بحر زاخر من الرحمات
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله كما ينبغي لجلال وجه و عظيم سلطانه , و الصلاة و السلام على سيد الأنام و لمن أتبعه بإحسان
أما بعد
إنه بحر زاخر من الرحمات و فيض غزير من الحسنات رحمة و نور للعباد , قد سكنت بذكره الأرواح و أنار دروب الظلام إنها كلمات ليس كالكلمات إنها منبع الخير و الطريق إلى الجنات , أحرف قليلة هزت الأرواح و حركت الأشجان , ذكرت في المساجد و في الحروب و الخلوات , عند الهم و الأتراح فيها عزة الإسلام و شفاء لعلة الأبدان , قال تعالى : {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ }البقرة152 يقول الله تعالى : أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكرني ، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم ، وإن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا ، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا ، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 7405
خلاصة الدرجة:[صحيح] .
إنه ذكر الله مصدر كل راحة و كل عزة , فيا حسرة الإنسان الذي هجر الذكر و أصبح قلبه كالبيت الخرب و نفسه قد شغلت لغير ذكر الله فقسا قلبه و أظلمت بصيرته عن الحق لا تتحرك مشاعره لذكر الله ولا تفيض عينه دمعا و شوقا للقاه , قال الحسن البصري رحمه الله : تفقدوا حلاوة الإيمان في ثلاثة أشياء :
1- في الصلاة .
2- في الذكر .
3- و قراءة القرآن
فإن وجدتموه و إلا فأعلموا أن الباب مغلق , و قال أحد السلف : مساكين أهل الدنيا خرجوا منها وما ذاقوا أطيب ما فيها, قيل وما أطيب ما فيها ؟ قال : محبة الله و ذكره و معرفته , فكيف نرجو فرجا و أفراح و القلب تائها غافلا عن ذكر المنان ؟ و كيف الثمار نتحرى حصادها و النفس انشغلت بالشهوات و باعت الآخرة ببخس الأثمان و هدرت أوقاتها في الأيام الخاليات بأفعال مشينة و سلبت نقمة و حرمت العبد من الخيرات , إنه الله ملاذنا إذا انغلقت الأبواب و انقطعت الأسباب , و ضاق الصدر و تعسر الحال , فنجد بابه مفتوح إذا ألح العبد و طرق الباب و سبحه بحمده في الغدو و الآصال لا يسأم ولا يمل ولا ينسى , يتقرب لربه شوقا و لهفة و يأنس به ولا يشقى , فأين المحرومين عن ذكره الذين أشغلتهم مشاغل الحياة و صخبها و ضيعوا أيام طيبات الذي تسلو النفس بخالقها و تناجيه في الأسحار و في السجود , أين من أشتروا لهو الحديث ليضلوا عن سبيله ؟ , فهل عرفوا قدر الله و تذوقوا حبه و الأنس بذكره إنهم المحرومين , قال تعالى : {رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ }النور37
و جعلنا ممن يتبع الحديث أحسنة و آخر دعوانا الحمد لله رب العالمين .
م0ن