الشاعر الإيراني بادكوبه
آيدلوجية الحقد الفارسي وسيكولوجيته تجاه العرب
(1)
لم يكن الشاعر الإيراني مصطفى بادكوبه بدعاً من الشعب الإيراني أو الفارسي في حقده المتأصل ضد العرب. وليس هذا الحقد وليد أسباب موضوعية: قديمة أو عارضة يمكن معالجته بإزالة هذه الأسباب. إنه حقد متأصل في الطبيعة الجمعية لهذا الشعب نابع من سيكولوجية معقدة تسندها آيدلوجيا تصنع ثقافة مجتمعية راسخة لا أمل في علاجها أو زوالها يوماً من الأيام.
ما الذي نخس هذا الشاعر يوم الثلاثاء 29/3 في معدته حتى تقيأ كل هذا الروث ضد شعب اختاره الله تعالى فجعل منه خاتم أنبياءِه وخيرته من خلقه صلى الله عليه وسلم؟! فقال قصيدته تلك التي تسيء للذات الإلهية واصفاً العرب بأسوأ التعابير والألفاظ، في قصيدة بعنوان “إله العرب” ألقاها في حفل أقامته مؤسسة ثقافية حكومية في مدينة همدان غربي إيران أمام الكاميرات في برنامج تلفزيوني بثته قناة تابعة لدولة إيران (الإسلامية)!
أحد المشاركين في برنامج تلفزيوني حكومي قال: إن “العربية” هي لغة أهل الجنة. هذه كل حيثيات الجريمة التي أهاجت شهية بادكوبه لذلك الترويث، الذي جاء فيه:
"خذني إلى أسفل السافلين أيها الإله العربي شريطة أن لا أجد عربياً هناك". قال هذا يخاطب الله جل في علاه! ويرد عليه الحضور - وفيهم معممون بالعمامة السوداء – بالتصفيق! ثم يكمل: "أنا لست بحاجة لجنة الفردوس لأني وليد الحب، فجنة حور العين والغلمان هدية للعرب".
ويقول: "ألم تقل أنت إن الأعراب أشد كفراً ونفاقاً؟ فلماذا يثني السفهاء على العرب". ويقول: "إن كلام غاندي وأشعار هوغو أشرف من المزاعم العربية".
وختم قصيدته بقوله: "أقسم بك يا إلهي يا رب الحب أن تنقذ بلادي من البلاء العربي" وسط تصفيق الحضور الحار حتى وصفه أحدهم بأنه أسد الأدب الإيراني!
ومع هذا لم تجد صفاقته أي غضاضة في أن يقول في الوقت إنه لا يفرق بين أي قومية وأخرى!
وحتى لا يثير غضب العرب خصوصاً الأحوازيين في جنوب غرب إيران قال: إن هؤلاء "خوزيين تعلموا اللغة العربية وهم يعرفون أنهم إيرانيون وليسوا عرباً"!
دعونا نتوقف قليلاً عند هذا المشهد من خلال الدراسة التحليلية للنفسية الفارسية، لنرى هل هذا التصرف مسألة شخصية عارضة؟ أم هي - لدى شعوب إبران - ظاهرة اجتماعية راسخة[1].
عقدة الحقد
يتحدث الدكتور موسى الموسوي عن الخميني فيقول: (وإن من أهم الصفات السيئة التي يحملها هو حقده الدفين على كل من أساء إليه، ولو قبل نصف قرن، فهو لا ينسى الإساءة. ولا بد أن ينتقم لها عندما تسنح له الظروف. ولذلك نرى أنه أمر بإعدام علامة الوحيدي والدكتور جمشيد أعلم، وهما عضوان من أعضاء مجلس الشيوخ الإيراني في عهد الشاه من بين 60 عضواً آخر؛ لأنهما تطاولا في الكلام عليه في المجلس عندما كان يعارض حكم الشاه. أما سائر أعضاء مجلس الأعيان فلهم مطلق الحرية يسرحون ويمرحون في إيران)[2].
ومما يروى عن الخميني، عندما كان في النجف، أنه كان له جار عراقي. وفي يوم من الأيام - وبينما كان الأولاد يلعبون في الزقاق - ضرب ابن الجار العراقي ابناً لخميني كان يلعب معه. فحصلت مشكلة كبيرة. وأراد العراقي أن يرضي خميني بكل وسيلة فلم يفلح! وظل خميني مقاطعاً جاره رغم الوساطات العديدة للصلح بينهما، حتى خرج من العراق!
