نقد خطبة غزوة الأحزاب
الخطيب صالح آل طالب وموضوع الخطبة هو الحرب التى أسماها الله قتال الأحزاب وقد استهل الطالب حديثه بالوصية الجامعة وهى تقوى الله فقال:
"أمّا بعد:
فوصيّةُ الله للأوّلين والآخرين تقواه: وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنْ اتَّقُوا اللَّهَ [النساء: 131]، ألا وإنّ خيرَ الزاد التقوى، وإنّ الدنيا ممرّ، وإن الآخرة هي دار المستقرّ، فتزوَّدوا لمقرِّكم من ممرِّكم، ومن خاف أدلج، ومن أدلجَ بلغَ المنزِل، ألا إن سلعةَ الله غالية، ألا إنّ سلعة الله الجنة، فحاسبوا أنفسَكم قبل أن تحاسَبوا وتأهَّبوا للعَرض الأكبر على الله، يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ [الحاقة: 18]."
وتحدث عما يحدث فى عصرنا من ضعف الأمة وانكسارها فقال:
"وبعد: أيّها المسلمون، في زمنِ الضّعف والانكسار وحينما يشتدّ على الأمّة الحصار، حين تدلهمّ الخطوب وتشتدّ الكروب قد تتضعضع القلوب حتى يقول المؤمنون: متى نصر الله؟ وإنّ هذه الحالَ الشديدة أقربُ ما تكون انطباقًا على حال المسلمين اليَومَ وقد عصفت بهم المحَن وأحاطت بهم الفِتن، في هذه الأوقات ما أحوجَ المسلمين إلى مراجعةِ أحوالهم والترتيب لحسنِ مآلهم، ما أحوجَنا إلى أسبابِ الثبات وما يُمسِّكنا بدينِنا حتى الممات، فتلك سنّة الله مع رسولِه والصحبِ الكرام، حين تشتدّ بالنبي وصحبِه الكربات يثبِّته ربُّ الأرض والسماوات بما شاء من أسباب الثّبات، ومن ذلك سِيَر الأنبياء والمرسَلين وقَصَص الأوّلين والآخرين وخَبر العواقِبِ الحسنى للمتقين، وَكُلاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ [هود: 120]."
وكالعادة استهل الحديث عن غزوة أو قتال الأحزاب بما رواه القوم فى كتب الحديث والسيرة مع أن عناك سورة تناولت الحرب فى صفحتين تقريبا فى كتاب الله فقال:
"أيّها المسلمون، واقتداءً بهذا السَّنن الإلهيّ نعرض اليومَ إلى ذكر واقعةٍ شديدةٍ على المسلمين وأيّامٍ عصيبة مرّت بالنبيّ والمؤمنين، كانت عاقبتها نصرًا وتمكينًا بعد أن امتحَن الله القلوبَ وميّز المؤمنين من المنافقين، إنها غزوةُ الخندق التي سمّاها الله تعالى بالأحزاب وأنزل فيها سورةً تُتَلى إلى يومِ الدين والمآب.
