السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فإذا انقضت ليالي وأيام رمضان فمن الناس من هو رابح، ومنهم من هو خاسر وليلة العيد تسمى في السماء ليلة الجائزة، فإذا كان يوم العيد نادت الملائكة بصوت يسمعه كل شيء إلا الثقلين: «يا أيها الناس اخرجوا إلى رب كريم يُعطي الجزيل ويغفر الذنب العظيم» فإذا برزوا إلى مصلاهم سأل الله الملائكة سؤال تشريف وتكريم للعامل: «ما جزاء الأجير إذا انتهى من عمله؟» قالوا: توفيه أجره، فقال: «أشهدكم يا ملائكتي أني جعلت جزائي من صيامهم وقيامهم مغفرتي ورضواني».
وعليه فأحوال الناس بعد نهاية شهر رمضان ثلاثة أحوال:
1- فمنهم من صام وقام وأرى الله منه خيرًا، فكانت جائزته أن غفر الله له ما تقدم من ذنبه، فخرج يوم العيد كيوم ولدته أمه، وخرج بصفحة بيضاء وقلب أبيض، ولبس الجديد من الثياب، وألبس الله وجهه نورًا، ولا شك أن أفضل أيام الحياة يوم يغفر الله لك «يا كعب! أبشر بخير يوم منذ ولدتك أمك تاب الله عليك».
2- ومنهم من خرج يوم العيد وقد أعتقه الله من النار: فتاب توبة نصوحًا، وكان قبل دخول شهر رمضان قد استوجب النار، لكن نال العتق في هذا الشهر المبارك، نسأل الله أن يجعلنا من عتقائه من النار.
3- ومنهم من خرج من شهر رمضان مفلسًا: ففي الحديث الصحيح: «رغم أنف امرئ أدرك رمضان فلم يغفر له» وقد يكون عنده أعمال جليلة من صيام وقيام، ولكنه مصر على المعاصي من ترك الصلاة أو ملازمة الحرام، فكان ممن قال فيهم النبي صلّى الله عليه وسلم : «رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، ورب قائم ليس له من قيامه إلا التعب والسهر»؛ فتراه ينظر إلى الحرام، ويسمع الحرام، ويمشي في الحرام.
يقول العلماء: «إذا سخط الله على عبد استعمله في أحسن الأوقات بأخس الأعمال زيادة في عقوبته والعكس» وكم رأينا في الحرم من نساء كاسيات عاريات متعطرات فاتنات مفتونات، خرجن إلى حرم الله في أحسن زينة وهن متبرجات ولا أدري هل هن سمعن بحديث: «يخرجن تفلات» أم لا؟ يا معشر النساء يعني غير متزينات، ألم تسمع المرأة بحديث «أقرب ما تكون المرأة من رحمة ربها وهي في بيتها» رواه الترمذي وحديث أم حميد الصحيح لما ذكر أن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها خلف النبي صلّى الله عليه وسلم (رواه الإمام أحمد والبخاري).
فلا يظن ظان أنه إذا كان زاهدًا عابدًا تاركًا لأهله يسرحون ويمرحون كيفما يشاؤون، ويسهرون على المحرمات، أنه ناج من عذاب الله! أسأل الله العظيم أن يبلغنا شهر رمضان بعفوه ومعافاته، وأن يكتب لنا فيه أوفر الحظ والنصيب من الخير، اللهم اجعلنا من الصوامين القوامين المرحومين المقبولين المخلصين، اللهم ما قسمت في هذا الشهر من الرحمة والبركة والعفو لعبادك فاكتب لنا فيه أوفر الحظ والنصيب من الخير، واجعلنا ممن صام رمضان واستكمل الأجر وحاز على عظيم الأجر، وأدرك ليلة القدر، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت (ثلاثًا)، نسألك ألا تحول بيننا وبين رحمتك بما كان من ذنوبنا وإساءتنا وتقصيرنا، اللهم ارحم ضعفنا واجبر كسرنا واستر عوراتنا وآمن روعاتنا وأعظم لنا الأجر والمثوبة فإنك أنت الكريم الذي لا ينتهي كرمه، ولا ينقطع فضله وإحسانه، يا رب إنا نحسن الظن في فضلك ومنك وكرمك، اللهم افتح علينا من واسع فضلك ورحمتك ومنِّك فإنه لا يملكها إلا أنت اللهم إنا نسألك بكل اسم هو لك أن ترزقنا في هذا الشهر الكريم سداد القول وصلاح العمل والقلب.