أنا مدينة لأعدائي
حين أقول ( مدينة لأعدائي ) فلست أعني أنني مساحة من الأرض يقيم فوقها
أعدائي مبانيهم وأرواحهم ..!!!
ولكنني أعني بمدينة هو الإحساس بالامتنان والشكر...
في تحقيق صحفي طرحته «الرياض» منذ أيام حول قدرة البعض على التسامح والغفران ، وإخفاق البعض الآخر فيه
هل هو فعلا قدرة خاصة بفئة من الناس والتي تعنيها الآية الكريمة « وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات
والأرض أعدت للمتقين ، الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين»
أم أنه تدريب وقناعة يستطيع الجميع القيام بهما؟
تفاوتت آراء الناس في هذا الموضوع كثيراً فمنهم من يفتح باب التسامح على مصراعيه ومنهم
من يغلقه بلا أي تردد أو ندم ..
دفعني هذا الموضوع إلى منحى آخر أتدرون ما هو ؟
قيمة الأعداء أو المخطئين في حياتنا ..
قيمة الذين ظلمونا أو جحدوا ودنا يوماً أو هجروه أو أساءوا إليه ..
لا أقصد قيمتهم الشخصية فهذه القيمة بلا شك عالية جداً وإلاّ لما التفتنا لها أصلاً ، ولما أجهدتنا معاناة فقدهم أو أخطائهم نحونا ..
ولكن أقصد فائدتهم التي نبعت من أخطائهم تجاهنا والتي قد لا ندركها في نفس وقت حدوث الصدمة .. صدمتنا بهم أو عليهم ..
إننا ندرك ما لجروحهم لنا من فضل كبير بعد مرور الزمن على ذلك الحدث.
نعم إنهم أصحاب فضل .. لولاهم لما عرفنا أن للحياة وجهاً آخر
لولاهم لما توقفنا ننظر إلى أنفسنا بعين الرحمة .. نعم الرحمة .. تلك الطبيعة البشرية الراقية والتي قد لا تكون للأسف صفة
سائدة حتى في العنصر البشري ..!!
لولاهم لما أوقفنا نزيف العطاء القاتل ... !
عطاء قاتل !!؟ هل هناك عطاء قاتل ؟!
نعم لدى البعض عطاء قاتل ينتهي بانتهاء آخر قطرة من دماء الهدر العاطفي المميت ، ولكننا اتفقنا أن للمعاناة جانبا إيجابيا ؛
وللألم زاوية مريحة وهؤلاء الذين أساءوا لنا هم في الواقع ساعدونا على أن نرى وجه القمر الآخر الذي قد ينساه الوعي
وتغفله العيون حين يبهرها سطوع نوره ذات مساء .. حقيقة واقعية وليست مجرد مخدر.. كل من أخطأوا في حقنا أفادونا
بشكل أو بآخر .. شكراً لهم من الأعماق.
م/ن