لقد وقعَت في مثل هذا الشّهر في شوال سنة خمسٍ للهجرة، وذلك أنّ نفرًا من يهودِ بني النضير سعَوا كما هي عادَة اليهود، فخرجوا لمكّةَ واجتمعوا بأشرافِ قريش، وألَّبوهم على حربِ النبي ، ووعدوهم بالنّصر والإعانة، فأجابوهم لذلك، ثمّ خرجوا إلى غطفان فدعوهم وأَغرَوهم، فاستجابوا لهم أيضًا، وخرَجت قريش في أحابِيشِها ومن تابَعها من أهلِ تِهامة وغيرهم، وكذا غطفان، والجميع يفوقون عشرةَ آلاف، وحاصَروا المسلمين مِن نواحي المدينة، واستشار النبيّ أصحابَه، فأشار سلمان الفارسيّ رضي الله عنه بحفرِ الخندَق، فقبِل النبيّ مشورَتَه، وقرَّر المسلمون التحصُّنَ في المدينةِ والدفاعَ عنها، وأمَر النبيّ بحفرِ الخندق في السّهل الواقع شمالَ غربِ المدينة، وهو الجانِب المكشوف، وقسَم النبيّ الخندقَ بين أصحابه لكلّ عشرةٍ منهم أربعون ذراعًا، وطوله قريبٌ من خمسةِ آلاف ذِراع، وعمل النبيّ مع أصحابِه في حفرِ الخندق، ودأب فيه ودأبوا في بردٍ شديد وجوعٍ عتيد"
وكل الأحداث التى ذكرتها كتب الحديث وكتب السيرة لا يوجد منها أى حادثة ذكرها الله فى كتابه فلا وجود للخندق
والرجل لو نظر فى كلامه لأيقن أن كلام تلك الكتب كذب لأن المسافة المحفورة أكثر من 2 كم ولو عمل فيها ألف وثلاثمائة تقريبا = 1250 صحابى حيث لكل واحد حوالى 2 متر تقريبا وبعمق أربع أذرع فى عرض 10 أذرع مثلا سيقوم كل واحد بحفر أكثر من 20 متر مكعب وهو أمر يستغرق أياما فى حالة الجوع التى يقال أنهم كانوا فيها
المهم أن الخندق كان فى جهة واحدة حسب كلام الروايات وهو ما يناقض أن الهجوم كان من جهتين كما قال تعالى:
"إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم"
ثم ذكر الطالب روايات أخرى فقال :
"يقول أبو طلحة رضي الله عنه: شكَونا إلى رسول الله الجوعَ ورفعنا عن بطونِنا عن حجرٍ حَجر، فرفع رسول الله عن بطنِه حجَرين، ومع ذلك كانوا صابرين ثابتين يحمَدون الله ويذكرونه ويرتجزون، عن أنس رضي الله عنه قال: خرج رسول الله إلى الخندق فإذا المهاجرون والأنصارُ يحفرون في غداةٍ باردة، فلمّا رأى ما بهم من النصب والجوع قال:
((اللهمّ إنّ العيش عيشُ الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة))
فقالوا مجيبين له:
نحن الذين بايعوا محمّدًا على الجهادِ ما بقينا أبدًا
رواه البخاري ومسلم. وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: كان النبيّ ينقل الترابَ يومَ الخندق حتى اغبرَّ بطنه متفق عليه. وفي الصحيحين عنه رضي الله عنه أنّ النبيَّ كان يرتجِز بكلماتِ ابنِ رواحة وهو ينقل الترابَ يقول:
((والله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدّقنا ولا صلّينا
فأنزِلَن سكينةً علينا وثبِّت الأقدامَ إن لاقَينا
إنّ الأُلى قد بَغَوا علينا إذا أرادوا فتنةً أبَينا))
يمدّ صوته بآخرها.
وقد ظهرَت المعجِزات في حفرِ الخندق، منها ما جاءَ في الصحيحين أن جابرَ بنَ عبد الله رضي الله عنه لما رأى ما بالنّبيّ من الجوعِ والخَمصِ الشّديد صنع طعامًا يكفِي لبضعةِ نفر ودعا النبيَّ إليه، عند ذلك نادَى النبيّ أهلَ الخندق: ((ألا إنّ جابرًا قد صنع سورًا))، وقال: ((ادخلوا ولا تضاغَطوا))، فأكَلوا كلُّهم حتى شبِعوا والطعامُ على حاله ولم ينقص، جاء في بعض الروايات في غير الصّحيحين أنهم كانوا قريبًا من ألفِ رجل."
