نعم، إن الأمر يستحق البكاء وفق كل قوانين الإنسانية حتى الحيوان يبكي إذا رأى صغيره يموت أمام عينيه ولا يحرك ساكنا ليقف حائرا أمام ما يراه ولا يستطيع أن يعبر عما يجول في خاطره... لماذا يضنون على الرجل أن يبكى وقد بكت السماء والأرض ألم يقل الله عز و جل في كتابه الكريم حين أهلك قوم فرعون **فما بكت عليهم السماء و الأرض و ما كانوا منظرين** وعندما سئل ابن عباس هل تبكى السماء والأرض على أحد؟ قال رضي الله عنه نعم، انه ليس أحد من الخلائق إلا وله باب في السماء منه ينزل رزقه و منه يصعد عمله فإذا مات المؤمن أغلق بابه من السماء الذي كان يصعد به عمله وينزل منه رزقه فقد بكى عليه، وإذا فقد مصلاه في الأرض التي كان يصلى فيها و يذكر الله عز وجل فيها بكت عليه... وما للأرض لا تبكى على عبد كان يعمرها بالركوع و السجود و ما للسماء لا تبكى على عبد كان لتكبيره وتسبيحه فيها كدوى النحل و حين تعمر مكانك وغرفتك بصلاة وذكر و تلاوة كتاب الله عز و جل.
ألا يبكى الرجل العجوز الذي حناه الدهر من شدة ما لاقى فيه من ويلات ومكائد... يبكي ولده!!... نعم، إن الأمر يستحق البكاء فسهر الليالي على تربيته وما أكثر الليالي الحالكة التي تعصف بالأبناء وخاصة في طفولتهم.
ألم يبكى سيدنا يعقوب وأبيضت عيناه من الحزن على ابنه يوسف عليهما السلام بعد أن غدر به أخوته وألقوه في البئر، وحينما يعجز الرجال عن فعل شيء قد يدفعهم ذلك إلى البكاء... وقلة المال بين يدى الرجل قد تدفعه للبكاء خلوة مع نفسه حينما يرى أبناءه محرومين ولا يستطيع فعل شيء ولا حول له ولا قوة.
إذا ليس غريبا أن يبكي الرجال ورسولنا محمد عليه السلام أفضل الخلق قد بكى في مواقف كثيرة، بكى عليه السلام عندما بلغه نبأ مصرع قادة مؤتة الثلاثة، وحزن عليهم حزنا لم يحزن مثله قط، ومضى إلى أهليهم يعزيهم ولما بلغ بيت زيد بن حارثة لاذت به ابنته الصغيرة وهي مجهشة بالبكاء فبكى عليه السلام حتى انتحب، فقال له سعد بن عبادة: ما هذا يا رسول الله؟ فقال عليه الصلاة والسلام هذا بكاء الحبيب على حبيبه.
يقول صحبي ودمع العين منهمـــــر سيــلا على الخد هطـالا ومندفعــــــا
لم البكاء ولم تسمع بنـــــــــــــازلة؟ هذا البكاء لصب موجـــع فجعــــــــا
فقلت كفوا، فان القلب ويحكــــــــــم لو كان من صخرة صماء لانصدعـا
وكل إلف بكى من بعد صاحبــــــــــه عند الفراق ويشكو مابه وجعــــــــا
وبت ابكي ونار الشوق تقلقنــــــــي حتى رأيت عمود الصبح قد سطعــا
احفظ حبيبـك لاتقطع مودتـــــــــــــه لابارك الله فيمن خان أوقطعــــــــــا
إن المنازل تبنى بعد ماهدمـــــــــــت وليس يوصل رأس بعدما قطعـــــــا
البكاء ما هو ؟
البكاء أمر غريزي فطري، فالإنسان لا يملك دفع البكاء عن النفس... يقول الله تعالى **وأنّه هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى** أي قضى أسباب الضحك والبكاء وقال عطاء بن أبي مسلم يعني أفرح وأحزن لأن الفرح يجلب الضحك والحزن يجلب البكاء وهو من أهم الانفعالات الحيوية الذي يجب على الإنسان أن يمارسها من فترة لأخرى... فلو عرفنا البكاء في بداية الأمر يمكننا أن نقول بأنه انفجار يحدث داخل جسم الإنسان نتيجة لبعض الضغوط أو المشاكل التي قد تواجهه وهذا الانفجار إما أن يظهر ويخرج بشكل دموع وإما أن يكبته الشخص في داخله فيتحول إلى حسرات وآهات قد تؤدي في النهاية إلى دمار الصحة و هلاكها... والبكاء أصدق تعبير عن المشاعر الإنسانية المختلطة فدموع العين نافذة تخرج منها كل ما يحتمل في النفس وتعبر عن حزن الإنسان أو سعادته وتخفف أثقال القلب والصدر وهي المتنفس الوحيد والصادق لنا... ويعرف آخرون البكاء بأنه استجابة طبيعية لما يحدث لدى الإنسان من توتر أو لما يحل به من حزن أو ألم.