نعم..! الحقد داء، وعقدة متأصلة في نفسية الفارسي، لا يمكن لكيانه أن يقوم، ولا لوجوده أن يدوم من دونها! إنها القوة الضاغطة التي يستطيع بها تجميع عناصره المشتتة، ويسوقها باتجاه واحد. (الفارسي) غير قادر على جعل الحب قاعدة لانطلاقه في تعامله مع الآخرين؛ لأنه بذلك يفقد القابلية على تجميع تلك العناصر المشتتة في قبضة واحدة. يقول د. عماد عبد السلام: (لقد أدرك الفرس أن تحقيق سيطرتهم على عدد كبير من القوميات يفوقهم بعضها عددا وحضارة لا يكون إلا بإخضاعها إلى ضغط تحد خارجي، وإثارة شعور التوجس لديها من خلال خطر مـا يأتي من الخارج)([3]).
لهذا بات الحقد ضرورة لبقاء الفارسي على قمة الهرم في الهضبة الإيرانية، التي لا يتربع عليها إلا من سلك السلوك نفسه، واعتمد إثارة كل أمر يؤدي بشعوب الهضبة المتناثرة إلى أن تخاف وتحقد على الدوام حفاظاً على تماسكها تحت قاعدة الهرم. وما اللعن والطعن إلا تعبير عن هذه العقدة التي يغذونها برواية كل قبيح مخترع وإلصاقه بتاريخ الأمة ورموزها. ومن ذلك اختراع المآسي التي تعرض لها (أهل البيت) وتضخيمها، وإقامة مجالس التعزية والنواح على أولئك (المظلومين). وتأمل التناسب بين نفسية الفارسي المدمرة الحاقدة، وبين النار التي اشتهر بعبادتها من دون بقية قوى الطبيعة!
وعن طريق الحث والعدوى انتقلت هذه العقدة من المجتمع الإيراني إلى المجتمع الشيعي أينما كان: أفراداً وجماعات.
حقد مختص بالعرب
وإذا كان الفارسي وسليله الشيعي حاقداً بطبعه، فإن هذا الحقد يتوجه عنده تلقائياً - وبلا مقدمات - إلى العرب عامة، وإلى العراقيين منهم خاصة. ولذلك أسبابه الدافعة. أهمها أن عقدة النقص إنما تستثار – أشد ما تستثار – باتجاه العرب؛ لأنهم – في قوتهم الذاتية وتحضرهم العريق وتراثهم النبيل - يمثلون في خافيَّة أو لا شعور الفارسي النقيض التام المقابل للفرس في كل ذلك. ولأن العرب أكثر الأقوام فضلاً على الفرس، فإن عقدة نكران الجميل تكون أكثر انفعالاً وأثراً في انعكاسها بما يتناسب ودرجة الفضل السابق من العرب إليهم. من هنا نفهم عمق كلام د. عماد عبد السلام حين قال: (لقد تحول مركب النقص الحضاري هذا على مر العصور إلى عقيدة راسخة معادية لكل الحضارات العربية أو التي وجدت في الأرض العربية. بل انه تحول في اللاوعي الفارسي إلى نزعة عدوانية مدمرة لكل فكرة بل قيمة تأتي من هذا الاتجاه).
انظر ما يقول محمد الطوسي في (غيبته) ومحمد المجلسي في (بحاره) منسوباً زوراً إلى جعفر الصادق: (اتق العرب فإن لهم خبر سوء، أمَا إنه لم يخرج مع القائم منهم واحد)([4]).
وفي رواية للكليني: (ويل لطغاة العرب من أمر قد اقترب. قلت: جعلت فداك كم مع القائم من العرب؟ قال: نفر يسير. قلت: والله إن من يصف هذا الأمر منهم لكثير. قال لا بد للناس أن يمحصوا ويغربلـوا ويستخرج مع الغربال خلق كثير)([5]).
وانظر إلى شعوبية الكليني ذلك الحاقد الفارسي كيف يفتري على سيدنا جعفر بن محمد رحمه الله أنه يكفر أهل خيرة بقاع الأرض (مكة والمدينة والشام) فيقول: أهل الشام شر من أهل الروم وأهل المدينة شر من أهل مكة وأهل مكة يكفرون بالله جهرة[6].
وعن أحدهما (ع) قال: إن أهل مكة ليكفرون بالله جهرة ، وان أهل المدينة أخبث من أهل مكة، أخبث منهم سبعين ضعفاً[7].
ويفتري على محمد بن علي (الباقر) أنه قد كفر جميع الصحابة والتابعين وهم خيرة العرب فيقول: ارتد الناس إلا ثلاثة نفر: سلمان وأبو ذر والمقداد. وأناب الناس بعد: كان أول من أناب أبو ساسان وعمار وأبو عروة وشتيرة، فكانوا سبعة فلم يعرف حق أمير المؤمنين إلا هؤلاء السبعة[8].
