نقد رسالة في جواب شريف بن الطاهر عن عصمة المعصوم
صاحب الرد وهو الرسالة أحمد بن زين الدين الاحسائي المعروف بالشيخ ألأوحد مؤسس المذهب الأوحدى الشيعى وقد سأله أحد اتباعه عن ما حاجة المكلفين الي عصمة المعصوم فكانت الاجابة هى الرسالة التى استهلها بسؤال شريف فقال :
"إنه قد أنهي اليّ السيد العفيف والسند المنيف السيد شريف بن الطاهر الفاخر المرحوم السيد جابر احسن اللّه اليه وازلف درجته لديه مسئلة نقلت اليه قد تعصّبت علي الافكار وتمنعت علي اولي الابصار طلب من محبه الجواب عنها لأنها من مهمات الدين وركن من اركان اليقين فكتبت ما سنح علي البال المتشوش بالحل والارتحال وذكرت ما يتفرع عليها من السؤال بشهادة الحال تتميماً للمقال وحسماً للداء العضال ليأتي الجواب مبيناً لاولي الالباب وهي :
ما حاجة المكلفين الي عصمة المعصوم ويتفرع عليه انه ان كانت الحاجة الي ذلك للاأمن من الخطأ في التبليغ الي المكلفين ليعبدوا ربّهم باليقين لأنه لا يعبد بالشك والتخمين لأنه اذا امكن عبادته بالصِرف ولا يقبلها علي حرف لزم عدم جواز خلو الزمان في كل آنٍ من معصوم ظاهر يتلقون عنه النواهي والاوامر لأن ذلك لطف في التكليف ورأفة عند التعريف ولزم عدم جواز الأخذ عن غير المعصوم للعلة المذكورة وهذا خلاف الواقع في هذا الزمان ووقوع ذلك مع اعتقاد انه تعالي لا يخل بواجب في الحكمة دليل علي عدم احتياجهم الي متّصفٍ بالعصمة وثبوت ذلك دليل علي جواز الخطاء والغفلة علي الوسائط بين اللّه وبين خلقه المستلزم لهدم بنيان مثبتيها وتزعزع اركان مدّعيها ."
وكان الجواب من الإحسائى أن العصمة واجبة فى التبليغ فقال :
"الجواب اعلم ان جواب هذه المسئلة المشكلة مع جميع ما يتفرع عليها يتوقف علي تقديم اشارة الي كلمات ينكشف بها لأولي الالباب صريح الجواب ، فأقول ومن اللّه اِلهام الصواب واليه المرجع والمأب اعلم ان اللّه سبحانه لما كان كنهه تفريقاً بينه وبين خلقه وغيوره تحديداً لما سواه كان لا يعلم احدٌ كيف هو في سرّ ولا علانية الّا بما دلّ علي ذاته بذاته ولا يعرفه احد الّا بما تعرّف به إليه فهو الدليل والمدلول عليه وكل ما وصلت اليه الافهام وحامت حوله الاَوْهام فهو مثلها مردود عليها وحيث احبّ من عباده ان يعرفوه وطلب منهم أن يعبدوه تأصيلاً للرحمة واسباغاً للنعمة وكانوا لا يعرفون ما يليق بعز جلاله وانما يعرفون ما يليق بهم وجب في الحكمة أن يبعث اليهم روحاً خميصةً من أمره وأن يلبسه قالباً من بشريّتهم ليجانسهم ويؤانسهم بظاهره كاملاً قويا في باطنه يقدر علي التلقي والتعريف الالهي تاماً قوياً في ظاهره يقدر علي ترجمة التعريف بلسانهم قال تعالي ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلاً وقال تعالي وما أرسلنا من رسول الّا بلسان قومه ليبين لهم والمراد بوجوب ذلك في الحكمة وجوبه في عالم الامكان والحدوث ومعناه انه لا يجري الامكان الّا علي مقتضي الحكمة ولا يخرج الموجود الحادث في كل رتبة من تطوراته الّا مبيّناً مشروحاً علي اكمل وجه في البيان