للبكاء أيضا فوائد !!
البكاء نعمة، فقد ثبت علمياً بأنه يخفف الضغط و المتاعب على القلب لأن كل شيء يقع للإنسان يدفع ثمنه القلب فهو مركز الجسم والمضخة التي توزع الدم على جميع أجزاء الجسم وخاصة المخ، فكمية الدم وتدفقه إلى المخ على سبيل المثال ضرورية... ويرى العلماء أن الدموع الأصلية سواء كانت دموع فرح أم ترح تساعد على إعادة التوازن لكيمياء الجسم كما أنها تساعد على العلاج النفسي والدموع تغسل العين وتذهب مرض المياه الزرقاء.
ولقد أثبت العلماء أن للدموع فوائد عديدة ولولاها لما احتمل كثيرون حياتهم والمواقف المؤلمة، فالإنسان عندما يشعر بالحزن يفرز جسده مواد كيميائية ضارة تساعد الدموع على التخلص منها وتزيد من ضربات القلب فتعتبر تمريناً مفيداً للحجاب الحاجز وعند الانتهاء من البكاء تعود عضلات القلب إلى وضعها الطبيعي وتسترخي ويتسلل للإنسان شعور غريب بالراحة يساعده على أن ينظر للهموم التي أبكته نظرةً أكثر وضوحاً وموضوعية... فالدموع تغسل أحزان الروح وتعيد إلى النفس القدرة على التحمل والصبر
.
وفى دراسة أجريت على البكاء تبين أن 85 % من النساء و73 % من الرجال الذين شملتهم الدراسة شعروا بالارتياح بعد البكاء، وجاء ذلك تأكيداً لما يراه العلماء من أن الدموع تخلص الجسم من المواد الكيميائية الناتجة عن الضغط النفسي.
أيضا من ضمن الفوائد العظيمة و أعلاها وأجلها هو البكاء من خشية الله فهو يورث القلب رقة وليناً، و يعتبر سمة من سمات الصالحين وصفة من صفات الخاشعين الوجلين أهل الجنة وطريق الفوز برضوان الله ومحبته.
متى يبكى الرجل ؟
قيل عن الرجل أنه لا يبكي إلا نادراً وإذا بكى كانت دموعه دم... وقيل أيضا إن دموع الرجل ملتهبة جداً وبكاء الرجل شكل من أشكال التعبير عن المشاعر التي تجسد لحظات من الفرح والحزن... فالدموع تريح النفس وتخفف الضغط الذي يعانيه في مختلف مناحي الحياة ويجب أن ندرك جميعا أن الفرح أو الألم حينما تكون منابعهما أقوى من كل قوة نمتلكها فإننا نبكى وحينها لا فرق يُذكر بين رجل أو امرأة.
بكاء الرجال يختلف من شخص لآخر وحسب المواقف والظروف التي يمر بها... فهناك بكاء صامت يبكيه الرجل داخل قلبه عند كل فاجعة عظيمة ومصيبة كبيرة ولكنه لا يظهره حتى لاتغرق السفينة التي يعتبر ربانها... وهناك بكاء الدموع تلك الدموع التي ظل يناضل لحبسها زمنا طويلا فتتسابق للخروج من مقلته، ولا يبكي الرجل هذا البكاء إلا عندما تضيق به السبل فنقول أنه قد بكى وحـق له البكاء.