وتأمل ما قاله ميرزا حسن الإحقاقي: (إن الصدمات التي واجهها كل من شعبي إيران والروم الكبيرين نتيجة لحملات المسلمين والمعاملة التي تلقوها من الأعراب البدائيين الذين لا علم لهم بروح الإسلام العظيمة, أورثت في نفوسهم نزعة صدود عن العرب, وشريعة العرب, فطبيعة سكان البادية الأوباش الخشنة، وذلك الخراب والدمار اللذين ألحقوهما بالمدن الجميلة, والأراضي العامرة في الشرق والغرب, وغارات عباد الشهوات العطاشى إلى عفة وناموس الدولتين الملكية والامبراطورية)[9].
وفي فلم شيعي عن معركة صفين مدموغاً بعلامة (شبكة أنصار الحسين)[10] يظهر عمرو وتحته مكتوب: (عمرو بن العاص لعنه الله)! أما عندما يظهر علي فمكتوب تحته: (السلام عليك يا قاتل صناديد العرب)!!!
واستمر هذا الحقد الفارسي ضد العرب يتأجج على مر العصور، لم تزده الأيام إلا عمقاً ورسوخاً! ومن أكثر الناس شعوراً بوجود وآثار هذا الحقد وإدراكاً لجذوره أشقاؤنا العرب الأحوازيون. وذلك بسبب معاناتهم الطويلة تحت الاحتلال الفارسي منذ أكثر من ثمانين سنة. يروي لي أحدهم فيقول: كنا من جنسيات متعددة نعمل في موانئ الكويت، منا العربي ومنا الفلبيني والهندي والباكستاني وغيرهم من الشعوب. وكان معنا إيرانيون أيضاً. فحين يحصل شجار بين إيراني وآخر من قومية أخرى، يتساءل العمال الإيرانيون؟ فإذا وجدوا الشجار حاصلاً مع هندي أو فلبيني، أو مع شخص من أي قوم كانوا سوى العرب، فإنهم لا يأبهون للأمر كثيراً. فإذا ما قيل: إن الشجار مع عربي تركوا كل شيء بأيديهم، وهبوا بالعشرات ينصرون صاحبهم الإيراني ضد العربي! وهم يتصايحون: (أرَب أرب)! - بترقيق الباء - أي عرب عرب.
وتأمل هذا النص المقتطع من كتاب (روضات الجنات) لأحد كبار دجاجلة علماء الشيعة وهو الخوانساري: كيف يتفجر حقداً على بغداد عاصمة الخلافة العربية الإسلامية. قال هذا الدجال الشيعي الحاقد في معرض ترجمته للّعين الخواجة نصير الطوسي: (ومن جملة أمره المشهور المعروف المنقول حكاية استيزاره للسلطان المحتشم في محروسة إيران هولاكو خان بن تولي خان بن جنكيز خان من عظماء سلاطين التاتارية وأتراك المغول، ومجيئه في موكب السلطان المؤيد مع كمال الاستعداد إلى دار السلام بغداد لإرشاد العباد وإصلاح البلاد، وقطع دابر سلسلة البغي والفساد، وإخماد نائرة الجور والإلباس، بإبادة دائرة ملك بني العباس، وإيقاع القتل العام من أتباع أولئك الطغام، إلى أن أسال من دمائهم الأقذار كأمثال الأنهار ، فانهار بها في ماء دجلة، ومنها إلى نار جهنم، دار البوار، ومحل الأشقياء والأشرار)[11].
5/4/2011
ــــــــــــــــــــــ
1- التشيع عقيدة دينية أم عقدة نفسية؟ لكاتب المقال.
2- الأستاذ الخميني في الميزان ، ص6 ، د. موسى الموسوي.
3- مقدمة كتاب الصراع العراقي الفارسي.
4- الغيبة للطوسي ، ص476 . وبحار الأنوار للمجلسي ، 52/333 .
5- أصول الكافي 1/370 .
6- أيضاً ، 2/409 .
7- أيضاً: 2/410.
8- أيضاً: 2/244.
9- رسالة الإيمان ، ص 323 ، ميرزا حسن الحائري الإحقاقي ، مكتبة الصادق ، الكويت ، الطبعة الثانية ، 1412.
10- منقولاً عن موقع الفرقان
11- روضات الجنات ، ج6 ص279، الدار الإسلامية, الطبعة الأولى ، بيروت 1411هـ , 1991م.
قناة العربية نشرت خبر إلقاء القصيدة أضغط هنا