وكما سبق القول حكايات الخندق لا وجود لها فى كتاب الله وهل ينسى الله الحدث ألأعظم فى الغزوة؟
قطعا هذا محال لأن حسب القرآن لم يكن هناك أى قتال ليس بسبب الخندق المرئى المشاهد حسب الروايات وإنما بسبب الريح وجنود غير مرئية كما قال تعالى :
"يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها"
إذا الخندق المزعوم الذى لا وجود له لم يكن سبب نجاة القوم ولم يكن سبب منع القتال ومع هذا تصر الروايات على تكذيب القرآن ويستمر الطالب فى سردها فيقول:
"وعرضت للمسلين صَخرة عظيمةٌ شديدة لا تأخذ فيها المعَاوِل، فأتى إليها النبيّ وسمّى الله وضربها ثلاث ضربات، فعادت كثيبًا أهيَل وقال: ((الله أكبر، أُعطيتُ مفاتيحَ الشام، كأني أنظر إلى قصورها الحمراء. الله أكبر، أُعطيت مفاتيحَ فارس، والله إني لأبصِر قصرَ المدائن الأبيض. الله أكبر، أُعطيتُ مفاتيحَ اليمن، والله إني لأبصِر أبوابَ صنعاء من مكاني الساعةَ)). هذا والمسلمون في شكٍّ من حياتهم، قد عضَّهم الجوع وآذاهم البَرد وأحاط بهم العدوّ ونجم النِّفاقُ حتى قال بعض المنافقين: ألا ترونَ إلى محمّد يدّعِي أنه يُعطَى ملكَ فارس والروم وأحدُنا لا يأمَن على نفسه أن يذهبَ إلى الغائط، وذلك حين يقول الله عز وجل: وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُورًا [الأحزاب: 12]."
والرواية كاذية لم تحدث سواء كان الخندق أو الصخرة أو الغيب الذى علمه النبى(ص) الذى لم يكن هو قطعا هو القائل لأنه لا يعرف الغيب كما قال الله على لسانه:
" ولا أعلم الغيب"
وقال :
" لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسنى السوء"
وقال :
"وما أدرى ما يفعل بى ولا بكم"
وقال الطالب :
وجاء المشركون، فنزلوا شرقيَّ المدينة قريبًا من أحُد، ونزلت طائفةٌ منهم في أعالي أرضِ المدينة كما قال تعالى: إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ [الأحزاب: 10]: من أعلى الوادي من المشرِق، ومن بَطن الوادي من قِبَل المغرب، وخرج رسول الله ومن معَه من المسلمين فأسنَدوا ظهورَهم على سَلع ووجوهَهم نحو العدوّ، بينهم الخندَق، وجعل النساءَ والذراري في آطامِ المدينة، وكانت بنو قريظَة ـ وهم طائفةٌ من اليهود ـ لهم حِصن شرقيّ المدينة، وبينهم وبين النبيّ عهدٌ وذمّة، وهم قريبٌ من ثمانمائَة مقاتل، وقد أمِنهم النبيّ في جانِب المدينة، فسعى إليهم حُييّ بن أخطب اليهوديّ، فلم يزل بهم حتى نقَضوا العهدَ، ومالؤوا الأحزابَ على حربِ النبي وصحبِه واستئصال شأفتِهم، فعظُم الخطب، واشتدَّ الكرب، وضاق الحال بالمسلمين، وزاد الخوف على الأنفس وعلى النساءِ والذراري في المدينة، إذ يصوّر الله تعالى موقفَهم بقوله: إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتْ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَ هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيدًا [الأحزاب: 10، 11]."
وهذا الكلام الذى يحاول صالح ربطه ببعض لا يستقيم مع القرآن فكلامه يتحدث عن نزول الكفار فى وادى له شرق وغرب وليس من جانبين من المدينة وهناك فرق أن تكون فى شرق المدينة وغربيها وأن تكون فى وادى له جهتين الشرق والغرب فى الشرق والمدينة ليست فى وادى لأن صالح ذكر جبل سلع والجبال لا تقع فى أودية
وتحدث عن صبر المسلمين فقال:
واستمرَّ الحال قريبًا من الشّهر، واستأذَن المنافقون وخذَّلوا وتسلَّلوا هربًا من هذه الحال، وثبّت الله المؤمنين بعدَ أن ابتلاهم وعلِمَ صدقَ إيمانهم، وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا [الأحزاب: 22] أي: إيمانًا بالله واستسلامًا وانقيادًا لأمرِه وطاعةً لرسوله، وهذا هو حال المؤمنين الصادقين الموعودِين بالنصر، لا تزيدهم الشدائدُ إلاّ إيمانًا وازديادًا في الطّاعات وتمسُّكًا بأمرِ الله وحُكمِه وتشبُّثًا بدينهِ حتى يلقَوا ربَّهم، فليس النّصر هو السلامةُ والدَّعَة والمتاع بزُخرُف الدّنيا ولو في حمأةِ المهانة، بل النّصر هو الثباتُ على المبادِئ وعجزُ العدوّ عن سَلبِ المؤمِنِ دينَه وإن آذاه في بدنه أو ماله."