في كل رتبة بحسبها فما بطن خفي ظاهراً بيانه وما ظهر استعلن برهانه وحيث كان ذلك التعريف الذي هو مبدأ التكليف سبباً وسبيلاً بين مختلفين في كل جهة من كل جهة لما لوّحنا لك ان الوجوب بخلاف الحدوث ولا نريد انه بعكسه فيعرف بضده اذ لا ضدّ له فان الحرارة تعرف بالبرودة والرطوبة باليبوسة علي انه لوكان كذلك لم يكن عنه شيء منه بل نريد انها ليست كمثله اذ لا ند له فيكون في عزه وغناه مشاركاً وفي ذاته وصفاته وافعاله مماثلاً سبحن ربك رب العزة عما يصفون وكان الترجمان الواسطة بين المختلفين موافقاً بجهته العليا للتكليف ومبدئه وتلقيه وبجهته السفلي للتبليغ والتعريف وكان ذلك التكليف عِلل مَا هم عليه ومذكورون به في المشيّة فجري هناك بذكرهم علي ما لا يعرفونه من انفسهم هنا لأنه في الحقيقة ثناء علي من لا يعرفونه الّا بما وصف لهم نفسه علي لسان الترجمان وجب في الحكمة ان تعتبر عصمة الترجمان في التبليغ اذ لو جاز عليه الخطأ لجاز ان يكون فيما بلّغ غير ما أمر به وهو غير ما يراد منهم فلا يجب قبول شيء من قوله لأنه اذا جاز في مسئلة جاز في أخري فامّا أن يلزم من ذلك قول البراهمة او يَرتفع التكليف اذ لا فرق حينئذ بينهم وبينه وقد ثبت بطلان مذهب البراهمة وثبت بقاء التكليف وبه دار الفلك فثبتت الحاجة الي عصمة الترجمان عن اللّه تعالي ثم لمّا كان مقتضي القدر والقضاء الالهيين الجاريين علي مقتضي الحكمة في ايجاد الموجودات عدم بقاء هذا الترجمان الي انقضاء وقت التكليف لسبب يطول ببيانه الكلام وكانت الاوامر والنواهي المتعلِّقَانِ بأفعال المكلفين غير محصورة لكثرتها لتجدد الحوادث والوقائع ما دام التكليف باقياً وجب في الحكمة أن يكون لها حافظٌ عن التغيير والتبديل والتلف بسهو او نسيانٍ او جهلٍ او موتٍ او غير ذلك ومن كان كذلك وجب ان يعتبر فيه ما يعتبر في الترجمان من الحفظ والفهم وقوّة الباطن في التحمل والتلقي عنه لأنه يأخُذُ عنه بالجهة التي اخذ بها الترجمان عن اللّه تعالي وقوّة الظاهر في الاداء والعصمة للأمن من الخطأ والاخلال بالواجب كما ذكر في الترجمان وذلك لأن الترجمان لمّا وجب عليه ان يلقيها الي الحافظ لئلا يضيّع من في الاصلاب والارحام ويرتفع التكليف وكانَتْ لا تنحصر بالعدّ ولا يضبطها حدّ وجب عليه ان يلقيها اصولاً وقواعد كما اُلقِيت اليه كذلك في جوامع الكلم الي الحافظ وقد فعل "
قطعا لا وجود للعصمة فى التبليغ سواء لرسول (ص) أو لإمام مزعوم لأن الله جعل التبليغ اختيارى بقوله :
" فإن لم تفعل فما بلغت رسالته "
وقد بين الله احتمال قيام الرسول(ص) أو الإمام بالكذب فى التبليغ ومن ثم توعده بالعقاب والأخذ باليمين وهو شل اللسان وقطع الوتين وهو منع نزول الوحى عليه باعتباره كاذب باختياره فقال :
"ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحد عنه حاجزين"
إذا لا وجود للعصمة فالتقول وهو الكذب واقع من الذى يظنه الإحسائى ومن معه معصوم
واستدل الاحسائى بروايات شيعية على صحة ما ذهب إليه فقال :