ويبكى الرجل عندما يكون في قمة ضعفه وانكساره فتدمع عيناه من هذا الإنكسار.... ويبكى عندما يُظلم ويتعاقب على رأسه الذل وحينها يسقط بلاشعور باكياً، حينها تنكسر طاقة تحمله فتهل دموعه لاعبراته لأنه في قمة الحزن والهن... وربما يبكي لشعوره بالندم ويبكي لحاجته للعطف أو الحنان أو لرغبته في البكاء أو ربما لينفس عن كرب أو ضائقة في داخله.
ولربما يبكي من الفرحة والسرور، ويبكي عندما يكون صاحب ضمير ونفس لوامة وقلب خاشع فيبكي من خشية الله تعالى سواء لشعور بالذنب ورجاء في المغفرة أو ابتغاء مرضاة الله.
البكاء من خشية الله
يقول ابن القيم رحمه الله أن البكاء أنواع فهناك بكاء الرحمة والرقة - وبكاء الخوف والخشية - بكاء المحبة والشوق- بكاء الفرح والسرور- بكاء الجزع- بكاء الحزن- بكاء النفاق- البكاء المستعار- بكاء الموافقة.
ولكن حقا ما أجمل أن يبكى المؤمن من خشية الله طمعا فى رضاه لقد مدح الله تعالى البكائين من خشيته وأشاد بهم في كتابه الكريم **إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا... ويقول في كتابه الحكيم **ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله**... وورد في الحديث أنه من ضمن السبعة الذين يظلهم الله يوم لا ظل إلا ظله رجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه... وقال عليه الصلاة والسلام **عينان لا تمسهما النار، عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله**... والرسول الكريم صلى الله عليه و سلم وهو أعظم مخلوق على وجه الأرض كان يبكي في بعض المواقف وكانت تفيض عيناه بالدمع خوفا وخشية أوعند تلاوة القرآن فاللبكاء من خشية الله فضل عظيم، فقد ذكر الله تعالى بعض أنبيائه وأثنى عليهم ثم عقب بقوله عنهم **إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا**... أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد قال **لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع**، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ليس شيء أحب إلى الله من قطرتين وأثرين قطرة من دموع خشية الله، وقطرة دم تهرق في سبيل الله، وأما الأثران: فأثر في سبيل الله وأثر في فريضة من فرائض الله وكان السلف يعرفون قيمة البكاء من خشية الله تعالى فهذا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقول لأن أدمع من خشية الله أحب إلي من أن أتصدق بألف دينار.
مواقف بكى فيها الرسول دموع أغلى البشر
كان بكاؤه صلى الله عليه وسلم من جنس ضحكه لم يكن بشهيق ورفع صوت كما لم يكن ضحكه بقهقهة، ولكن كانت تدمع عيناه حتى تهملا ويسمع لصدره أزيز وكان بكاؤه تارة رحمة للميت وتارة خوفا على أمته وشفقة عليها وتارة من خشية الله حتى إذا ما قرأ القرآن أو قرئ عليه أخذته العبرة والخشية والبكاء تعظيما لكلام الله وخوفا منه وقد تم ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم في مواقف عده منها هذا الموقف الخاشع:
قال ابن مسعود رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إقرأعلي فقلت يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال نعم إني أحب أن أسمعه من غيري فقرأت سورة النساء حتى أتيت إلى هذه الآية "فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا" فقال حسبك الآن فإذا عيناه تذرفان بالدموع، رواه البخاري ومسلم ... .ولما رأى النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه يحفرون قبرا لدفن أحد المسلمين وقف على القبر وبكى ثم قال: **أي إخواني، لمثل هذا فأعدوا**... وقد روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال زار النبي قبر أمه فبكى وأبكى من حوله فغلبت الرسول الكريم عاطفة الابن لأمه فبكى ذلك البكاء الشديد... وبكى عندما وقع أبو العاصي أسيرا في أيدي المسلمين بعد إحدى الغزوات -وكان على الشرك آنذاك- وكان زوجا لزينب رضي الله عنها ابنة الرسول الكريم وكان الزواج من المشركين لم يحرم بعد فجاءت زينب لتفدي أبو العاصي ولم يكن معها مالا فأتت بقلادة ورثتها من أمها خديجة رضوان الله عليها فعندما رأى الرسول هذه القلادة تذكر خديجة الزوجة الصالحة المخلصة الوفية فبكى في هذا الموقف.