وتستمر الروايات فى كذبها وجعلها النبى (ص) جاهل بأحكام الله حيث سيدفع الجزية لغطفان لفك الحصار وفى هذا قال صالح:
"لقد عظُم البلاء بالمسلِمين حتى همَّ النبيّ أن يُصالحَ غطفانَ على ثلث ثمارِ المدينة ويرجعوا شَفقةً بحال المسلمين، واستشارَ في ذلك السيِّدَين سعدَ بنَ معاذ وسعد بنَ عُبادة رضي الله عنهما، فقالا: يا رسولَ الله، قد كنّا نحن وهؤلاء على الشّرك وعبادةِ الأوثان، لا نعبدُ الله ولا نعرِفه، وهم لا يطعَمون منها ثَمَرةً إلا بيعًا أو قِرى، أفحِين أكرَمنا الله بالإسلام وهدانا إليه وأعزَّنا بك وبه نعطيهم أموالنا؟! والله ما لنا بهذا من حاجةٍ، والله لا نعطِيهم إلا السيفَ حتى يحكمَ الله بيننا وبينهم، ففرِح النبيّ بذلك لما رأى من الثباتِ والاستقامة والصمود والإباء."
الغريب فى الروايات أن من ينزل عليه الوحى الرواية تجعله عاص لله مكذب بحكم الله فى دفع الكفار الجزية لدولة المسلمين والصحابة هم من يقومون بتقويمه وعدل سلوكه وهو كلام لا يصدقه سوى الجهلة الذين يحطون من مكانة النبى(ص)
الغريب فى أمر الرواية أنها تقول أنه هم فكيف علم القوم بما فى نفس النبى(ص) وهم لم يخرج منها فناصحوه واعترضوا على همه الذى لم يخرج من نفسه ؟
وتحدث الرجل عن سبب أخر غير الخندق لم يذكره الله فى كتابه من أسباب انتصار المسلمين وهو اسلام نعيم الغطفانى الذى أوقع الخلاف بين الأحزاب فقال :
"أيّها المسلمون، وفي خِضَمّ هذه الابتلاءات وفي قلبِ الحِصارات جاءَ نصر الله من فوقِ سبع سماوات، وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا [الأحزاب: 25]، وقد جاء نُعيم بن مسعود الغطفاني رضي الله عنه إلى النبيِّ مسلمًا، ثم رجَع بين الأحزاب مخذِّلاً لهم، وقد نفع الله به نفعًا عظيمًا وهو حديثُ عهدٍ بالإسلام، ولكن المؤمِن يعمل لله في كلِّ حال بما يستطيع ولو كان وحيدًا، ثم بعث الله تعالى ريحًا شديدة في ليلةٍ شاتية باردة مظلِمة، فجعلت تقلِب القدورَ وتطرح الأبنيةَ وتقلب عليهم الحِجارة، ورسول الله قائمٌ يصلّي، يقول حذيفة رضي الله عنه كما عند الحاكم والبيهقي: لقد رأيتُنا ليلةَ الأحزاب وأبو سفيان والأحزاب فوقَنا وقريظةُ اليهود أسفَل منّا، نخافهم على ذرارِينا، وما أتَت علينا قطّ ليلةٌ أشدّ منها ظلمةً ولا أشدّ ريحًا، في أصواتِ ريحها أمثالُ الصواعق، وهي ظلمةٌ ما يرى أحدُنا أصبعَه ـ إلى أن قال: ـ فسمعتُ المشركينَ يقولون: الرحيلَ الرحيلَ لا مُقام لكم، وإذا الريحُ في عسكرهم، فوالله إني لأسمع صوتَ الحجارة في رحالهم وفُرشِهم، والرّيح تضربهم بها، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا [الأحزاب: 9]."