"ولهذا قال الحافظ لمّا سئل عمّا اوعز اليه حين ناجاه طويلاً قال علمني الف باب من العلم ينفتح لي من كل بابٍ الفُ بابٍ وكذلك ما اشتمل عليه الجفر والجامعة والغابر والمزبور ومصحف فاطمة ونور ليلة القدر والعمود النور والاسم الاكبر والرجم وغير ذلك مما كتب عنه باملائه وكلّها اصول وضوابط تنطبق علي افراد من المسائل لا تكاد تتناهَي واخراجها من اكمام غيوب الضوابط والكليات علي طبق الواقع لا يمكن الّا بتلك القوة الالهيّة مع العصمة وتسديد الملك المحدث والّا جاز عليه التغيير والتبديل فلا يكون حافظاً ولا يجب الاخذ عنه كما مر في الترجمان حرفاً بحرف لأن تفصيل تلك الجمل علي طبق مراد اللّه الذي هو حكم اللّه في نفس الامر ليس في وسع البشر ليستغني عن الكشف الربّاني الملابس للعصمة وهكذا حكم كل مستحفظ بعد مستحفظ وهذه سنة اللّه التي قد خلت في عباده ولن تجد لسنة اللّه تبديلاً ولن تجد لسنة اللّه تحويلاً وفيما رواه ابو ليث الواقدي عن النبي في غزوة اوطاس قال (ص ) لتركبن سنن من كان قبلكم حذو النعل بالنعل حتي لو سلكوا جحر ضبٍّ لسلكتموه الحديث ، وكانت الأنبياء مع اوصيائهم علي هذا السنن منذ اهبط اللّه آدم الي زمن نبينا (ص ) فكان كذلك حتي امره اللّه ان يخبر عن نفسه بجريه علي ذلك السنن فقال قل ماكنتُ بدعاً من الرسل فكانت الحجة للّه علي عباده قائمة من العقول والرسل قبل الخلق ومع الخلق وبعد الخلق "
الخطأ فى السابق هو وجود وصى مع كل نبى ولم يذكر الله أى أوصياء فى كتابه وإنما ذكر أن مع كا واحد منهم كتاب محفوظ يثبته وبمحو التحريف عنه كما قال:
"وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبى إلا إذا تمنى ألقى الشيطان فى أمنيته فينسخ الله ما يلقى الشيطان ثم يحكم الله آياته "
والخطأ المترتب على السابق هو وجود غوث أى وصى معصوم يحفظ الدين فى قول الرسالة:
"اذ في كل وقتٍ لا يخلو العالم من غوثٍ هو محل نظر اللّه من العالم وهو المستحفظ المشار اليه وامّا في هذا الزمان فانا انما لم نشترط العصمة في كل واحد من العلماء الذين هم وسائط بين الرعية والداعين كما اشار اليه تعالي بقوله وجعلنا بينهم وبين القري التي باركنا فيها قري ظاهرة والقري الظاهرة هم العلماء علي احد التأويلين لأنهم لا يرادُ منهم التلقي عن اللّهِ وتفصيل الجمل علي طبق مراد اللّه في نفس الامر كما في الترجمان والحافظ وانما يراد منهم نقل ما فصّل لهم وحمل ما وصل اليهم وان كانوا يستنبطون الاحكام من كلام الترجمان والحافظ المنقول اليهم بالنقل المعتبر لأن افهامهم تدور مدار مرادهما وتحوم حول كلامهما لتحصيل ما قصداه فافهامهم محبوسة علي ما هو مرادهما بحسب ما يفهمون لم يطلبوا غير ما ارادا بكل ما يقدرون عليه قد قصروا نظرهم في اتّباعهما فاغني وجود العصمة في المتبوع والاصل عن وجودها في التابع والفرع فان ذلك اذا كان محفوظاً مفصّلاً عند المتبوع لا يضرّ تجويز خطأ التّابع لأنه اذا اخطأ واحد منهم لم يخط غيره فلم يخرج الحق عن مستقره نعم نشترط حصول اثرها اعني اصابة الواقع في المجموع وهو