وقام ليلة يصلي فلم يزل يبكي حتى بل حِجرهُ قالت عائشة: وكان جالساً فلم يزل يبكي صلى الله عليه وسلم حتى بل لحيته قالت: ثم بكى حتى بل الأرض! فجاء بلال يؤذنه بالصلاة فلما رآه يبكي، قال: يا رسول الله تبكي، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال : " أفلا أكون عبداً شكورا؟!... وبكى صلى الله عليه وسلم لما مات ابنه إبراهيم... وبكى لما مات عثمان بن مظعون... وبكى لما كسفت الشمس وصلى صلاة الكسوف وجعل يبكي في صلاته وكان يبكي أحيانا في صلاة الليل... وعن ثابت البناني عن مطرف عن أبيه قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ولجوفه أزيز كأزيز المرجل – يعني يبكي- .
بكاء الصحابة رضوان الله عليهم
فبذلك نرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان رقيق القلب، قوى الإحساس... وكذلك كان الصحابة من حوله، فعن أنس رضي الله عنه قال خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة ما سمعت مثلها قط فقال لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا فغطى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوههم ولهم خنين... وفي رواية بلغَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن أصحابه شيء فخطب فقال **عرضت عليَّ الجنة والنار فلم أرى كاليوم من الخير والشر ولو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا ً** فما أتى على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أشد منه غطوا رؤوسهم ولهم خنين وهو البكاء مع غنّة.
ا
وهذا لفاروق عمر بن الخطاب كان يرى خطان أسودان على وجهه من شدة البكاء وكما روى عنه أنه حينما قرأ في صلاة الفجر **إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ** بكى بكاءًا شديدا حتى سمع نشيجه من آخر الصفوف.
و كان عثمان إذا وقف على قبر يبكى حتى يبل لحيته! فقيل له: تذكر الجنة والنار فلا تبكي، وتبكي من هذا؟! فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال **إن القبر أول منزل من منازل الآخرة، فإن نجا منه، فما بعده أيسر منه، وإن لم ينج منه؛ فما بعده أشد منه**... وروى أن بلالاً رضي الله عنه ذهب إلى بلاد الشام بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وكان بلال يقول لم أطق أن أبقى في المدينة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وكان إذا أراد أن يؤذن إذا جاء بقوله: " أشهد أن محمداً رسول الله " تخنقه عبرته فيبكي رضي الله عنه فمضى إلى الشام وذهب مع المجاهدين ورجع بعد سنوات ثم دخل إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحان وقت الأذان فأذن بلال فبكى وأبكى الصحابة وبكت المدينة بعد انقطاعٍ طويل غاب فيه صوت مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتذكروا بلالاً وأذانه، وتذكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان بلال رضي الله عنه عند وفاته تبكي زوجته بجواره فيقول " لا تبكي غداً نلقى الأحبة محمداً وصحبه".
وهذا ابن عمر كان إذا قرأ **ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله** بكى حتى يغلبه البكاء وأُتي عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه يوما بطعامه فقال: قتل مصعب بن عمير وكان خيراً مني فلم يوجد له ما يكفن فيه إلا بردة وقتل حمزة وهو خير مني فلم يوجد له ما يكفن فيه إلا بردة لقد خشيت أن يكون قد عجلت لنا طيباتنا في حياتنا الدنيا ثم جعل يبكي.
الخلاصة
البكاء فلسفة خاصة تخص مشاعرنا وأحاسيسنا عندما تصل إلى ذروتها نحتاج فعلا للبكاء، وهو نعمـة من الخالق سبحانه وتعالى لتفريغ الشحنات السلبية أو لمحاكاة عميقة للنفس الخاشعة والمطمئنه ومواجهة يقف الشخص ضعيفاً أمامها وحينها فقط لا يجد سوى الدموع ليغسل بها هذه اللحظة.. فالرجل مخلوق كغيره والبكاء يريح النفس ويساعد الإنسان في التفريج عن مكنون نفسه سواء للمرأة أو للرجل فلقد رأيت رجال يبكون على أصغر الأمور ورأيت نساء لاتنزل الدمعة منهن في أصعب المواقف فعدم البكاء ليس معيار للرجولة والبكاء ليس معيار للنساء نسأل الله أن يرزقنا قلبا خاشعا ولسانا ذاكرا وعينا دامعة .