وكل هذه الروايات كاذبة تكذب كلام الله فى كون سبب النصر الريح والجنود غير المرئية فهل كان نعيم هذا عير مرئى أو غير مشاهد كما قال تعالى :
"يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها"
وذكر الرجل رواية أخرى تؤكد علم النبى(ص) بالغيب فقال :
"وتفرّق الأحزاب، وعادَت قريش كما عادَت غطفان لم ينالوا خيرًا، كما انقلَب اليهودُ بخيانَتِهم وخَيبتهم، وقال النبيّ : ((لن تغزوَكم قريش بعد عامكم هذا، ولكنّكم تغزونهم)) رواه أحمد بإسناد صحيح، ولفظ البخاريّ: ((الآن نغزوهم ولا يغزونا))، وهكذا كان حتى فتَح الله مكّةَ."
وهو كلام يتناقض مع أنه لا يعلم الغيب سوى الله
ثم قص علينا دعاء النبى(ص) على الأحزاب فقال :
"وفي الصحيحين أنّ النبيّ كان يدعو ويقول: ((اللهمّ منزِلَ الكتابِ سريع الحساب اهزِم الأحزابَ، اللهمّ اهزِمهم وزلزلهم))، وفي الصحيحين أيضًا أنّ النبيَّ كان يقول فيما بعد: ((لا إله إلا الله وحدَه، صدق وعدَه، ونصر عبدَه، وأعزَّ جندَه، وهزم الأحزابَ وحدَه، فلا شيء بعدَه))."
الغريب فى الرواية الأخيرة أنها تكذب كل الروايات السابقة فى وجود الخندق ووجود نعيم كأسباب للانتصار فى جملة" وهزم الأحزابَ وحدَه"
وحكى التالى :
"ولما رجع النبيّ إلى المدينة ووضَع السلاحَ ليغتسل مِن وعثاءِ تلك المرابطة جاءه جبريل عليه السلام وقال: إنّ الملائكةَ لم تضع أسلحَتَها، وأمرَه بالمسير إلى بني قُريظة، فسار إليهم وحاصَرهم، ثم أنزلهم على حُكمِ سيِّد الأوس سعدِ بن معاذ رضي الله عنه، فلم تأخذه في الله لومَةُ لائم، وحكم فيهم بحكم الله بقتلِ مقاتِلَتِهم وسبي ذراريهم، فضُربت أعناقُ الخَوَنة، وانتصَرَ الله لدينه وأوليائِه، وذلك حين يقول المولى عز وجل: وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ أي: من حصونهم وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمْ الرُّعْبَ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمْ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا [الأحزاب: 26، 26]"
والرواية السابقة كاذبة حيث أن النبى(ص) جهلوه هنا جاهلا فنزل على حكم سعد ولم ينفذ حكم الله وهو كلام لا يصدقه مسلم
الرواية لم تحدث لأن حكم الله ليس فيه سبى لأن الحكم هو المن أو الفداء فالمن اطلاق سرا الأسرى بلا مقابل والافتداء هو دفعه الكفار المال مقابل إطلاق سراحهم وليس فى حكم الله قتل لمن استسلموا وفى هذا قال تعالى :
"فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثختنموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها"
وتحدث صالح عن الدروس والعبر من الغزوة فقال:
"أمّا بعد: أيّها المسلمون، لقد كان في غزوةِ الأحزاب وأيّامِ الخندَق حِكَم وعِبر، ينبغي للمسلمين أن يعوها ويحتذوها، وقد قال الله تعالى في ثنايا ذكرِ أحداثها: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا [الأحزاب: 21].
وسنّة الله جاريةٌ قديمًا وحديثًا، وغربة الدين وضَعف المسلمين لا ينبغي بحالٍ أن تقودَ إلى الإحباط وخَور النّفوس، بل يجب أن يكونَ دافعًا للصبر والبذل والثّبات حتى يأذَنَ الله تعالى بالفَرَج.
ومِن مقامَاتِ العبودية التي يجب أن تُذكَى الصبرُ والمصابرة والمرابَطَة والثبات واليقينُ والدعاء والاحتساب والقِيام بأمر الله والإيمانُ بالقضاء وإدراك سنّة الابتلاء وصيانة الدين، وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ [يوسف: 21]."
والعجيب فى أمر حرب الأحزاب أن يسميها أصحاب السير والمغازى غزوة والمعروف أن الغزوة هجومية وهى رد للعدوان بينما حرب الأحزاب مختلفة لأن الغازى كان الكفار وليس المسلمين وقد ارتبطت الكلمة باستيلاء المسلمين على أرض غيرهم