قطعي الحصول لأنهم قد حصروا بعقولهم جميع ما يحتمله كلامهما علي ما ضبطاه لهم من الاصول فلم يخرج مرادهما عن اقوالهم وقد نص الترجمان (ص ) علي هذا بقوله لاتزال طائفة من امّتي علي الحق حتّي تقوم السَّاعةُ كما نشترط حصولَها في المستحفظ لاتّحادِهِ والاصل في ذلك اعني الاكتفاءَ بالتَّكْليف المنقول المفصّل من دون اعتبار العصْمَةِ في هذا الحامل انّه وان كانَ مُفَصِّلاً ومُفَرِّعاً الّا انّه طالب لمراد المُسْتَحْفَظِ من الجهة الجامعة بينهما وهي الجهة البشريّة الَّتي قُلْنا انها جهة المجانسة والموانسة لأنهم يعرفون احكامها بخلاف الجهة العُلْيا من المستَحْفَظِ التي لا يعرفون احكامها فان شرط قبول التكليف بما لا يعرفون وجود العصمة ليلتزموا باأحْكامها فلما قرّرنا اشترطنا وجود العصمة في التلقي من جهة الوحي لئلا يجوز عليه تلقّي ما لا يفهم وما لا يراد منه وفي الاداء والتبليغ لئلا يجوز عليه تبليغ ما لا يراد منه من تفصيل تلك الجُمَل اذ لا يعرف تفصيلها غيره فيريدُ غير المراد ولوكنا نعرف تفصيلها لم نشترط فيه لها العصمة لأنا نقوّمه اذا اعوجّ ونسدّده اذا زاغ ولم نشترط ذلك في تلقّي ما فصّله الحافظ لما قلنا من انا نعرف احكام جهتنا وهوانما فصّلها لنا علي ما نفهم ولأنه مسدّد لنا كما قال الصادق ان الارض لاتخلو من حجة كيما ان زاد المؤمنون ردّهم وان نقّصوا اتمّه لهم ه*، هذا مع حفظ اصله علي ان الدليل القاطع قد قام علي وجود المستحفظ في هذا الزمان لما قلنا ان العالم لا يجوز ان يخلو عن قُطبٍ وغَوْثٍ هو محلّ نظر اللّه من العالم وللأخبار المتواترة مَعْنيً بِذلكَ واِنْ كان مُسْتَتِراً بِعَيْنِه عنهم فان نور وجوده في قلوبهم"
والرجل فى رسالته يناقض نفسه فهو يفسر الأوصياء مرة بالعلماء ومرة بالأئمة المزعومين لأن الأئمة اختفوا أو مختفين وهو ما حاول أن يرتق الثقب فى ثوب الكلام بالتحدث عن أن ضوء شمس الإمام الغائب موجودة رغم غيابها فقال :
" ولقد ورد في الاثر المعتبَر انهم ينتفعون في غيبته بوجودِه كما يَنتفع الناسُ بضوء الشمس اذا غيّبها السحاب يعني انّه في غيبته كالشمس اذا غيّبها السحاب فان النهار موجود لوجود ضيائها ولولم تكن موجودة لم يوجد ضياء النهار عادة فعلي هذا لم يستغن عن العصمة امّا بعينها وضيائها كما في الترجمان والمستحفظ وامّا بضيائها كما في العلماء الاخذين عنه ولو فقدت اصلاً فقد الادراك المجزي لعدم النور اصلاً ومن لم يجعل اللّه له نوراً فما له من نور ."
قطعا لا يمكن أن يغيب شىء ويكون ضوئه المزعوم موجود
المذاهب الشيعية اخترعت العصمة للتغطية على مصيبة أخذ العلماء المزعومين النصيب المزعوم للإمام الغائب بحجة أنه وكلاء عنه والعصمة فى القرآن لمحمد(ص) كانت عصمة من أذى الناس ولم تكن عصمة تبليغ كما قال تعالى :
" والله يعصمك من الناس"
ثم ما حاجة الناس إلى عصمة الإمام والرسالة وهى القرآن محفوظة كما قال تعالى :
" بل هو قرآن مجيد فى لوح محفوظ"
وقال :
" إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"