فيالقرآن، حتى لو ادعى انه لا يعمل إلا بالقرآن، ولا يهتم إلا بالقرآن وأنه يعمل عقلهلفهم القرآن.
اسألوهم: إذا ألغينا السنة فكيف نصلي الصبح والظهر والعصر والمغربوالعشاء، هل في القرآن الكريم مواقيت الصلاة، وكيفيتها وعدد ركعاتها؟ أمأن السنة النبوية المطهرة والصحيحة هي التي شرحت ذلك وأوضحته وطبقته عمليا في واقعالمسلمين سنوات طويلة؟
وإذا كنتم صادقين في دعوتكم أن ما جاء في القرآن نأخذبه، وما لم يجئ فيه لا نأخذ به، وأن السنة غير ملزمة، فقد ورد في القرآن الكريمنفسه ما يوجب محبة السنة النبوية المطهرة وما يدل على أن الرسول، صلى الله عليهوسلم، بسنته مبين للقرآن وشارح له شرحا مقبولا عنده تعالى مطابقا لما حكم به علىالعباد، وانه يعلم أمته الكتاب والحكمة، والحكمة كما قال الشافعي (رحمه الله وغيره)هي السنة وعلى تسليم أنها الكتاب، فتعليم الأمة للكتاب معناه شرحه وبيان مجمله،وتوضيح مُشكله، وذلك يستلزم حجية بيانه للكتاب بقوله أو فعله أو تقريره، قال تعالى: (بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (النحل/44) وقالتعالى: (وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (النحل /64)، وقال تعالى: (وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً) (النساء/113) (انظر حجية السنة، عبدالغنيعبدالخالق، المعهد العالمي للفكر الإسلامي (ط1) (ص295) 1995م).
وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ) (محمد/33).
وقال تعالى: (إِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) (النساء/59).
وروى القاضي عياض عنعطاء، وابن عبدالبر والبيهقي في المدخل - عن ميمون بن مهران: (أن الرد إلى الله هو: الرجوع إلى كتابه، والرد إلى الرسول هو الرجوع إليه في حياته، وإلى سنته بعدوفاته).
وقال الطيبي: أعاد الفعل في قوله: (وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) إشارة إلى استقلالالرسول بالطاعة.
وقال ابن القيم في إعلام الموقعين: (فأمر تعالى بطاعته وطاعةرسوله، وأعاد الفعل إعلاما بأن طاعة الرسول تجب استقلالا من غير عرض ما أمر به علىالكتاب، بل إذا أمر وجبت طاعته مطلقا سواء كان ما أمر به في الكتاب أو لم يكن فيه،فإنه أوتي الكتاب ومثله معه) (المرجع السابق ص 300).
وقال تعالى: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا) (الحشر/7)، وقال تعالى: (مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) (النساء/80)، قال الشافعي أعْلَمهمأن طاعتهم (إياه) (طاعته) (أي طاعة لله).
وقد ثبت استقلال السنة بالتشريع فيمواضع كثيرة، وقال، صلى الله عليه وسلم، في الحديث الصحيح (ألا إني أوتيت الكتابومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان في أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن، فما وجدتم فيهفهو حلال، فأحلوه، وما وجدتم فيه حرام فهو حرام فحرموه، وإن ما حرم رسول الله كماحرم الله).
وهكذا يكشف لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم هؤلاء المتخمين منأموال أعداء الله الجالسين على مكاتبهم وفي الفضائيات الملمعة لهم ويقول الواحدمنهم: عليكم بالقرآن وحده فهو تبيان لكل شيء وان السنة مكذوبة والبخاري مكذوب ومسلممكذوب، والفقه متروك، والتفسير لا يفيد، ولكن للأسف ينبري الواحد منهم بجهله يفسرالآيات بهواه، وهذا إرجاف في دين الله، ولغو في القرآن، وهدم للدين، يعلمه العلماء،ويمقته المسلمون، ويرحب به العَلمانيون (بفتح العين) والشيوعيون لأنه من وجهة نظرهميستر إلحادهم ولكن هيهات هيهات فقد بات الشباب المسلم في ديارنا يعلم ألاعيب أعداءالله ونياتهم الخبيثة، والله غالب على أمره ولو كره الكافرون.
فاحذروهم إخوةالإسلام وامقتوهم وأعلنوا ذلك لهم.
واعلموا أن هؤلاء بهذه الدعوة الخبيثة يهدمونالدين ويشككون المسلمين في دينهم وهذا كل ما يخططون له في المرحلة الحالية والعياذبالله.
ولا تسمونهم بالقرآنيين بل سموهم باللآغيين وهذا ما نود نشره على العالميين .
أ.د. نظمي خليل أبوالعطا موسى